بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

عن زيد بن أسلم قال : مات لداود عليه السلام ولد ، فحزن عليه حزناً كثيراً ، فأوحى الله إليه : « يا داود ، ما كان يعدل هذا الولد عندك ؟ قال : يا رب ، كان يعدل هذا عندي ملء الأرض ذهباً ، قال : فلك عندي يوم القيامة ملء الأرض ثواباً » (2).
وعن داود بن أبي هند (3) قال : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، وكأن الناس يدعون إلى الحساب ، قال : فقربت إلى الميزان ، ووضعت حسناتي في كفة وسيئاتي في كفة ، فرجحت السيئات على الحسنات ، فبينما أنا كذلك مغموم إذ اُتيت بمنديل أبيض ـ أو خرقة بيضاء ـ فوضعت مع حسناتي فرجحت ، فقيل لي : أتدري ما هذا ؟ قلت : لا ، قيل : هذا سقط كان لك ، قلت : فإنه كانت لي إبنة ، ( فقيل : بنتك ليست كذلك ) (4) ، لأنك كنت تتمنى موتها.
وعن أبي شوذب : ان رجلاً كان له ابن لم يبلغ الحلم ، فأرسل إلى قومه فقال : لي إليكم حاجة ، قالوا : ما هي ؟ قال : إني أريد أن أدعو على ابني هذا أن يقبضه الله تعالى ، وتؤمنون على دعائي ، قال : فسألوه عن سبب ذلك ، فأخبرهم أنه رأى في نومه (5) كأن الناس قد جمعوا ليوم القيامة ، وأصابهم عطش شديد ، فإذا الولدان قد خرجوا من الجنة معهم الأباريق ، وفيهم ابن أخ له ، فالتمس منه أن يسقيه فأبى ، وقال : يا عم ، إنا لا نسقي إلا الآباء ، فأحببت أن يجعل الله ولدي هذا فرطاً لي ، فدعا فأمنوا ، فلم يلبث الصبي حتى مات.
أخرجه البيهقي في ( الشعب ).
وعن محمد بن خلف (6) قال : كان لإبراهيم الحربي ابن له إحدى عشرة سنة قد

-------------------------------------
1 ـ في نسخة « ش » : مما يلتحق.
2 ـ رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر 1 : 287 ، والسيوطي في الدر المنثور 5 : 306 باختلاف في الفاظه.
3 ـ في « ح » : داود بن هند ، والصواب ما أثبتناه من نسخة « ش » راجع « مجمع الرجال 2 : 279 ، الجرح والتعديل 3 : 411 / 1881 ، تهذيب التهذيب 3 : 204 / 388 ، ميزان الأعتدال 2 : 11 / 2613 ».
4 ـ في نسخة « ش » : فقيل لي تيك ليست لك.
5 ـ في نسخة « ش » : منامه.
6 ـ في « ح » محمد بن أبي خلف ، والصواب ما أثبتناه من نسخة « ش » ، راجع « رجال النجاشي : 270 ، ومعجم


