كم في تراثنا الأدبي من حكمة ومن نادرة نستفيد منها العبرة ونجني منها الفائدة إلى جانب الطرافة.
فلنرتع في رياض النوادر نستروح النفس في ظلالها ..
قال الجاحظ قال ثمامة دخلت إلى صديق لي أعوده وتركت حماري على الباب ولم يكن معي غلام ثم خرجت وإذا فوقه صبي فقلت أتركب حماري بغير إذني ، قال خفت أن يذهب فحفظته لك ، قلت لو ذهب كان أحب إليّ من بقائه قال فإن كان هذا رأيك في الحمار فاعمل على أنه قد ذهب وهبه لي واربح شكري ! فلم أدر ما أقول .
عن كتاب"الأذكياء"لابن الجوزي.
وعن نفس المصدر :
قال رجل من أهل الشام قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين فقلت لها ما فعل أبوك قالت وفد إلى بعض الأجواد فما لنا به علم منذ مدة ، فقلت انحري لنا ناقة فإنا أضيافك قالت والله ما عندنا قلت فشاة قالت والله ما عندنا قلت فدجاجة قالت والله ما عندنا قلت فبيضة قالت والله ما عندنا قلت فباطل ما قال أبوك:
كم ناقة قد وجأت منحرها = بمستهل الشؤبوب أو جمل
قالت فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء !
ذكر التيمي في سيرة الحجاج بن يوسف قال: أمر عبد الملك بن مروان أن يعمل باب بيت المقدس ويكتب عليه اسمه، وسأله الحجاج أن يعمل له باباً، فأذن له، فاتفق أن صاعقة وقعت فاحترق منها باب عبد الملك وبقي باب الحجاج، فعظم ذلك على عبد الملك، فكتب الحجاج إليه بلغني أن ناراً نزلت من السماء فأحرقت باب أمير المؤمنين ولم تحرق باب الحجاج، وما مثلنا في ذلك إلا كمثل ابني آدم إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فسري عنه لما وقف عليه.
عن كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان
روى الشربيني أن عالماً دخل إحدى قرى الريف في مصر فتوجه إلى المسجد ليصلي صلاة الجمعة فذهل ذهولاً شديداً حين رأى أهل القرية يدخلون المسجد "وكل واحد منهم معه قفة من خوص، وفيها مغرفة وخشبة وسكين من حديد وفأر ميت معلق في عنقه" فتعجب من أمرهم وإذا الخطيب يجيء في نفس صورتهم فاقترب منه وسأله عن هذه الحال فقال: أنا الذي أمرت بها. فقال له: هذا الأمر باطل والصلاة باطلة وما الذي دفعك إلى ذلك.
قال: "حديث قرأته في كتاب عندي يسمى التيه ولفظه حدثني بختي بن تحتي عن شعبان النوري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصح جمعة أحدكم إلا بقفة ومغرفة وخشبة وسكينة وفأر. فطلب منه الكتاب وإذا هو كتاب التنبيه صحفه الفقيه بالتيه. وإذا الحديث لا تصح جمعة أحدكم إلا بعفة فصحفها بقفة، وسكينة وصحفها بسِكِّينة، وخشية فصحفها بخشبة ومعرفة فصحفها بمغرفة ووقار فصحفها بفار. وأما سند الحديث فهو حدثني يحيى بن يحيى عن سفيان الثوري .
وهي في كتاب الفكاهة في مصر لشوقي ضيف
قيل لأشعب الطماع: لقد لقيت التابعين وكثيراً من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: نعم، حدثني عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلتان لا تجتمعان في مؤمن. قيل: وما هما ؟ قال: نسيت واحدةً، ونسي عكرمة الأخرى.