النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

بَاب الضَّمِير في اللغة العربية

الزوار من محركات البحث: 6 المشاهدات : 548 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: عراقي الهويه --- جنوبي الهوىے ›› ❤️العراق❤️
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 15,948 المواضيع: 3,667
    صوتيات: 32 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 7241
    المهنة: موظف
    أكلتي المفضلة: الفاصوليا
    موبايلي: +SAMSUNG S8
    آخر نشاط: 17/July/2023
    مقالات المدونة: 5

    بَاب الضَّمِير في اللغة العربية

    ( بَاب الضَّمِير)

    إِن قَالَ قَائِل: لم جَازَ أَن يَقع الِاسْم الْمَرْفُوع والمنصوب ضميرا مُنْفَصِلا، وَلم يكن فِي الْمَجْرُور إِلَّا ضميرا مُتَّصِلا؟
    فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْمَرْفُوع والمنصوب يجوز أَن يفصل بَينهمَا وَبَين مَا عمل فيهمَا، وَالْمَجْرُور مَعَ الْجَار كالشيء الْوَاحِد، وَلَا يجوز الْفَصْل فيهمَا، فَلَمَّا جَازَ الْفَصْل فِي الْمَرْفُوع والمنصوب، وَجب أَن يكون لَهما ضمير مُنْفَصِل، وأعني بالمنفصل الَّذِي يقوم بِنَفسِهِ، وَلَا يتَّصل بعامل، وَلما كَانَ الْمَجْرُور لَا يجوز انْفِصَاله من عَامله، لم يكن لَهُ إِلَّا ضمير وَاحِد.
    فَإِن قَالَ قَائِل: هَل الِاسْم من (أَنا) جملَته أَو بعضه؟
    قيل لَهُ: الِاسْم (أَن) ، وَالْألف زيدت لبَيَان حَرَكَة النُّون، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك إِذا وصلت الْكَلَام، قلت: أَن، فَسَقَطت الْألف، كَقَوْلِك: أَن فهمت، وَلَو كَانَت الْألف من نفس الْكَلِمَة لم تسْقط، وَإِنَّمَا كَانَت الْألف أولى بِالزِّيَادَةِ، لِأَنَّهَا أخف الْحُرُوف. وَبَعض الْعَرَب يَجْعَل فِي مَوضِع الْألف الْهَاء، إِذا وقف، فَيَقُول: أَنه، وَهَذَا يدلك على أَن الْألف لَيست من بِنَاء الِاسْم، وَإِنَّمَا زيدت لما ذكرنَا، وَإِنَّمَا كَانَت الْألف أَكثر من الْهَاء، لِأَنَّهَا قد تتصل بالضمير، إِذا كَانَت (أَن) العاملة قد يتَّصل بهَا ضمير الْغَائِب كثيرا، فَلذَلِك كَانَت الْألف أَكثر
    اسْتِعْمَالا فِي هَذَا الْموضع من الْهَاء.
    وَأما (أَنْت) : فالاسم أَيْضا مِنْهُ (أَن) ، وَالتَّاء زيدت للمخاطب، وَلَيْسَ لَهَا مَوضِع من الْإِعْرَاب، لِأَنَّهَا لَو كَانَت لَهَا مَوضِع من الْإِعْرَاب، لم تخل من أَن تكون رفعا أَو نصبا أَو جرا، وَالتَّاء لَيست من عَلَامَات الْمَجْرُور وَلَا الْمَنْصُوب، فَسقط أَن يكون موضعهَا نصبا أَو جرا، وَلم يجز أَن يكون رفعا، لِأَن الْعَامِل هُوَ (أَن) فِي قَوْلك: مَا قَامَ إِلَّا أَنْت، فَلَو كَانَت (التَّاء) فِي مَوضِع رفع، لَكُنْت قد جعلت للْفِعْل فاعلين من غير اشْتِرَاك بَينهمَا فِي تَثْنِيَة أَو عطف، ويتبين لَك أَنَّهَا لَا مَوضِع لَهَا، إِذا أدخلتها عَلامَة كالهاء الَّتِي تدخل عَلامَة للتأنيث، والعلامات لَا تكون لَهَا مَوَاضِع، لِأَنَّهَا لَيست لَهَا أَسمَاء.
