ما بعد الانتخابات

بقلم: القاضي زهير كاظم عبود
حسب توزيع المقاعد لعضوية مجلس النواب الاتحادي يكون مجموع السادة الذين فازوا بعضوية مجلس النواب ( 328 ) عضوا ، وهذا العدد سيمثل الشعب العراقي ضمن السلطة التشريعية التي تشكل عمودا من اعمدة السلطة الاتحادية التي تمارس عملها ومهمتها واختصاصاتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ، وسيؤدي جميع الاعضاء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب وبحضور القاضي رئيس السلطة القضائية وفقا لما نصت عليه المادة ( 50 ) من الدستور وعلى الشكل التالي : (أقسم بالله العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما أقول شهيد ).
هؤلاء الاعضاء في مجلس النواب يمثلون العراق قبل ان يمثلوا اقاليمهم او محافظاتهم او كتلهم السياسية، وهم امناء على مهمتهم ومسؤوليتهم القانونية، وعليهم ان يسهروا على مصلحة العراق، وهم ايضا مسؤولون امام شعبنا بأن يحافظوا على صيانة الحقوق والحريات والنظام الديمقراطي الاتحادي بما نص عليه الدستور ، وهم ايضا مسؤولون امام شعبنا بمتابعة ملفات الفساد وكشف الفاسدين وإحالتهم الى القضاء لمحاكمتهم ، وهم مسؤولون عن تشريع القوانين التي تهم المجتمع العراقي ، وعليهم ايضا تقديم مقترحات القوانين التي تهم الشرائح الفقيرة من العراقيين، وان لا تبقى تلك المشاريع في ادراج المجلس ، وكل عضو من الاعضاء مكلف وطنيا ان يكون حريصا على المال العام ورعاية مصالح الشعب واحترام استقلالية القضاء والالتزام بتطبيق مبدأ المساواة امام القانون وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.
وأمام اعضاء مجلس النواب الاتحادي الجدد في العراق مهمة تطبيق نص المادة ( 65 ) من الدستور بإنشاء مجلس الاتحاد الذي تم تأجيل العمل بأحكامه بموجب المادة ( 137 ) من الدستور الى حين صدور قرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين، ( بعد دورته الانتخابية الاولى التي يعقدها بعد نفاذ الدستور )، وبتاريخ 28 /12 /2005 أصبح الدستور نافذا بعد نشره في الجريدة الرسمية بالعدد 4012 ، وقد انتهت عدة دورات ولم يصدر مجلس النواب قانونا ينظم تكوينه وشروط العضويه فيه واختصاصاته دون اي سبب دستوري او قانوني.
ستتم دعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد بدعوة من رئيس الجمهورية وفقا لمرسوم جمهوري بعد إتمام المصادقة على نتائج الانتخابات ، وستعقد الجلسة الأولى برئاسة أكبر الاعضاء سنا ، وخلال هذه الجلسة سيتم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب ونائب اول ونائب ثان بالانتخاب السري المباشر والفائز من يحصل على الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس.
كما ان امام اعضاء مجلس النواب الجدد مهمة احياء تنفيذ نص المادة (140) من الدستور والمعطلة دون اي تبرير او منطق ، بالإضافة الى مهمة قانون للمحكمة الاتحادية العليا يتم تشريعه بأغلبية الثلثين من اعضاء المجلس ، على ان يكون هذا القانون يتناسب مع المهمة الكبيرة المناطة بأعضاء المحكمة التي ينبغي ان تتشكل من عدد من القضاة من اصحاب الدرجات العليا وممن لهم تجربة وثقافة تتناسب مع اختصاص المحكمة ، على ان يكون هناك خبراء يتم اعتمادهم للتعاون مع اعضاء المحكمة المتشكلة من القضاة حصرا ، وان يكون هؤلاء الخبراء في الفقه الاسلامي والديانات العراقية الاخرى ومن فقهاء القانون ، على ان يترك امر الاحكام والقرارات للقضاء الذي أكد الدستور على استقلاليته في أكثر من مكان .
ومهما كانت الكتلة والحزب الذي يمثلهما النائب في مجلس النواب ، فلا بد أن يضع نصب عينيه حرصه بشكل عام على مساواة العراقيين امام القانون دون تمييز وان الحريات والحقوق التي نص عليها الدستور لا يمكن التفريط بها او الاخلال بتطبيقها ، ولا يكون تقييد ممارسة اي حق من تلك الحقوق او تحديدها إلا بقانون على ان لا يمس هذا التحديد جوهر الحقوق أو الحريات ، وان يكونوا صوتا واحدا فيما يخص حقوق العراقيين.
ان المهمة كبيرة وعلى العضو أن يكون جديرا وفق مسؤوليته بها ، وليضع امامه صورة الآلاف من الناس الذين وضعوا ثقتهم به ليمثل كل العراق اولا ويمثلهم ثانيا، متذكرا ما طرحه من وعود وبرامج عمل خلال فترة ترشحه ، فهل سيكون جديرا بهذه المسؤولية ام انه لن يكون سوى رقم كغيره من الأرقام التي مرت بالمجلس دون أن تترك أثرا أو تنتج ما يؤهلها وطنيا لأن ترتقي الى جدارة العضوية في مجلس النواب؟.
ان من بين اهم واجبات واختصاص مجلس النواب ليس فقط تشريع القوانين الاتحادية وانتخاب رئيس الجمهورية ، وتصديق المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وأيضا ليس فقط في الموافقة على تعيين الدرجات الرفيعة في الدولة العراقية ، وانما تعد الرقابة على أداء السلطة التنفيذية من اهم اختصاصات مجلس النواب التي لا بد ان تراقب الحكومة وتحاسبها في حال الفشل والإخفاق ، وتحدد مدى تنفيذ برنامجها، من خلال الاجراءات المحددة في الدستور.
هناك شعارات حددتها المرحلة تلزم اعضاء مجلس النواب بتنفيذها والارتقاء بعمل المجلس لتحقيق تلك الأهداف التي اجمع عليها الشعب ، والتي كانت قاسما مشتركا لكل الاحزاب والكتل والشخصيات السياسية مثل مكافحة الإرهاب والفساد ، وسعي المجلس لإكمال مشروع أجراء التعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور، وان يتم عرضها على مجلس النواب للتصويت عليها، على ان تحظى بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، تمهيدا لطرحها على الشعب للاستفتاء عليها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تعديل نص المادة ( 25 ) التي تخص
(اصلاح الاقتصاد ) وإحلال اعتماد خطط علمية ثابتة لكون الاصلاح حالة مؤقتة لا تنسجم مع ثبات الدستور، وإلغاء العمل ورفع النص الخاص بمجلس رئاسة الجمهورية الواردة ضمن احكام المادة ( 138 ) من الدستور، وتعديل نص المادة (139) وتحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين اسوة برئيس الجمهورية، وما تراه اللجان المختصة بهذا الخصوص .
مهمة ليست باليسيرة ، وكبيرة تلزم الضمير ، وتحتم على من صار عضوا في مجلس النواب أن يؤدي الأمانة التي الزم بها وجدانه ، وأن يعمل بكل قدراته للارتقاء بالعراق نحو المكانة التي تليق به .