ﻻ يمكن الإنكار بأن اتباع العادات الغير صحية كالافراط في تناول الطعام وخاصة الوجبات السريعة وغيرها من الأطعمه الغنية بالدهون والسعرات الحرارية ,عدم ممارسة التمارين الرياضية ونقص النشاط الفيزيائي يلعب دورا في الإصابة بالبدانة او ما يُعرف بفرط السُمنة التي ترتبط بشكل رئيسي بزيادة الطاقة التي يكتسبها الجسم مقارنة بتلك التي يفقدها .
يكتسب الجسم الطاقة على شكل سعرات حرارية ناجمة عن حرق الغذاء الذي يتناوله الانسان , أما الطاقة التي يفقدها فتمثل الطاقة التي يستهلكها الجسم في ممارسة التمارين الرياضية والنشاطات الجسدية فضلاً عما تستهلكه العمليات الحيوية كالتنفس والهضم بالرغم من محدوديتها مقارنة بالطاقة المفقودة عن طريق ممارسة النشاط الفيزيائي .
أثبتت الدراسات في الآونة الأخيرة أن للجينات أو ما يُعرف بالعوامل الوراثية دوراً رئيسياُ في الاصابة بالسُمنة أو البدانة وبالرغم من أن الجينات لا تُحدد الصحة المستقبلية للانسان وإنما قد تجعله أكثر عرضة من غيره للاصابة ببعض الاضطرابات كالسمنة على أن تتزامن وراثة هذه الجينات مع اتباع عادات غذائية غير صحية .
أجابت دراسة حديثة عن التساؤل الذي أثار جدلاً واسعاً حول تناول البعض لكميات كبيرة من الطعام دون الإصابة بالسمنة وتناول البعض الآخر لكميات قليلة واصابتهم بالسمنة وقد أجاب على هذا التساؤل باحثون من جامعة كامبريدج البريطانية من خلال دراسة أجريت على عدد من المتطوعين وتبين أن العامل المسبب لشعورالمُصابين بالسمنة بالجوع المستمر وبطء عمليات الاستقلاب ( عمليات الأيض ) هو حدوث طفرة في الجين (KSR2 ) مما يزيد فرصة اصابتهم بالسمنة بالرغم من تناولهم لكميات قليلة من الطعام .
ركز العلم الحديث على التعرف على أسباب البدانة أو السمنة المفرطة من الناحية الجينية والجزيئية , اذ أن تعدد حالات فرط السُمنة في العائلة الواحدة والانسجام بين أوزان توأمي البويضة الواحدة واكتشاف الجينات المرتبطة بالبدانة عوامل عززت من فكرة ارتباط الجينات بالبدانة بشكل رئيسي وقد أصبح من المعلوم الآن بأن الجينات تلعب دورا هاماً فيما يتعلق بزيادة الوزن والبدانة بأنماطها المختلفة, ومن الجدير بالذكر أن احتمالية الإصابة بالبدانة تزداد بمعدل من 2-8 ضعف في حال وجود تاريخ عائلي للاصابة بالسُمنة .
أشارت العديد من الدراسات الى أن الجينات تسهم في تحديد كميات الدهون التي يخزنها الجسم والمنطقة التي يخزنها فيها كالبطن أو الفخذين ومن ناحية أخرى فان اعتماد الأبوين لنظام غذائي غير صحي غني بالدهون يُعرض الأبناء لخطر الاصابة بالسُمنة والعكس صحيح اذ أن تناول الأطعمه الصحية واعتياد ممارسة الرياضة يُحفز الأبناء على اتباع نمط حياة صحي يُقلل من فرصة اصابتهم بالسُمنة وما يتبعها من اضطرابات مرضية .
تتعدد العوامل الغير وراثية التي تزيد فرصة الاصابة بالسُمنة ولا يمكن تجاهلها ومنها
- الاضطرابات المرضية كنقص نشاط الغدة الدرقية الذي يتسبب ببطء عمليات الاستقلاب وزيادة فرصة الاصابة بالسمنة .
- العلاجات الدوائية المختلفة كمضادات الاكتئاب ,مضادات الاختلاج ( نوبات الصرع ) والستيرويدات القشرية .
- العوامل النفسية , اذ يتعدد الأشخاص الذين يزداد تناولهم للطعام عند التعرض للضغوطات النفسية والشعور بالغضب أو الملل .
- عدم الحصول على نوم كاف .
باختصار يشار إلى أن العامل الجيني، بحسب ما هو متوفر من معلومات، يلعب دورا في الإصابة بالبدانة، كما وأن دوره حصري في حالات نادرة من السُمنة المفرطة ، حيث تتفاعل العوامل الجينية مع العادات اليومية , المرضية والبيئية السيئة والتي تتسبب بدورها باضطراب الاتزان بين الطاقة المستهلكة والطاقة المفقودة .
يُسهم التعرف على الجينات المرتبطة بفرط السمنة في تحديد عوامل جديدة تزيد فرصة الاصابة بالبدانة واضطرابات الاستقلاب المختلفة . كما يُسهم في التعرف على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسمنة للتدخل الطبي والتغذوي المبكر