أمثال عراقية تقاوم الزمن
للأمثال أعمارٌ منها ما تولد لساعتها ثم تقضي نحبها لعدم مطابقتها للواقع أو فيها بعض الاسفاف أو الفجاجة أو تكون جارحة للمشاعر. ومنها ما تخلده الأجيال وتتناقلها الألسن جيلاً بعد جيل، كالأمثال العراقية التي تعمر ما شاء لها الله. فهي تقاوم الزمن بحيث لا يستطيع تجاوزها، وتتجوهر بمضي هذه السنين، وتزيدها حكمة ورصانة واصابة لأهدافها، ولنا خير شاهد على هذا من العصر العباسي حيث ازدهرت سوق الثقافة بشكل عام وسوق الأمثال بشكل خاص، وجلّها تطابق الواقع المعيش، نظراً للانفتاح الواسع في ذلك الزمن على ثقافات الآخرين، ولنشاط حركة الترجمة عن اليونانية والهندية والفارسية وأمم أخرى غنية بثقافاتها وتجاربها.. والذي حفظ لنا هذه الأمثال المتداولة حتى الآن هو المشكور فضله القاضي (أبو الحسن علي بن الفضل الطالقاني) وجعلها في رسالة أسماها الأمثال البغدادية وذلك في سنة 421 هجرية ـ سنة 1001 ميلادية.
ونحن نجتزئ بعضاً منها وبما يقارب معناها مع بعض المتداول في أيامنا هذه..
* اذا لم تجده كم تجلده؟
ـ وهو يضرب للصعب وأحياناً للمستحيل من الأمور.. وقريباً منه: حرامي الماتلزمه چم عصا تضربه؟.. فاللص الذي لم تستطع الامساك به كم من العصي ستضربه؟
* اصعد بلحاف وانزل بمروحة..
ـ وقريباً منه المثل البغدادي المعروف: اصعد بالمنقلة وانزل بالمهفة.. نصيحة بالمحافظة على الصحة عند الحر والقر.
* البستان كله كرفس..
ـ يضرب في التساوي بأعمال الشرور والنفخة الكاذبة.. وقريباً منه: مزرعة البصل كلها رؤوس.
* قد غرق زورقه في الداوودية..
وشبيه به المثل الشعبي المتداول حالياً: واگع حمله بالداوودي. والموقع المذكور نفسه في مدينة المنصور.
* ما بقي من اللص أخذه العراف..
وشبيه به المثل اللي يعوفه الحرامي ياخذه الفوال.
*غاص غاص أخرج اجرة..
ـ وقريباً منه صام صام فطر على جرّية. ويضرب لمن يتعب نفسه بما لا يجدي وينفع.
* عريان في رحلة نعلين..
ـ وقريباً منه مگدي وعليجته قديفة.. ومن النوافل القول ان الأمثال أكثر من ان تحصر بمقال وبمساحة نثرية محدودة...
ستار البغدادي
منقول