    وَأما قَوْلنَا: (هُوَ) ، فالاسم الْهَاء وَالْوَاو جَمِيعًا، وَأهل الْكُوفَة يجْعَلُونَ الِاسْم الْهَاء وَحدهَا، ويستدلون على ذَلِك بِإِسْقَاط الْوَاو فِي التَّثْنِيَة، نَحْو قَوْلك: هما، وَكَذَلِكَ تسْقط فِي الْجمع، نَحْو هم ذاهبون، فَالْجَوَاب فِي هَذَا أَن الْحَرْف يسْقط فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع، إِذا عرضت فِيهِ عِلّة توجب إِسْقَاطه، وَإِن كَانَ الْحَرْف من أصل الْكَلِمَة، أَلا ترى إِذا جَمعنَا قَاضِيا قُلْنَا فِي جمعه: قاضون، فاسقطنا الْيَاء،
    وَهِي لَام الْفِعْل، وَلم يدل إِسْقَاطهَا على أَنَّهَا زَائِدَة، وَكَذَلِكَ إِسْقَاط الْوَاو من التَّثْنِيَة وَالْجمع من: هما وهم، لَا يدل على زيادتها.
    فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الْعلَّة الَّتِي من أجلهَا سقط الْوَاو؟
    قيل: لِأَنَّهَا لَو لم تسْقط لوَجَبَ ضمهَا، فَكَانَ إِثْبَاتهَا يُوجب أَن تكون مَضْمُومَة وَقبلهَا ضمة، وَذَلِكَ مستثقل، فحذفوها للاستثقال، فَكَانَت الْعلَّة فِي (58 / ب) حذف الْوَاو استثقال الضمة فِيهَا، فَلهَذَا حذفت.
    فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم وَجب أَن تضم، وَهِي مَفْتُوحَة فِي الْإِفْرَاد؟
    قيل: لِأَنَّهَا لَو بقيت مَفْتُوحَة، وَقد زيدت عَلَيْهَا الْمِيم وَالْألف، لتوهم أَنَّهُمَا حرفان منفصلان فِي أَمريْن متصلين، فَوَجَبَ أَن تغير الْحَرَكَة الَّتِي كَانَت مستعملة فِي آخِره، كَمَا غيرت فِي قَوْلك: أَنْتُمَا، فدلت الضمة على أَنَّهَا شَيْء وَاحِد، فَلذَلِك وَجب ضم الْوَاو، فاعلمه.
    فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم زيدت الْمِيم فِي التَّثْنِيَة؟
    [قيل] : فَفِي ذَلِك جوابان:
    أَحدهمَا: أَن التَّثْنِيَة لما كَانَت توجب تَغْيِير الْوَاحِد، كثر اللَّفْظ أَيْضا بِزِيَادَة الْمِيم، إِذْ كَانَت هَذِه المكنيات قد تبنى على حرف وَاحِد، وَأَقل الْأَسْمَاء أصولا يجب أَن يكون على ثَلَاثَة أحرف، فَلذَلِك زادوا الْمِيم.
    وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن القافية إِذا كَانَت مُطلقَة تبعتها ألف، فَلَمَّا زادوا على (أَنْت) ألفا، وَهُوَ ألف التَّثْنِيَة، جَازَ أَن يتَوَهَّم فِي بعض الْأَحْوَال أَنَّهَا ألف الْإِطْلَاق،
    كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
    (يَا مرت بن رَافع يَا أنتا ... أَنْت الَّذِي طلقت عَام جعتا)

    فزادوا الْمِيم ليزول اللّبْس، وَإِنَّمَا كَانَت الْمِيم أولى بِالزِّيَادَةِ من بَين سَائِر الْحُرُوف، لِأَنَّهَا من زَوَائِد الْأَسْمَاء والمضمر اسْم، فَلذَلِك وَجب أَن يُزَاد عَلَيْهِ الْمِيم، فَإِذا جمعت زِدْت واوا مَعَ الْمِيم، لتَكون الْوَاو تحل مَحل التَّثْنِيَة، فَتَقول: أنتمو وهمو، إِلَّا أَن هَذِه الْوَاو تحذف اسْتِخْفَافًا، لِأَنَّهُ لَا يشكل حذفه، وَيجوز أَن يتَكَلَّم بهَا على الأَصْل.
