المسؤول السابق في البنتاغون معلوف : "إسرائيل" تسعى لاستفزاز حزب الله كي تبرر هجمتها على المقاومة
أجرى الحوار: محمّد شميساني
ترجمة: زينب عبدالله
وسط التقلبات الحاصلة في المنطقة، أجرى موقع المنار مقابلة مع المسؤول السابق في البنتاغون من ولاية فرجينيا "مايكل معلوف" الذي وضّح الديمقراطية الحقيقية التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه العالم العربي والأهداف الإسرائيلية في لبنان والمنطقة.
س: إلى أين يتجه الشرق الأوسط برأيكم؟
مايكل معلوف: بالنظر إلى شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتزايد مساعيها لتقرير مصائرها بأنفسها، وللحصول على المساواة في الحقوق، والإصلاح والديمقراطية التي تتحقق من دون استمرار تدخل الدول الغربية التي دعمت الأنظمة الاستبدادية والتي بدورها منعت الشعوب من تحقيق أهدافها، أرى أن الشرق الأوسط يتجه من "ثورة عربية" إلى "نهضة إسلامية".
وما قد ظهر أيضا هو عزل "إسرائيل" الساعية إلى اغتصاب ما تستطيع اغتصابه من الأراضي مع ملاحظة الأثر المترتب على هذا العمل من قمع متزايد للفلسطينيين وإقصائهم من العودة إلى وطنهم. ولسوء الحظ تستمر الولايات المتحدة في دعم أعمال "إسرائيل".
القيادة المصرية المرتقبة تحتاج للتنظيم. ففي المقابل، إن ما كان يوما ما جهدا واعدا بالتغيير الحقيقي قد بدأ بالتراجع إلى صفوفه القديمة كدول مثل البحرين والسعودية، ولربما ينطبق ذلك نفسه على مصر حيث آثار نظام الرئيس السابق المخلوع حسني مبارك لا تزال موجودة. وفي مصر، وحيث أن أحدا غير الزمن لن يقول ذلك، أشعر بتفاؤل حذر بأن الشعب سيحقق أهدافه من خلال الانتخابات، ولكن أيا تكن القيادة الجديدة التي ستحصل على السلطة بناء على تصويت الشعب، فإنها ستكون بحاجة إلى تنظيم كاف كي تتمكن من مساعدته في تحقيق مطامحه التي أتت بهؤلاء إلى السلطة في المقام الأول.
ديمقراطية الولايات المتحدة غير مجدية أكثر فأكثر
إن الديمقراطية الناشئة عن الثورة العربية لا تحتاج إلى تقليد ديمقراطية الولايات المتحدة. فالديمقراطية الممارسة في الولايات المتحدة تفقد جدواها بصورة متزايدة حيث إنها فقدت صناعة القرار وأصبحت رهينة سيطرة تل أبيب على السياسات الخارجية الخاصة بها وعلى وجه التحديد في كل من الفرع التنفيذي والتشريعي لدى الحكومة الأميركية. وبالمقابل، فإن الإصلاحات الحقيقية والإعتراف بالحريات الشخصية يَنشآن نتيجة الحكم الاستبدادي في كل من مصر وتونس، وعلى أمل أن يحصل ذلك أيضا في اليمن والبحرين فضلا عن المملكة العربية السعودية.
النظام السعودي ما زال قمعيا
في الأيام الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية ردة فعل إيجابية تجاه الإصلاحات الرمزية التي لطالما سعى إليها الشعب السعودي، ولكن النظام بالمجمل لا يزال قمعيا وهو لسوء الحظ لا يزال يحظى بالدعم الأميركي. ويؤدي ذلك إلى تسوية سامة بحيث ستستمر الرياض في تقويض حكومات لبنان وسوريا من دون المعاقبة على ذلك فعليا.
المحافظة على أنظمة كأنظمة البحرين والسعودية ستساعد الولايات المتحدة وإسرائيل
إن ما يزال مزعجا أيضا هو استمرار الدعم الأميركي لأنظمة كالذي في البحرين والسعودية في الوقت الذي تظهر الولايات المتحدة دعمها لمبادئ الديمقراطية. فعلى سبيل المثال، لا تزال الولايات المتحدة صامتة بشأن الظلم الذي يمارسه النظام البحريني على المواطنين الأبرياء والحكم على الأطباء الأبرياء بسنوات من السجن بسبب تقديمهم الإسعافات الأولية لأي شخص بحاجة إلى مساعدة طبية. وفي هذا الصدد، ستستمر المحافظة على هذه الأنظمة للاستمرار في دعم المصالح الأميركية والإسرائيلية والإساءة ليس فقط إلى شعوب هذه الدول وإنما إلى شعوب دول المنطقة.
