«تذكار الجنرال مود» لضياء جبيلي عن دار «وراقون»
بعد أن أنجز أكثر من عمل روائي خلال السنوات الماضية وفوز روايته "لعنة ماركيز" بجائزة دبي، صدرت للروائي البصري ضياء جبيلي عمله الجديد "تذكار الجنرال مود"، عن دار وراقون في مدينة البصرة.
يستدعي جبيلي في روايته عوالم مدينة البصرة خلال ثلاثة حروب وحصار مدمر، بطريقة جذبت إليها حكايات سومرية فرعية يرويها "السيد انقلاب" امتزج فيها الواقعي بالفنطازي لتنتج نوعاً من السرد الروائي الذي يفترض عالماً سحرياً مجاوراً لنص آخر يرويه شخص عبر رسائل يكتبها لسمكة قرش يظن أنها افترست صديقه..
ويجد القارئ في هذا العمل البصرة بوصفها البحر والمرفأ والمنفذ الذي تندلع منه شرارات الحروب والثورات، والمكان الذي يبصره الجنرالات من بعيد ويُنظر إليه الغرباء كبرميل نفط عملاق.
عناوين متفردة
لا يختلف عنوان هذه الرواية عن عناوين جبيلي السابقة، فغالباً ما يشتغل على تفرّد خاص في أسماء كتبه، بدءاً من "لعنة ماركيز"،
ومن ثمَّ "وجه فيسنت القبيح" و"بوغيز العجيب"، ويرى جبيلي في حديث خاص ل"الصباح" أن العناوين عادة تأتي نتاجاً لقراءات وتأثيرات معرفية ووعي مسبق بما يمكن أن يلفت نظر القارئ ويشجعه على اقتناء الكتاب، وهو تلميح أولي عما يريد الروائي قوله، "لكن (تذكار الجنرال مود) هنا، إضافة إلى ما سبق ذكره، جاء كمحاولة، الغاية منها جعل القارئ منحازاً لقراءة مختلفة إذا ما جذبه العنوان في النهاية، وبالتالي أردت أن يكون لهذا القارئ فكرة عما سيقرؤه، ثم العمل على إحداث نوع من المفاجأة والإثارة فيما بعد، حين يكون هناك كم هائل من المعرفة والاشتغالات على ثيمات لم يلمح لها العنوان منذ البداية أو ربما أخفاها".لا يعترف جبيلي بموضوع رئيس في الرواية، لكنه يشير إلى أن هناك مهيمنات تعنى بسرد تفاصيل عدة أزمان في فضاء واحد، مستفيدة بذلك من تقنيات ما بعد حداثية، وبناء حكائي يحوم حول ثيمات قد يبدو بعضها غريباً، لكنه مهم في طرح ما يمكن طرحه من وقائع معنية بما حدث ويحدث، وبطريقة أو أكثر من تقنية من شأنها إضاءة وتقديم سرد اختلط فيه الواقعي بالغرائبي ليعبر في النهاية عن مسائل وقضايا كبيرة ومهمة.
البصرة...مدينة سرد
لكن بيئة الرواية الرئيسة، والمكان الذي سردت فيه الأحداث، البصرة. تلك المدينة التي لم يرتبط كتاب: شعراء قصاصون وروائيون، بمدينتهم، مثلما ارتبط الكتاب البصريون بها، فهي من جهة نظر جبيلي مدينة سرد كما هي مدينة شعر. "يمكنك أن تتخيل كم مرة عليك أن تقرأ تاريخها لكي تهضم أنها مدينة غير عادية، قد تخرج من الكثير من الحكايات لتعبر عن هجنتها وغرابتها، ثم تنظر حولك فجأة لتنفي ذلك، كمن يستفيق من رؤيا، أو ربما لا تفعل ذلك، إنما تستعيد ما حدث لتعزو أسباب المثل القائل "بعد خراب البصرة" إلى الأنظمة والحكام والمحتلين والطغاة والغزاة، ثم تعود لتؤكد أنها مدينة إشكالية.. مدينة خيال ورواة وأحداث جسيمة".
ثيمات حلمية
وفيما إذا كانت هناك فضاءات أخرى أدخل جبيلي فيها أماكنه التي يحلم، أفاد بأن هناك حكايات تربط المدينة ميثيولوجياً بالحلم عبر ثيمات حلمية أو ربما كابوسية غريبة تهبط على المدينة لتكوّن فضاء لا يقل أهمية عما يجري في الوقت الحاضر.خلال السنوات الماضية قدَّم جبيلي كتابات في أجناس مختلفة، فهو يكتب القصة القصيرة، ونشر عدداً منها عراقياً وعربياً، لكنه أيضاً يعشق الشعر، قراءة وكتابة، فالحياة لديه لا يمكن أن تخرج عن جملة شعرية يتلذذ القارئ والمستمع بنسائمها ويتنشق حروفها.الرواية تقع بـ232 صفحة من القطع المتوسط، وقد كان الغلاف من تصميم الفنان العراقي صدام الجميلي.ويشار إلى أن ضياء جبيلي من مواليد البصرة في العام 1977.