مدينة العاب بغداد ..اول مدينة العاب في الشرق الاوسط
بقلم: عبدالكريم الحسيني
كان عام 1963 عاما عصيبا على العراقيين بعد الاحداث الكبيره التي حدثت وتخلخل الامن والاقتصاد وانحسار نزعة اللهو والترويح عند البغداديين حيث كانت بغداد لاتزال تحت مظاهر الاحكام العرفيه والعسكريه وعندما اطل عام 1964 كانت بشائر الامل بعهد جديد وتحسن في الاقتصاد ومباشرة الحكومه في تنشيط عجلة الاقتصاد ولكن هذا الاقتصاد اصيب بخيبة امل عندما اقدمت حكومة المرحوم طاهر يحيى بعملية التأميم المعروفه والتي اثرت سلبا في حركة السوق واحجام رؤوس الاموال من المشاركه في المشاريع ولغرض ترويج المشاريع وتشجيع الاستثمار فيها عمدت الحكومه الى المشاركه بواسطة شخصيات منها لغرض ابداء حسن النيه للاخرين ..
لم يكن في بغداد مدينة العاب او مدينة ملاهي كما يطلق عليها وكان حدائق السكك في منطقة علاوي الحله مجاور المحطه العالميه هي المتنفس الوحيد للعوائل ولكنها كانت محدوده جدا وصغيره وتعتمد على مسرح للاعياد ومشتل زهور وبعض الالعاب البسيطه ومطعم وكازينو وبعض الاكشاك الصغيره مما حدى بالتفكير الى انشاء مدينة العاب نموذجيه ومتطوره واسست شركه لهذا الغرض ..
في عام 1964 وضع الحجر الاساس للعديد من المشاريع منها ملعب الشعب الرياضي ومدينة الالعاب ومشروع قصب السكر وغيرها وكانت شركة مدينة الالعاب كشركه مساهمه في عام 1964 وسجلت تأسيسها (شركة مدينة العاب بغداد في عام (1964) ) لتكون أول مدينة ألعاب في الشرق الأوسط آنذاك وهي مسجلة في دائرة تسجيل الشركات وسوق العراق للأوراق المالية، وقد تعاقدت الشركة مع أمانة بغداد عام (1964) على تأجير الأرض المقامة عليها المدينة حالياً بموجب عقد مدته (35) سنة انتهت في عام (1999) لتوفير الأجواء الملائمة لمرح الأطفال والى مواطنينا المتطلعين الى أيام تخفف عنهم عناء الحياة التي تمادت في قسوتها وتزرع البهجة والأمل في نفوس أطفالهم المتطلعين الى مستقبل عراقي باسم،
وبوشر في عرض الاسهم للاكتتاب وساهم فيها عدد قليل خوفا من اجراءات اقتصاديه شبيه بالتأميم الذي حصل وبادر المرحوم طاهر يحيى رئيس الوزراء الى المساهمه شخصيا بشراء عدد من الاسهم تشجيعا وطمأنة للاخرين وبشر العمل بعد ان وضع الرئيس المرحوم عبد السلام عارف حجر الاساس لهذه المدينه التي اعتبرت اول مدينة العاب حديثه في الشرق الاوسط وسميت ( عروس بغداد ) ..
تمكنت الشركه من توقيع عقد مع امانة بغداد لايجار الارض التي أقيمت عليها هذه ألمدينه في جانب الرصافه مقابل قناة الجيش والتي كانت هي أيضا حدائق غناء تمتد على مسافة اكثر من 10 كم والتي كانت سابقا عبارة عن برك من المياه الاسنه تسمى (شطيط) اقيمت فوقها هذه المدينه التي كانت تعتبر في حينها من اجمل مدن الالعاب في الشرق الاوسط..
: x-large;">
اعتبرت مدينة العاب بغداد المتنفس الرئيسي لعوائل بغداد والعراق وحتى الخليج وكانت بحق عروس تحتضن قناة الجيش وتستقبل الزوار بحدائقها الغناء والعابها الحديثه التي كانت مثار اعجاب الجميع وكان الاطفال والشباب والصبايا والكبار كلهم يستمتعون بهذه الوسيله المتاحه للترفيه ايام الاعياد والعطل الاسبوعيه وكانت اسعارها رخيصه ولايتجاوز الدخول اليها سوى ( 20 ) فلسا واكثر الالعاب وخاصة الاطفال بهذا السعر او يزيد خمسة فلوس عليه والطعام متوفر بانواعه بمطاعم كنتشره واكشاك متفرقه ومن الالعاب الجميله التي لاتزال في الذاكره :
الخيول ، دولاب الهوا ، النفق المرعب ،قطار المدينه ، الطيارات المقاتله ، الطائرات السمتيه ، المراجيح ، المرايا المقعره ، التل فريك المعلق ، الباص التنقل ، السيارات الكهربائيه ، سباق السيارات ، العاب القوه ، التهديف ، النزهه النهريه ، سكة الموت ، الدوده الزاحفه ... وغيرها من الالعاب التي تسر الجميع ..
تم تطوير المدينه على مدى سنين واضيفت اليها العاب كثيره وتم تحديث العابها القديمه وبالرغم من انتهاء عقد ايجارها عام 1999 الا ان امانة بغداد مددت العمل بالعقد خدمة للمواطنين حتى جاء عام 2003 حيث اغلقت واصابها الاهمال والتآكل والعبث واستلوت عليها امانة بغداد وحصلت مشاكل مع الشركه ولاتزال المدينه معلقه ومتروكه ولايستفاد منها لاي غرض مع الاسف الشديد بعد ان كانت عروس الشرق الاوسط ..
عبد الكريم الحسيني