سوريا تحتاج إلى الإصلاح بعيدا عن التدخل الغربي
تحتاج سوريا إلى تأسيس أعمال إصلاحية طويلة الأمد من خلال التعاون مع دول أخرى مثل إيران وتركيا ومن دون تدخل القوى الإستعمارية السابقة من الدول الغربية والولايات المتحدة. وبالنتيجة، فإن شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قاربت البداية الجيدة إلا أنها تحتاج إلى الإستمرار والمضي قدما لتحقيق الإصلاحات التي لطالما تأملت بالوصول إليها، كما وتحتاج إلى تحقيق ذلك من دون أي تدخل خارجي.
إسرائيل تستحضر "الموطن" من زمن هتلر، وستستخدم بطاقة "الإرهابي" لإعادة احتلال سيناء
س: كيف ستواجه "إسرائيل" برأيكم "التحديات" الجديدة والتي تتضمن تتطور الأوضاع جنوبا على الحدود مع مصر، وشمالا مع حزب الله، والخطر العسكري على هضبة الجولان من الناحية السورية، والفلسطينيين الغاضبين في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
مايكل معلوف: بناء على مفاهيم تاريخية مضلّلة موجودة لدى اليهود بأنهم هم فقط شعب الله المختار وبأنهم الوحيدون الذين يتمتعون بحق الوجود على أراض تشكل اليوم أرض فلسطين، فإن لدى "إسرائيل" هدفا في أن تكتسب لنفسها بقدر ما تستطيع أكبر مساحة من الأرض. ففي الأسابيع الأخيرة، قام واحد على الأقل من الصحافيين الصهاينة من صحيفة "هآرتس" باستحضار الشعار المهين الذي كان يستخدمه "أدولف هتلر" الألماني الثالث حول "الموطن"، وهو تعبير ملطف ليكتسب لنفسه قدر المستطاع من المناطق ويستعبد أهلها بالتالي بحيث يخضعون لمعاملة سيئة ومهينة فضلا عن التمييز وظروف العيش الفقير التي نشهدها اليوم ليس فقط داخل "إسرائيل" وإنما في المناطق الفلسطينية المحتلة الأخرى كالضفة الغربية وقطاع غزة.
إسرائيل تعزل نفسها بخسارتها معركة الرأي العام العالمي
أدركت القيادة الإسرائيلية خلال الأسابيع الأخيرة حجم العزل المتزايد، كما وبدأت بإعلان التهديدات المتزايدة بشكل علني وخصوصا من شبه جزيرة سيناء. أعتقد بأن "الإسرائيليين" سيلجأون إلى بطاقة "الإرهابي" لتكون قاعدتهم في عملية إعادة احتلال سيناء، وهي منطقة تمتد مساحتها بما يعادل اليوم ثلاثة أضعاف مساحة فلسطين المحتلة. وفي الحقيقة إن الإسرائيليين لم يساعدوا أنفسهم في فعلهم الأخير وهو الاستمرار في الاستيطان في الضفة الغربية مع علمهم بأن السلطة الفلسطينية سترفض استكمال النقاش إلى أن يتم إيقاف عملية البناء. وبالرغم من إدانة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتصريحات الأخيرة باستكمال عمليات البناء، فإن الإسرائيليين ماضون في ذلك علما أنهم يظهرون موافقتهم على الانخراط في محادثات بشأن السلام.
ويعرف "الإسرائيليون" أنهم سيلقون دعما يهوديا خصوصا في الولايات المتحدة، ويعرفون أن الدول الغربية لن تمارس ضغوطا كإيقاف المساعدات وبالتالي حمل "إسرائيل" على تلبية مطالب هذه الدول بوقف بناء المستوطنات. و"الإسرائيليون" فعليا ليسوا بوارد اللجوء إلى حل وهم حتما لا يريدون دولة فلسطينية منفصلة ذلك أنها تشتمل على جميع المناطق التي يريدون الانتشار فيها. وإذا ما استمر "الإسرائيليون" في برنامج "الوطن" الخاص بهم، فسيكونون فعليا قد أخذوا المساحة كلها التي يريدها الفلسطينيون لإنشاء وطنهم الجديد. والحقيقة أن "الإسرائيليين" لا يعزلون أنفسهم فقط عن جيرانهم الذين طفح كيلهم من الممارسات الإسرائيلية، بل باتوا خاسرين في معركة الرأي العام العالمي لقتالهم ضد الشعب الأعزل في الضفة الغربية وقصفهم العشوائي على قطاع غزة.
