كشف ديوان الرقابة المالية ان بداية العام المقبل ستشهد كشف تقارير رقابية وصفها بالمثيرة على غرار ما ظهر في قضية الفساد المالي في وزارة التجارة، في حين نفى امتلاكه رقما محددا عن حجم الفساد المالي والهدر بالمال العام للمدة من عام 2003 وحتى الان، فيما اكد ان مشروع تعديل قانون الرقابة المالية الجديد المعروض في مجلس النواب المتوقع اقراره قبل نهاية العام الحالي(2009)، سيمنح محققي الديوان سلطة التحقيق مع المخالفين.
وقال رئيس ديوان الرقابة المالية الدكتور عبد الباسط تركي في لقاء خاص مع "الصباح": ان العام المقبل سيشهد اظهار تقارير رقابية عن اداء الجهات الحكومية كافة وصفها بالمثيرة، على غرار ما ظهر في قضية الفساد المالي في وزارة التجارة، منوها بان جزءا كبيرا من المناقشات والحجج والارقام الدقيقة التي دارت خلال جلسات مجلس النواب، تم استقاؤها من تقارير الرقابة المالية.وأضاف ان اغلب الملاحظات التي سجلت بشأن اداء وزارة التجارة بعدم عملها ضمن خطة استيرادية محددة او عدم تفعيل اعتمادات مالية فتحت خارج العراق او مخالفات بشأن التعامل النقدي، لا تؤشر فسادا ماليا يقتضي الاحالة او العزل من الوظيفة، بيد ان هنالك اشياء وصفها بأنها اكبر بكثير جرى الاستناد عليها في هذه القضية، موضحا ان المناقشات التي دارت ضمن قضية وزير التجارة السابق كانت تدور حول اثبات "الفساد في الاداء" و"استغلال الوزير لمنصبه بتحقيق ارباح مالية"، فيما تدور تقارير الديوان حول جعل المؤسسة تعمل بشكل قانوني متكامل. الدكتور تركي بين ان اغلب القضايا التي اثيرت في القضاء لاحقا، كانت تستند بشكل كبير على تقارير الرقابة المالية وخاصة ملف وزارة الدفاع بداية عام 2005 وعقود وزارة الكهرباء خلال عامي 2004 و 2005، فضلا عن تقارير لاحقة بشأن اداء المفوضية العليا للانتخابات وعمل البطاقة التموينية، معتبرا ان قضية الايرادات المالية لوزارة التجارة هي اكثر اثارة خلال المدة الماضية، نافيا وجود اية قضية او ملف فساد "صعب التعامل" امام الهيئات الرقابية للديوان.وأكد ان الديوان لم يكن طرفا في اي قضية عامة يثيرها القضاء، بسبب عدم امتلاكه صلاحية التحقيق او الاحالة الى القضاء، حيث انه مخول باحالة ملفات الفساد الى هيئة النزاهة او مكاتب المفتشين العموميين ضمن الوزارات التابعة لها يتم التصرف بها من خلالها حصرا.
رئيس ديوان الرقابة المالية اكد ان الديوان لا يمتلك رقما محددا او حتى تصورا كاملا مستندا الى احصائية عن حجم الفساد والهدر بالمال العام للمدة من عام 2003 وحتى الان، مستدركا ان الرقم الوحيد الذي يمتلكه وهو ثمانية مليارات و800 مليون دولار التي وصفها بأنها "هدرت او صرفت بطرق غير اصولية" يعود الى تقرير صدر عن المفتش العام خلال مدة الحاكم المدني الاميركي بول بريمر، نافيا امتلاكه اي رقم عن حجم الفساد خلال المدة التي اعقبت نقل السيادة بعد حزيران عام 2004.
وعد الانباء التي تحدثت عن هدر ما يقرب من 250 مليار دولار خلال السنوات الست الماضية، بأنها عارية عن الصحة، مشددا بالقول على ان مجموع ايرادات العراق خلال تلك المدة لم يصل اصلا الـى ذلك الرقم.
