1- حديث زيد و له عنه طرق خمس :
الأولى : عن أبي الطفيل عنه قال : لما دفع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة
الوداع و نزل غدير ( خم ) ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : كأني دعيت فأجبت
و إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله و عترتي أهل بيتي ،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : "
إن الله مولاي و أنا ولي كل مؤمن " . ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال :
" من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه " . أخرجه
النسائي في " خصائص علي " ( ص 15 ) و الحاكم ( 3 / 109 ) و أحمد ( 1 / 118 )
و ابن أبي عاصم ( 1365 ) و الطبراني ( 4969 - 4970 ) عن سليمان الأعمش قال :
حدثنا حبيب بن أبي ثابت عنه و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " .
قلت : سكت عنه الذهبي ، و هو كما قال لولا أن حبيبا كان مدلسا و قد عنعنه .
لكنه لم يتفرد به ، فقد تابعه فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال : " جمع علي رضي
الله عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم : أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام ، فقام ثلاثون من الناس ،
( و في رواية : فقام ناس كثير ) فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس : " أتعلمون
أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : " من كنت
مولاه ، فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه " . قال : فخرجت و كأن
في نفسي شيئا ، فلقيت زيد بن أرقم ، فقلت له : إني سمعت عليا يقول كذا و كذا ،
قال : فما تنكر ، قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له " . أخرجه
أحمد ( 4 / 370 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 2205 - موارد الظمآن ) و ابن أبي
عاصم ( 1367 و 1368 ) و الطبراني ( 4968 ) و الضياء في " المختارة " ( رقم -
527 بتحقيقي ) .
قلت : و إسناده صحيح على شرط البخاري . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 104
) : " رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة و هو ثقة " . و تابعه
سلمة بن كهيل قال : سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك
شعبة - عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرا : " من كنت مولاه ، فعلي مولاه "
. أخرجه الترمذي ( 2 / 298 ) و قال : " حديث حسن صحيح " .
قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين . و أخرجه الحاكم ( 3 / 109 - 110 ) من
طريق محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنه سمع زيد بن
أرقم به مطولا نحو رواية حبيب دون قوله : " اللهم وال .. " . و قال الحاكم :
" صحيح على شرط الشيخين " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : لم يخرجا لمحمد ، و
قد وهاه السعدي " .
قلت : و قد خالف الثقتين السابقين فزاد في السند ابن واثلة ، و هو من أوهامه .
و تابعه حكيم بن جبير - و هو ضعيف - عن أبي الطفيل به . أخرجه الطبراني ( 4971
) .
الثانية : عن ميمون أبي عبد الله به نحو حديث حبيب . أخرجه أحمد ( 4 / 372 ) و
الطبراني ( 5092 ) من طريق أبي عبيد عنه . ثم أخرجه من طريق شعبة و النسائي ( ص
16 ) من طريق عوف كلاهما عن ميمون به دون قوله : " اللهم وال " . إلا أن شعبة
زاد : " قال ميمون : فحدثني بعض القوم عن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : اللهم .. " . و قال الهيثمي : " رواه أحمد و البزار ، و فيه ميمون أبو
عبد الله البصري ، وثقه ابن حبان ، و ضعفه جماعة " .
قلت : و صحح له الحاكم ( 3 / 125 ) .
الثالثة : عن أبي سليمان ( المؤذن ) عنه قال : " استشهد علي الناس ، فقال :
أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم من كنت مولاه ،
فعلي مولاه ، الله وال من والاه ، و عاد من عاداه " . قال : فقام ستة عشر رجلا
فشهدوا " . أخرجه أحمد ( 5 / 370 ) و أبو القاسم هبة الله البغدادي في الثاني
من " الأمالي " ( ق 20 / 2 ) عن أبي إسرائيل الملائي عن الحكم عنه . و قال أبو
القاسم : " هذا حديث حسن صحيح المتن " . و قال الهيثمي ( 9 / 107 ) : " رواه
أحمد و فيه أبو سليمان و لم أعرفه إلا أن يكون بشير بن سليمان ، فإن كان هو فهو
ثقة و بقية رجاله ثقات " . و علق عليه الحافظ ابن حجر بقوله : " أبو سليمان هو
زيد بن وهب كما وقع عند الطبراني " .
قلت : هو ثقة من رجال البخاري لكن وقع عند أبي القاسم تلك الزيادة " المؤذن "
و لم يذكرها في ترجمة زيد هذا ، فإن كانت محفوظة ، فهي فائدة تلحق بترجمته .
لكن أبو إسرائيل و اسمه إسماعيل بن خليفة مختلف فيه ، و في " التقريب " :
" صدوق سيء الحفظ " .
قلت : فحديثه حسن في الشواهد .
ثم استدركت فقلت : قد أخرجه الطبراني أيضا ( 4996 ) من الوجه المذكور لكن وقع
عنده : " عن أبي سلمان المؤذن " بدون المثناة بين اللام و الميم ، و هو الصواب
فقد ترجمه المزي في " التهذيب " فقال : " أبو سلمان المؤذن : مؤذن الحجاج اسمه
يزيد بن عبد الله يروي عن زيد بن أرقم و يروي عنه الحكم بن عتيبة و عثمان بن
المغيرة الثقفي و مسعر بن كدام ، و من عوالي حديثه ما أخبرنا .. " . ثم ساق
الحديث من الطريق المذكورة . و قال : " ذكرناه للتمييز بينهما " . يعني : أن
أبا سلمان المؤذن هذا هو غير أبي سليمان المؤذن ، قيل : اسمه همام .... الذي
ترجمه قبل هذا ، و هذه فائدة هامة لم يذكرها الذهبي في كتابه " الكاشف " .
قلت : فهو إذن أبو سلمان و ليس ( أبو سليمان ) و بالتالي فليس هو زيد بن وهب
كما ظن الحافظ ، و إنما يزيد بن عبد الله كما جزم المزي ، و إن مما يؤيد هذا أن
الطبراني أورد الحديث في ترجمة ( أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم ) : و ساق
تحتها ثلاثة أحاديث هذا أحدها . نعم وقع عنده ( 4985 ) من رواية إسماعيل بن
عمرو البجلي حدثنا أبو إسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سليمان زيد بن وهب عن
زيد بن أرقم ... و هذه الرواية هي التي أشار إليها الحافظ و اعتمد عليها في
الجزم بأنه أبو سليمان زيد بن وهب . و خفي عليه أن فيها إسماعيل بن عمرو البجلي
و هو ضعيف ضعفه أبو حاتم و الدارقطني كما ذكر ذلك الحافظ نفسه في " اللسان " .
الرابعة : عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير ( خم ) ... " . الحديث نحو الطريق الأولى و فيه
: " يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي قبله و إني أوشك
أن أدعى فأجيب ، و إني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله .. " . الحديث و
فيه حديث الترجمة دون قوله : " اللهم وال .. " . أخرجه الطبراني ( 4986 )
و رجاله ثقات .
الخامسة : عن عطية العوفي قال : سألت زيد بن أرقم ... فذكره بنحوه دون الزيادة
إلا أنه قال : " قال : فقلت له : هل قال : اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ؟
قال : إنما أخبرك كما سمعت " . أخرجه أحمد ( 4 / 368 ) و الطبراني ( 5068 -
5071 ) . و رجاله ثقات رجال مسلم غير عطية ، و هو ضعيف . و له عند الطبراني (
4983 و 5058 و 5059 ) طرق أخرى لا تخلو من ضعف .