"إسرائيل" تسعى لاستفزاز حزب الله كي تبرّر الهجمة على المقاومة
ما هو المبرّر الذي يدفع إلى تدمير موارد رزق الفلسطينيين الأبرياء من خلال إحراق أشجار الزيتون وتدمير المنازل التي عاشوا فيها لأجيال متتالية؟ السبب هو أنهم يستطيعون فعل ذلك طالما أنه ما من مقاومة مسلّحة تواجههم. والإسرائيليون على علم بأنهم يستطيعون الإفلات من العقاب حاليا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار صمت المجتمع الدولي إزاء ذلك. ورغم هذا، ينجح "الإسرائيليون" في استغلال جنون الاضطهاد. فهم يريدون أزمة جديدة دائمة كي يستمروا في الحصول على مليارات الدولارات سنويا من الولايات المتحدة، وبالتالي يحتاجون لخلق عدو جديد حتى يبرروا جنون الاضطهاد ذاك. وفي حين يرفض كل من حزب الله وحماس الإعتراف ب "إسرائيل" كبلد أو كدولة يهودية، يساوي "الإسرائيليون" عدم الاعتراف هذا مع المجموعات العازمة على تدمير "إسرائيل".
وللسبب نفسه نظم "الإسرائيليون" منذ أكثر من عام حملة استفزازية كبرى تهدف إلى حمل حزب الله أو حركة حماس على مهاجمتهم الأمر الذي يبرر إطلاقهم الهجمات ضد هذين الطرفين والسعي إلى تدميرهما. أما من ناحية حزب الله فقد أوضح أنه لن يهاجم "إسرائيل" إلا إذا تمّت مهاجمة لبنان. وفي مسعى يهدف إلى إجبار حزب الله على الهجوم، استعمل "الإسرائيليون" الورقة الرابحة باعتقادهم وهي اتهام الحزب بالتورط في عملية إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري ومن ثم تلاعبوا بالأدلة بحيث يتّضح أن أفرادا من حزب الله قد ارتكبوا هكذا فعل.
وقد تماشت الولايات المتحدة وحكومات بعض الدول الغربية الأخرى مع هذا الاتهام. أما الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" فقد حاول اتخاذ إجراء ضد حزب الله بإدعائه أن الحزب يهرب صواريخ سكود بالستية من سوريا إلى لبنان، علما أن ذلك عار عن الصحة. ولكي يمضي "الإسرائيليون" في استفزازهم، سيستمرون في التدريب داخل المياه شرقي البحر الأبيض المتوسط والتي يبدو جليا أنها مياه لبنانية، فضلا عن التقدم في عمليات البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والقصف على قطاع غزة وقتما شاؤوا مستهدفين الشعب الأعزل، أو التحذير من الهجمات الإرهابية المستمرة التي يمكن أن تكون قاعدة لإعادة احتلال شبه جزيرة سيناء حيث يوجد إحتياطي هامّ من النفط والغاز الطبيعي الذي يمكن أن يجعل طاقة "إسرائيل" مستقلة إلى أجل غير مسمّى.
إن الحوافز المناطقية والإقتصادية والتجارية موجودة، ولكن "الإسرائيليين" سيغطون أنفسهم برداء الخير من خلال تصوير أنفسهم دائما في موقع الضحية. ويعدّ ذلك مملّا في أفضل الأحوال وخطيرا في أسوئها ذلك أن "الإسرائيلين" قريبون جدا من إطلاق أي هجوم. كما وتستمر السلطات الغربية في تفليت "الإسرائيليين" من العقوبات. ولربما، كي يحصل تغيير ما، يجب فرض عقوبات دولية على "إسرائيل" إلى أن توقف معرقلات السلام هذه.