    فَأَما الْمُؤَنَّث: فَإِنَّهُ فِي التَّثْنِيَة لَا يخْتَلف طريقها، فَلذَلِك اسْتَويَا، فَإِذا جمعت زِدْت نونا مُشَدّدَة، فَقلت: هن، وأنتن، وَإِنَّمَا شددت النُّون لِأَنَّك زِدْت للمذكر حرفين، وهما الْمِيم وَالْوَاو، فَجعلت النُّون مُشَدّدَة لتَكون بِمَنْزِلَة مَا زِدْت للمذكر، وَلم تثقل كثقل الْوَاو، فتخفف، وَلَو خففت أَيْضا لزالت الْمُشَاركَة الَّتِي قصدت بتَشْديد النُّون. فَأَما الْمُتَكَلّم إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ غَيره، وَاحِدًا كَانَ أَو جمعا مؤنثا، أَو جمعا مذكرا، فلفظه (نَحن) ، وَإِنَّمَا لم يثن على لَفظه، لِأَن شَرط التَّثْنِيَة إِذا
    اتَّصَلت أَن تكون على لفظ الْوَاحِد، والمتكلم لَا يقْتَرن إِلَيْهِ مُتَكَلم، وَإِنَّمَا يقْتَرن إِلَيْهِ غَائِب أَو مُخَاطب، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: نَحن فعلنَا وَفعلت ذَلِك، كَانَ تَقْدِيره: أَنا وَزيد وَأَنت فعلنَا ذَلِك، وَلم يكن تَقْدِيره: أَنا وَأَنا، فَإِذا كَانَ المنضم إِلَيْهِ من غير جنس الْمُتَكَلّم لم يجز أَن يثنى على لَفظه، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرنَا وَجب أَن يبطل لفظ الْوَاحِد، ويستأنف للتثنية اسْم، لِأَن التَّثْنِيَة أول الجموع، لِأَن معنى الْجمع ضم شَيْء إِلَى شَيْء، فَلَمَّا فَاتَ لفظ التَّثْنِيَة المحققة، وَجب أَن يسْتَأْنف لفظ يدل على الِاثْنَيْنِ فَمَا فَوْقه، فَلذَلِك قَالُوا: نَحن.
    فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم جعل ضمير الْمَرْفُوع الْغَائِب الْمُنْفَصِل مستترا، وَظَهَرت عَلامَة الْمُتَكَلّم والمخاطب، نَحْو: قُمْت؟
    فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْغَائِب لما كَانَ لَا يذكر إِلَّا بعد تقدمة ذكر، صَار ذكره قبل الْفِعْل كعلامة، فأغنى عَن ذكره عَلامَة أُخْرَى فِي الْفِعْل.
    وَأما الْمُخَاطب والمتكلم: فَلَيْسَ (59 / أ) يتَقَدَّم لَهما ذكر، فَلَو استترت علامتهما، لم يكن عَلَيْهِمَا دَلِيل، فَلذَلِك ظَهرت عَلامَة الْغَائِب فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع، نَحْو قَوْلك: الزيدان قاما، والزيدون قَامُوا.
    فَإِن قَالَ قَائِل: لم لم تكتف بتقدم الْأَسْمَاء عَن إِظْهَار الْعَلامَة، كَمَا اكتفيت بِالْوَاحِدِ؟
    قيل لَهُ: إِنَّمَا جَازَ استتار ضمير الْوَاحِد لإحاطة الْعلم أَن الْفِعْل لَا يَخْلُو من فَاعل وَاحِد، وَقد يَخْلُو من اثْنَيْنِ وَأكْثر من ذَلِك، فَلَو أسترنا ضمير الِاثْنَيْنِ وَالْجمع، لجَاز أَن يتَوَهَّم أَن الْفِعْل لوَاحِد، فَلذَلِك وَجب إِظْهَار عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع.
    وَأما الضَّمِير الْمَنْصُوب: فإياك وإياي وإياه، وَقد اخْتلف فِي هَذَا الِاسْم على وُجُوه:
    فَكَانَ الْخَلِيل - رَحمَه الله - يَقُول: هُوَ اسْم مظهر مُضَاف نَاب عَن الضَّمِير، فاستدل على إِضَافَته بقول الْعَرَب:
    (إِذا بلغ الْمَرْء السِّتين فإياه وإيا الشواب) .
    فَلَو كَانَ مضمرا لم تجز إِضَافَته، لِأَن الْمُضَاف يقدر قبل الْإِضَافَة نكرَة ثمَّ يُضَاف، لِأَن الْغَرَض فِي الْإِضَافَة تَعْرِيفه، فَلذَلِك وَجب أَن يقدر نكرَة، فَلَو كَانَ الضَّمِير لَا يجوز أَن يكون نكرَة لم يجز أَن يكون مُضَافا
    وَأما الْأَخْفَش فَكَانَ يَقُول: إِنَّه اسْم بِكَمَالِهِ، وَذَلِكَ أَن (إيا) لما نابت عَن الْكَاف فِي قَوْلك: ضربتك، كَانَت اسْما بكمالها، وَأَن مَا بعد(إيا) من (الْكَاف وَالْيَاء وَالْهَاء) لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب، وَأَنَّهَا مُتَعَلقَة ب (إيا) ، كَمَا تتَعَلَّق (التَّاء) من (أَنْت) ب (أَن) .
