كفاح الأمين يقرأ التحولات الاجتماعية فوتوغرافيا19/05/2014 10:23
في جلسة استثنائية أقامها نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب ببغداد، قدّم الفوتوغرافي والباحث كفاح الأمين محاضرة بعنوان "السرد الفوتوغرافي والتحولات الاجتماعية" قرأ فيها مدينة بغداد والتحولات التي مرّت بها، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً من خلال الفوتوغراف الذي جمعه على مدى سنين طويلة.
الأمين حاول في الجلسة التي أدارها القاص محمد علوان جبر، أن يبني التحولات الاجتماعية عن طريق قراءة مراحل التمدن في بغداد، مشيراً إلى أن تأسيس ثلاث كليات في هذه المدينة مطلع القرن العشرين؛ مدرسة الحقوق والمدرسة العسكرية وكلية الطب، دليل على القيمة المهمة لهذه العلوم التي أسست لبناء مجتمع جديد كلياً عقب انهيار الاحتلال العثماني.
فكلية القانون كان يدرس فيها أبناء الطبقة البرجوازية وأصحاب النفوذ، فضلاً عن كلية الطب، أما العسكرية فكانت لعامة الشعب، وهي التي تخرج فيها أهم القادة الذي شكلوا الحكومات العراقية فيما بعد، مثل نوري السعيد الذي كان رجلاً عسكرياً، ومن ثم شكل أهم مراحل التطور في النظام الملكي في العراق، وجعفر العسكري ومحمد أمين زكي بيك وغيرهم الكثير، كل هذه الأسماء اللامعة التي عملت على تأسيس الدولة العراقية تخرجوا في مدرستي الحقوق والعسكرية.
الأزياء
لكن الأهم من هذا، هو قراءة التحولات التي طرأت على الأزياء العراقية، فقد بدأ التحول في بداية القرن الماضي بعد أن كان العراقيون يرتدون الطربوش ويحملون العصي بأيديهم، ومع انتهاء الاحتلال العثماني، ودخول الجيش البريطاني بدأت هذه الأزياء بالاختفاء ليخلع العراقيون الطرابيش، وتدريجياً بدؤوا يعتمرون "السدارة" البغدادية التي شكلت الهوية المدنية الجديدة.
قسّم الأمين محاضرته التي بُنيت على مجموعة صور عن بغداد منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى ثلاثينيات القرن العشرين، إلى عدّة أقسام، بدأها بقراءة للأزياء التي كانت شائعة آنذاك، لينتقل بعد ذلك إلى المدينة وطرازها العمراني وصولاً إلى الإعلانات التي كانت تنشر في الصحف، ومن خلالها إعادة بناء محاضرته عن طريق الإحصائيات التي تنشر في تلك الصحف، والإعلانات التي كانت تتدخل في تمدين المجتمع أو دفعه إلى التمدن.. فكانت المحاكم تعاقب من يلقي النفايات في الشارع، وتوجب أن تسجل الدراجات في الدولة وتعطى أرقاماً، هذا حدث في بغداد العام 1922 في حين الحكومة الهولندية قامت بهذا الإجراء في العام 1929، ومن ثمَّ كان هذا التمدن واضحاً في إحصائيات عدد الحلاقين وعدد الصيدليات وعدد الصحف.
وأشار الأمين إلى أنه في عشرينيات القرن الماضي كانت المدنية سائدة من خلال الملبس والصحف والنشاطات الفنية الكبيرة التي كانت تقام في المقاهي.
توثيق مجتمع بغداد المدني
القاص الروائي أحمد خلف، أكد في مداخلته على أهمية توثيق هذه المحاضرة من خلال دراسة الصور المعروضة والاشتغال عليها بدلاً من المحاضرة الشفاهية، مبيناً أن هناك كتابا قدموا في رواياتهم فقرات رسخت تواريخ معينة في بلدانهم، مثلما فعل إمبرتو إيكو في روايته "اسم الوردة" في حديثه عن محاكم التفتيش لتكون مرجعاً مهماً عن تلك المدة، "هذه الكتابة تشكل جزءاً أساسياً من تاريخ أي بلد، والمادة التي عرضها كفاح الأمين بحاجة إلى دراسة معمقة عن تاريخ بغداد لكي يؤسس عليها الذين يؤمنون بالعلم ويعيدوا كتابة تاريخ العراق من منظور إنساني".
أما الكاتب عبد الأمير المجر، فقد طالب في مداخلته أن تكون مثل هذه المحاضرات دروساً في المدارس الابتدائية والمتوسطة، مبيناً أن مثل هذه المحاضرات تعيد قراءة تاريخ العراق وتدفع بمجتمعه للمحافظة على التقاليد وتمثُّل السنوات المؤسسة له.
كما شارك في المداخلات الروائي فليح خضير الزيدي الذي تحدث عن أهمية الفوتوغراف في حياتنا من أجل توثيق اللحظات التي تعيد تشكل الحياة بألوان مختلفة.