س: لقد أشارت بعض التحليلات إلى "حرب سرية" محتملة، وقد بدأت بشكل أساسي في سوريا بتوريط بعض الإدارات الموالية لسوريا وبعض الوكالات الغربية. ومؤخرا، قد أصبحت نخبة من العلماء في سوريا مستهدفة. هل تظنون أن الولايات المتحدة يمكن أن تفضّل استهداف نظام الأسد بأدوات "إنتل" بدلا من هجمة عسكرية بمساعدة تركيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، علما أن الخيار خطر جدا بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا حاليا بسبب الكوارث الاقتصادية وتلاشي حضور "نيكولا ساركوزي"، أحد اللاعبين الأوروبيين الأساسيين؟
مايكل معلوف: لا أرى أن الولايات المتحدة ستنشغل بحملة عسكرية معلنة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فهناك عدد من الأسباب الجيوسياسية التي تردع أميركا، ولكن هناك أيضا مسألة الحصول على الموارد اللازمة للقيام بذلك. وفي الغرب هناك أيضا مسألة الحكم والاستقرار الذي يمكن للمعارضة السورية أن تأتي به. فلقد رأينا الاضطرابات السياسية والاقتصادية المتتالية التي أعقبت الأعمال الأميركية في كل من أفغانستان والعراق، وما كان الهدف؟ وهناك اعتبار آخر أيضا: تتولى روسيا المحافظة على قواعد أساسية في مدن المرافئ أي طرطوس واللاذقية مما يعدّ رادعا بوجه أي هجمة معلنة ضد سوريا.
وبوجود "فلاديمير بوتين" في سدة الرئاسة الروسية العام المقبل، لن ترغب الولايات المتحدة ولا "إسرائيل" فعليا في شن أي هجوم عسكري ضد سوريا. وفي الوقت نفسه، حتى إيران وروسيا تناشدان الرئيس الأسد لإطلاق حملة الإصلاحات لتجنب حصول اضطرابات داخلية جديدة في البلد. وفي حين أنني لا أرى جهودا عسكرية معلنة لتغيير النظام في سوريا، أظن أنه سيكون هناك تعهدات غربية سرية لدعم المجموعات التي تحاول منع الاستقرار في سوريا عبر التظاهرات المتواصلة. وسيساهم ذلك فيما بعد بتوليد صرخة استنكار دولية للتحرك. وستكون مبادرة مدبّرة غربيا، وبشكل أولي على أيدي الولايات المتحدة والسعودية، للإطاحة بالأسد من دون الأخذ بعين الاعتبار من يمكن أن يحلّ محلّه.
وعلى سبيل المثال، يبقى الاهتمام في أن يحرّض السعوديون الإخوان المسلمين في سوريا للحث على المظاهرات وخلق الاضطرابات المؤدية إلى طرد الأسد. وكجزء من الحملة الخفية لتقويض النظام السوري داخليا، سيتم بذل جهود لاستهداف أشخاص كالعلماء وحتى القادة، بالطريقة نفسها التي رأينا من خلالها هجمات استخباراتية خفية من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة ضد علماء نوويين في إيران. وأعتقد أن رفض شعوب دول المنطقة "المساعدة" الغربية بشكل ظاهري وتقرير مصائرهم بأنفسهم سيكونان من الأمور ذات الأهمية بالنسبة لهذه الدول. كما وأعتقد أن كلا من تركيا وإيران قد رأى الوجهة التي تسير نحوها الأحداث في الشرق الأوسط، ويريد أن يأخذ على عاتقه مسؤولية الجهود البناءة لإعادة هيكلة مستقبل المنطقة. وسيعني هذا أن جميع الدول المشتركة ستضطر إلى تحمّل أعباء الإصلاحات التي يحتاجها الناس بصورة ماسّة من جهة مع الإستعانة بأقل قدر من التدخل الغربي لتحقيقها. فالغرب يمكن أن يساعد إلا أنه لا يستطيع الاستمرار في السيطرة على الأحداث بما يتوافق وأغراضه الأنانية الخاصة كما اعتاد أن يفعل في المنطقة منذ أجيال عدّة.
س: ما هي الأهداف الاستراتيجية التي تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى تحقيقها من خلال إسقاط الرئيس بشار الأسد؟ هل هو حزب الله، أم إيران، أم الصين، أم روسيا، أم كلّ ما تقدّم؟
مايكل معلوف: إن الهدف الأميركي من إسقاط نظام الأسد في سوريا يمكن أن يكون في استرضاء السعودية مقابل ما تراه الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية معا في تزايد التأثير الإيراني على العالم العربي. وفي هذه الطريقة تأمل الولايات المتحدة في المحافظة على تأثيرها المتلاشي في الشرق الأوسط الذي تغلب فيه الدول السنية التابعة للقيادة السعودية. وبالمقابل، أرى أن أي نية في هجوم تشنه الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف (الناتو) ستكون كارثية. وسيكون من شأن هجوم كهذا توريط إيران وحزب الله وحماس. وفي حين يحذر الروس علنا من أن حلف (الناتو) يخطط لهجوم ضد سوريا، فإنهم يعارضون بشدة، بالإضافة إلى الصينيين، يعارضون هذا التحرك كما وينصحون الولايات المتحدة بعدم اتخاذ المنحى العسكري.