وتابع الدكتور تركي حديثه بهذا السياق قائلا: ان الاستدلال الى وقائع معينة قد يقدم تصورا بشأن قضايا الفساد والهدر المالي، مستشهدا بأمثلة تم التحقيق فيها من قضايا بواسطة اجهزة الديوان الرقابية ومنها قضية وزارة الدفاع وعقودها عام 2005 وكانت بحدود مليار و250 مليون دولار، اضافة الى عقود لاحقة في وزارة الكهرباء وبعض عقود وزارة التجارة، وهي بأرقام مقاربة حسب وصفه.
رئيس ديوان الرقابة المالية اوضح اليات التعامل مع حالات الهدر بالمال العام، بالقول ان عمل الديوان كان يعتمد خلال المدة الماضية على تأشير الملاحظة باتجاه الخطأ، فيما يعمل بالوقت الحالي على تحميل متخذ القرار مسؤولية الصرف خارج صلاحياته او تخصيصاته، في حال تلمس مبالغة بالصرف او المشتريات، مؤكدا ان الديوان يدقق حتى بالايفادات الرسمية للوزراء ومن هم بدرجتهم بعد عودتهم، مشيرا الى ان سياسة الديوان خلال المرحلة المقبلة ستعتمد على جعل المؤسسة تعمل بشكل افضل خاصة تلك التي تندرج ضمن قطاع التنمية الاقتصادية المبرمجة وبتبني برامــج تقويم كفاءة اداء الوحدات الانتاجية الشاملة.
وكشف الدكتور تركي ان مشروع تعديل قانون الرقابة المالية الجديد المعروض في مجلس النواب والمتوقع اقراره قبل نهاية العام الحالي، سيمنح محققي الديوان سلطة التحقيق مع المخالفين من جديد بعد ما وصفه بـ"سلب" التعديل بأمر بريمر عام 2004 الذي اجري على قانون الديوان المعمول به منذ عام 1990، هذا الحق، تحت ذريعة انشاء مكاتب المفتشين العموميين ضمن جميع وزارات الدولة وهيئة النزاهة وهم المخولون بالتحقيق والاحالة الى القضاء وبالتالي منع التداخل والتقاطع بالعمل، لافتا الى ان قلة الملاكات العاملة ضمن مكاتب المفتشين العموميين مقارنة بأعداد منتسبي الوزارات فضلا عن تراكم المسؤوليات قد يمنعهم من متابعة كل القضايا المحالة، علاوة على حاجتهم الى وقت قبل ان يتم استيعاب جميع مفردات القضية ومن ثم التصرف بشأنها، واصفا في ذات الوقت التعاون مع هيئة النزاهة بأنه مثالي من خلال الاستجابة السريعة لمتطلبات عمل الديوان فيما يقوم الديوان بالمقابل بتنفيذ كل طلباته من القضايا المحالة.
وتابع رئيس ديوان الرقابة المالية ان مشروع قانون الرقابة المالية الجديد سيتضمن ادراج حق الديوان بالتحقيق بالمخالفات المكتشفة من قبلها حصرا من خلال الخط الساخن، فضلا عن التوسع بالمجال الاداري والصلاحيات بالمزيد من الاستقلالية عن الجهات الاخرى، علاوة على محاسبة الموظف الذي يمتنع عن تقديم المعلومات من خلال الكتابة مباشرة الى وزيره، منوها بان الديوان قام بتعيين ملاكات قانونية من خريجي كليات القانون بهدف تهيئتهم مستقبلا لكي تحال اليهم القضايا التحقيقية التي سترد عن طريق الخط الساخن للديوان، موضحا ان تأخر اقرار المشروع المعروض امام مجلس النواب حاليا، جاء بسبب قصر الدورة البرلمانية الحــالية، مبديا ثقته بأن يتم اقراره خلال المدة القليلة المقبلة.