TODAY- Tuesday, October 11, 2011
حزب الله: حركة تحرر أم منظمة ارهابية؟
سيظل حزب الله يمثل الشيعة في لبنان
بعد مرور خمس سنوات على حرب 2006 بين حزب الله واسرائيل، يخشى الكثير من اللبنانيين من اندلاع حرب جديدة تكون اشد وطأة من سابقتها.
فلقد اصبح حزب الله، الذي اسس في اوائل ثمانينيات القرن الماضي، اقوى خصم للدولة العبرية، خصوصا بعد ان نجح في عام 2000 في طرد الجيش الاسرائيلي من الجنوب اللبناني وانهى بذلك احتلالا دام عقود.
وفي عام 2006، تمكن مقاتلو الحزب من الصمود بوجه الآلة العسكرية الاسرائيلية التي كانت مصممة على تدميره واقتلاعه من جذوره، وكان هذا الصمود كافيا لكي يعلن الشيخ حسن نصرالله الامين العام للحزب النصر على اسرائيل.
يعتبر الامريكيون حزب الله - الذي يمتلك من السلاح اكثر مما لدى الكثير من الجيوش الاوروبية - منظمة ارهابية.
ويقول ريتشارد باير، الذي يدير مجلة "المفكر الامريكي" الالكترونية اليمينية الموالية لاسرائيل: "عندما تتصرف كمنظمة ارهابية، وتقتل المدنيين وتتحدى قرارات الامم المتحدة حول نزع السلاح، فإنه من الواضح ماذا تكون."
ولكن آخرين، من امثال اليستير كروك، لا يتفقون مع هذا الرأي. يدير كريك، وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات الخارجية البريطاني، مركزا للبحوث في بيروت وكانت له اتصالات كثيرة مع قيادات حزب الله. يقول كريك: "حزب الله حركة مقاومة وحركة تحرير."
ولكن هل بوسع حزب الله القول إنه يقاوم الاحتلال الاسرائيلي بينما لا يحتل الاسرائيليون ارضا لبنانية؟ يجيب الحزب على ذلك بالقول إن الاسرائيليين ما زالوا يحتلون اراض لبنانية كقرية الغجر ومزارع شبعا.
ولكن مزارع شبعا هي ارض سورية، حسب ما تقول الامم المتحدة على الاقل، اما قرية الغجر فما زالت اسرائيل تحتفظ بنصفها الشمالي.
يجيب مؤيدو اسرائيل كريتشارد باير بأن احتلال نصف قرية لا يبرر احتفاظ حزب الله بهذه الترسانة الكبيرة من الاسلحة والصواريخ، ويقول "هل يعتبر ذلك مبررا كافيا للاحتفاظ باربعين الف صاروخ ولقتل الجنود الاسرائيليين عند الحدود ولاطلاق القذائف على اسرائيل؟"
تأييد محلي
ولكن حزب الله يقول إن سبب اصراره على الاحتفاظ بهذه الترسانة هو ردع اي هجوم قد يفكر الاسرائليون بشنه على لبنان في المستقبل.
يتمتع حزب الله بتأييد جماهيري واسع في الجنوب اللبناني وفي ضاحية بيروت الجنوبية التي يسيطر عليها والتي تعرضت لدمار شديد جراء القصف الاسرائيلي في صيف 2006. وقد اعيد بناء الضاحية بتمويل ايراني.
قال لنا احد المتسوقين في الضاحية الجنوبية: "عندما كنا صغارا، كنا نرى كيف كان الاسرائيليون يدخلون اراضينا وبيوتنا وكيف كانوا يخيفون ويرهبون عوائلنا. ولكن الآن هناك من يدافع عنا ومن يجعلنا نشعر بأمان في دورنا."
وقال متسوق آخر: "حزب الله رفع رؤوسنا عاليا، فهو الذي حمانا وجعلنا نشعر بالفخر."
نظرا للطبيعة المعقدة التي يتميز بها النظام الانتخابي في لبنان، يصعب الجزم بمدى التأييد الذي يتمتع به حزب الله، ولكن يمكن مع ذلك القول إن الناخبين الذين يدينون بالولاء للحزب - وهم من الشيعة الذين لن يصوتوا لغيره - تبلغ نسبتهم من 15 الى 20 في المئة من مجموع السكان.
وفي الوقت الذي ينادي فيه حزب الله الى تحرير كامل التراب الفلسطيني، يشير ايضا الى قبوله بحل الدولتين في حال وافق الفلسطينيون على ذلك.
هذا التناقض لن يجد طريقه للحل لسببين، الاول يتلخص في انتفاء احتمال التوصل الى حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي في المستقبل المنظور، اما الثاني فهو حتى لو تيسر الحل فإن جزءا من الفلسطينيين لا بد ان يرفضه وسيصطف حزب الله آنئذ مع ذلك الطرف الرافض.
يعترف حزب الله بأنه المسؤول عن اندلاع حرب 2006، وذلك عندما قام مقاتلوه بأسر جنديين اسرائيليين املا في مبادلتهما بسجناء لبنانيين تحتفظ بهم اسرائيل.
ويقول الشيخ حسن نصرالله إنه تفاجأ عندما ردت اسرائيل على هذا العمل بشن حرب شاملة على لبنان.
أوضحت حرب 2006 امكانية اندلاع القتال في الجنوب اللبناني دون سابق انذار، وهو احتمال يعتبره كثيرون واردا في الاعوام القليلة المقبلة.
يقول نيكولاس مو، الذي اخذ على عاتقه ارشفة خطب نصرالله ومقابلاته الصحفية، "التنبؤ بالحرب القادمة امر عسير، فقد وعد نصرالله منذ بضع سنوات اننا سنرى نهاية اسرائيل في غضون سنوات. فاذا اخذنا هذا التهديد مأخذ الجد يبدو الامر اكثر خطورة."
ويعتقد كثيرون إن الانتصارات التي حققها حزب الله على الاسرائيليين في 2000 و2006 اصابته بالغرور، ولكن آخرين يعتقدون العكس ويقولون إن اسرائيل تشعر بثقة زائدة ايضا.
يقول ثاناسيس كامبانيس، الذي الف كتابا يتناول موقف حزب الله من اسرائيل: "دأبت اسرائيل على القول إنها بصدد تدمير حزب الله كلما خاضت الحرب في لبنان. ولكن مهما تكون النتائج التي تتمخض عنها الحرب المقبلة، سيظل حزب الله يمثل الشيعة اللبنانيين. هناك خطاب متبادل مبني على الاوهام يدعي كل طرف بموجبه القدرة على القضاء على الطرف الثاني، وذلك غير ممكن بالطبع."
ولكن مع الثقة التي يشعر بها كل من الطرفين بقدرته على انزال ضربة قاضية بالطرف الآخر، تتوفر الظروف المؤاتية لحرب طويلة وشرسة - وعبثية في نهاية المطاف.
BBC