حفظ القرآن ، ولقنه أبوه من الفقه والحديث شيئاً كثيراً ، فمات فأتيته لاعزيه ، فقال : كنت أشتهي موته ، فقلت له : يا أبا إسحاق ، أنت عالم الدنيا ، تقول مثل هذا في صبي قد أنجب ، وحفظ القرآن ، ولقنته الحديث والفقه ؟ ! قال : نعم ، رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت ، وكأن صبياناً بأيديهم القلال (1) فيها ماء ، يستقبلون الناس يسقونهم ، وكان اليوم يوم يوماً حاراً شديد الحر. فقلت لأحدهم : إسقني من هذا الماء. فنظر إلي ، وقال : لست أنت أبي ، قلت : فأي شيء أنتم ؟ قالوا : نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا ، وخلفنا آباءنا ، فنستقبلهم ونسقيهم (2) ، فلهذا تمنيت موته.
وروى الغزالي في ( الإحياء ) : إن بعض الصالحين كان يعرض عليه التزويج برهة من دهره فيأبى ، قال : فانتبه من نومه ذات يوم ، وقال : زوجوني ، فزوجوه ، فسئل عن ذلك ، فقال : لعل ( الله أن يرزقني ) (3) ولداً ويقبضه ، فيكون لي مقدمة في الآخرة ، ثم قال : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، وكأني في جملة الخلائق في الموقف ، وبي من العطش ما كاد أن يقطع قلبي ، وكذا الخلائق من شدة العطش والكرب ، فبينما نحن كذلك وإذا ولدان يتخللون الجمع ، عليهم قناديل من نور ، وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب ، يسقون الواحد بعد الواحد ، يتخللون الجمع ويتجاوزون أكثر الناس ، فمددت يدي إلى أحدهم ، فقلت : اسقني ، فقد أجهدني العطش ، فقال : مالك فينا ولد ، إنما نسقي آباءنا ، فقلت : ومن أنتم : ومن أنتم ؟ قالوا : نحن من مات من أطفال المسلمين (4).
وحكى الشيخ أبو عبد الله بن النعمان في كتاب ( مصباح الظلام ) عن بعض الثقات : أن رجلاً أوصى بعض أصحابه ـ ممن أراد أن يحج ـ أن يقرأ سلامه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويدفن رقعة مختومة ـ أعطاها له ـ عند رأسه الشريف ، ففعل ذلك ، فلما رجع من حجه أكرمه الرجل وقال له : جزاك الله خيراً ، لقد بلغت الرسالة ، فتعجب المبلغ من ذلك وقال : من أين علمت تبليغها قبل أن اُحدثك ، فأنشأ يحدثه ، قال : كان لي أخ مات ، وترك ابناً صغيراً ، فربيته وأحسنت تربيته ، ثم مات
رجال الحديث 16 : 74 ، خلاصة العلامة 1 : 161 / 154 ».
1 ـ القلال جمع القلة : وهي الحب العظيم أو الجرة العظيمة « القاموس المحيط 4 : 40 ».
2 ـ في نسخة « ش » : فنسقيهم الماء.
3 ـ في نسخة « ش » : الله تعالى يرزقني.
4 ـ إحياء علوم الدين 2 : 27.



قبل أن يبلغ الحلم ، فلما كان ذات ليلة ، رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، والحشر قد وقع ، والناس قد اشتد بهم العطش من شدة الجهد ، وبيد ابن أخي ماء ، فالتمست أن يسقيني فأبى ، وقال : أبي أحق به منك ، فعظم علي ذلك ، فانتبهت فزعاً ، فلما أصبحت تصدقت بجملة دنانير ، وسألت الله أن يرزقني ولداً ذكراً ، فرزقنيه ، واتفق سفرك ، فكتبت لك تلك الرقعة ، ومضمونها التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عزوجل في قبوله مني ، رجاء أن أجده يوم الفزع الأكبر ، فلم يلبث أن حم ومات ، وكان ذلك يوم وصولك ، فعلمت أنك بلغت الرسالة.
وفي كتاب ( النوم والرؤيا ) لأبي الصقر الموصلي ، حدثني علي بن الحسين بن جعفر ، حدثني أبي ، حدثني بعض أصحابنا ممن أثق بدينه وفهمه ، قال : أتيت المدينة ليلاً ، فنمت في بقيع الغرقد (1) بين أربعة قبور عندها قبر محفور ، فرأيت في منامي أربعة أطفال ، قد خرجوا من تلك القبور ، وهم يقولون :

أنعم الله بالحبيبة عيناً عجباً ما عجبت من ضغظة وبمسراك يا اميم إلينا القبر ومغداك يا اُميم إلينا
فقلت : إن لهذه الأبيات لشأناً ، وأقمت حتى طلعت الشمس ، وإذا جنازة قد أقبلت ، فقلت : من هذه ؟ فقالوا : امرأة من أهل المدينة ، فقلت : إسمها اميمة ؟ قالوا : نعم ، قلت : قدمت فرطاً ؟ قالوا : أربعة اولاد ، فأخبرتهم بالخبر ، فأخذوا يتعجبون من هذا (2).
وما أحسن من أنشد بعض الأفاضل ، يقول شعراً :

عطيته إذا أعطى سروراً فأي النعمتين أعد فضلاً أنعمته التي كانت سروراً وإن سلب الذي أعطى أثابا وأحمد عند عقباها إيابا أم الاخرى التي جلبت ثوابا ؟


---------------------------

1 ـ بقيع الغرقد : بالغين المعجمة ، هو مقبرة أهل المدينة « معجم البلدان : 1 : 473 ».
2 ـ البحار 82 : 122.