الولايات المتحدة ستعيد حساباتها عمدما يتعلق الأمر بمهاجمة سوريا
من الواضح أن الولايات المتحدة تريد خلع الأسد، ولكنها وكما القرارات التي اتخذتها سابقا ومنها غزو العراق الذي كان في النهاية كارثيا على الولايات المتحدة، فإن غزو سوريا لن يخدم المصالح الأميركية حتما. وبالرغم من الصخب الغربي القائل بأن حلف (الناتو) سيهاجم سوريا كما فعل في ليبيا، أظن أن الولايات المتحدة ستعيد النظر في ذلك. فأولا هناك الوضع الإقتصادي الحالي المزري. وبالإضافة إلى ذلك، لدى روسيا مصالح عسكرية واقتصادية هامة مع إيران وسوريا.
وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار موقف روسيا بالنسبة لسوريا وفرضية تورط إيران، فإن أي هجوم على سوريا يمكن أن يأتي بأفراد من منظمة شانغهاي للتعاون ذات القيادة الروسية والعضوية الإيرانية برتبة مراقب. وفضلا عن ذلك، هناك رغبة لدى "الإسرائيليين" بمهاجمة برنامج التخصيب النووي الإيراني. وأعتقد أيضا أن أي هجوم ضد إيران سيستدعي ردا مماثلا من حزب الله وحماس وسوريا بالإضافة إلى روسيا ولربما الصين. وفي حين يحذر الروس من تحضيرات (الناتو) لمهاجمة سوريا، ستقتضي هذه المبادرة قرارا يصدر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ومن المؤكد أن تنقضه كل من روسيا والصين بواسطة "الفيتو". وبالمقابل، وكما حصل مع العراق، يمكن للمرء أن يدرك أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ستشكل "إئتلاف الراغبين" بالالتفاف حول معرفة الأمم المتحدة بالرفض الروسي والصيني وبالتالي إطلاق هجمة عسكرية، ولكن الآثار المدمرة ستبقى نفسها.
س: هل ترون نهاية قريبة للحرب في ليبيا وتشكيلا وشيكا لحكومة جديدة، وهل تظنون أن البلد ذا القبائل المئة والعشرين متجه نحو الفدرالية؟ ولماذا؟
مايكل معلوف: بما أن المجلس الوطني الانتقالي قد بدأ بعملية تشكيل الحكومة، فأنا لا أرى أن ذلك سيحصل قريبا. وفعليا لم يتم القبض على معمر القذافي، لذا نحن في وارد أن يقوم بالتحريض على قتال محتمل ضد الحكومة الضعيفة إلى أجل غير مسمى إلا إذا تم القبض عليه. ولا بد لنا أن نبقي بالحسبان أن القوات المناهضة للقذافي لا تسيطر على كل المناطق الليبية. وفي الوقت نفسه، وبالرغم من مهمة (الناتو) المعسكرية في ليبيا، لا تزال النتائج غير واضحة، ويبقى السؤال حول الفترة التي يمكن لحلف (الناتو) أن يبقى مستمرا في التزامه. ويتمثل تحدي ليبيا اليوم بتشكيل حكومة تمثل كافة القبائل والعشائر والأحزاب من دون اللجوء إلى القتال الداخلي والفوضى التي يرجح حدوثها أكثر من عدمه. وإني قلق إيضا إزاء استمرار التقارير ذات الأهداف الانتقامية، والعنصرية الفاضحة ضد الليبيين السود والتعذيب وعمليات القتل العشوائية التي تنفذها القوات المناهضة للقذافي إذ تتقدم جنوب البلاد. ومن شأن هذه الأفعال أن تشكل جوا من الاستياء وتتبنى مقاومة أكبر بالرغم من نوايا المجلس الوطني الانتقالي الفضلى.
- مايكل معلوف هو مسؤول سابق في البنتاغون ومجلس الشيوخ الأميركيين. عمل مراسلا صحفيا من العام 1974 حتى العام 1982 لكل من أخبار ديترويت، وأخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي، وزعيم الاتحاد (في ولاية نيو هامب) تباعا.
- منح معلوف جائزة الخدمة المدنية من "وزارة الدفاع" في كانون الأول/ ديسمبر 1993، وحاز على ميدالية "وزير الدفاع" التقديرية في آب/ أغسطس 1985.
- حصل على إجازة في الصحافة واختصاص ثانوي هو الشؤون الدولية من جامعة جورج واشنطن، وحصل عل درجة مشارك في الشؤون الدولية من كلية الأمير جورج الجماعية.
المصدر : http://www.almanar.com.lb