أكثر الأشياء التي لا يمكن أن ننساها هو رائحة مكان أو شخص.
قد نشمّ هذه الرائحة بشكل غير متوقّع، في لحظة مليئة بالعواطف أو الأحداث أو في لحظة عابرة،
لكنها تستحضر أحد أيام الصيف في الطفولة، أو لقاء على شاطئ مقمر؛ أو عشاء عائلي أو طيف حبيب قديم
أو عطر الوالدة أو رائحة منزلنا القديم...
لكن إذا وضعنا اللغة الشعرية جانباً وبحثنا عن السبب العلمي لوجدنا أن ثمة مناطق في الدماغ معنيّة بالذاكرة الطويلة الأمد،
ترتبط بحاسة الشم عن طريق موجات دماغيّة.
لحظة نشمّ رائحة معيّنة نعود على الفور بذاكرتنا إلى الوراء لأن القشرة الدماغية تربط بين الذاكرة المكانية والرائحة.
فتتذكّر على الفور أين شممت هذه الرائحة خاصة إذا ارتبطت بأحداث أو بعاطفة معيّنة.
في دراسة على مجموعة من السويديين متوسط أعمارهم 75 سنة،
عرض الباحثون عليهم ثلاث مجموعات من الأشياء التي يمكن أن تنبّه الذاكرة:
كلمات، صور وروائح. وقد وجد العلماء أنه في حين أن الكلمات والصور أثارت ذكريات من المراهقة ومرحلة الشباب،
إلا أن الروائح استحضرت أفكاراً وصوراً من مرحلة الطفولة المبكرة أي ما قبل عمر العشر سنوات.
وصف الذكريات كان غنياً وواضحاً بشكل استثنائي ورافقه انفعال وعاطفة.
أكد الجميع أن بعض الروائح جعلتهم يحسّون فجأة بالعودة بالوقت إلى الوراء.
وقد فسّر بعض العلماء ارتباط الروائح بالذكريات بأن الشمّ هو أول حاسة تكتمل لدى الإنسان وتسبق الحواس الأخرى كلها. لذلك يحفظ الدماغ بشكل أوضح الذكريات المرتبطة بالروائح أكثر منه تلك المرتبطة بالصور أو الأصوات.