    فألزم على هَذَا القَوْل أَن قيل لَهُ: لم كَانَت اسْما للمضمر، والمظهر يتَغَيَّر آخِره بانتقال الْحُرُوف، وَإِنَّمَا تنْتَقل الْأَوَاخِر بالحركات؟
    فَالْجَوَاب لَهُ عَن هَذَا الْإِلْزَام: أَنه قد خص بِمَا ذكره، وَله نَظِير مَعَ ذَلِك، أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ: جَاءَنِي أَخُوك، ومررت بأخيك، وَرَأَيْت أَخَاك، فيغيرون هَذِه الْأَسْمَاء بالحروف عَلامَة للإعراب، فبتغير هَذِه الْحُرُوف جَازَ أَن تَتَغَيَّر أواخرها،
    عَلامَة للأشخاص، إِلَّا أَن مَا ذَكرْنَاهُ عَن الْخَلِيل من إِضَافَة هَذِه الْأَسْمَاء يدل على ضعف قَول الْأَخْفَش، وَالْوَجْه عِنْد الْأَخْفَش: أَن(إيا) الِاسْم، وَمَا اتَّصل بهَا لَا مَوضِع لَهُ ك (التَّاء) . وَغَيره أَنه بِكَمَالِهِ اسْم، ليعلم أَنه لَيْسَ بمضاف، وَلم يعبأ بِالَّذِي ذكره الْخَلِيل، إِذْ كَانَ عِنْده شاذا، وَيجوز أَن تدخل الشُّبْهَة على من أَضَافَهُ، لما رأى آخِره يتَغَيَّر، كتغير الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ، إِن شَاءَ الله.
    وَقَالَ أهل الْكُوفَة: إِن (الْكَاف وَالْهَاء وَالْيَاء) هِيَ الْأَسْمَاء، وَإِن (إيا) عمدتها، وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بلحاق التَّثْنِيَة وَالْجمع لما بعد(إيا) وَلُزُوم (إيا) لفظا وَاحِدًا، وَهَذَا القَوْل ظَاهر السُّقُوط، وَذَلِكَ أَنه لَا يجوز أَن يبْنى الِاسْم مُنْفَصِلا على حرف وَاحِد، فَلذَلِك لم يجز أَن يقدر هَذَا التَّقْدِير، وَيدل على فَسَاد قَوْلهم أَيْضا انه لَا يجوز أَن يكون أَكثر الْكَلِمَة تبعا لأقلها، لِأَن ذَلِك نقض مَا يبْنى عَلَيْهِ الْكَلَام، وَلَيْسَ احتجاجهم بلحاق التَّثْنِيَة وَالْجمع لما بعد (إيا) مِمَّا يدل على أَنَّهَا هِيَ الْأَسْمَاء.
    فَأَما على مَذْهَب الْخَلِيل: فَلَا شُبْهَة فِي تثنيتها وَجَمعهَا، إِذْ كَانَت اسْما مُضَافا إِلَيْهَا، وَأما على قَول الْأَخْفَش: فَلَا يلْزم أَيْضا، لِأَن الْحُرُوف لما زيدت (59 / ب) للدلالة على الْأَشْخَاص جَازَ أَن يلْحقهَا التَّثْنِيَة وَالْجمع، ك (الْكَاف) الَّتِي هِيَ حرف، وَمَعَ ذَلِك تثنى وَتجمع، فَبَان بِمَا ذَكرْنَاهُ فَسَاد مَا اعتمدوا عَلَيْهِ، لِأَن مَا بعْدهَا عَلامَة للمخاطب وَالْغَائِب والمتكلم، فَلم يكن بُد من لحاق عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع.
    وَمِمَّا يُقَوي قَول الْخَلِيل أَن بعض النَّحْوِيين ذكر أَن (إيا) على وزن (فعلى) ، وَأَنه مُشْتَقّ من الْآيَة، وَالْآيَة: الْعَلامَة، يُقَال: رَأَيْت آيَة فلَان، أَي: شخصه، فَأصل (إيا) على هَذَا القَوْل أَن تكون الْهمزَة فَاء الْفِعْل، وَالْيَاء عينه، وَالْألف الْآخِرَة زَائِدَة، لِأَن (آيَة)أَصْلهَا: أيية، وَغَيره يَقُول: أَصْلهَا: أَيَّة، فَلَمَّا اشتق لفظ (إيا) مِنْهَا - والاشتقاق إِنَّمَا هُوَ للأسماء الظَّاهِرَة - دلّ [على] أَن (إيا)مظهرة، وَقد ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي (كِتَابه) ، فَيجوز أَن يكون مُوَافقا لقَوْل الْأَخْفَش، فَوجه قَوْله الْمُوَافق لقَوْل الْخَلِيل: أَن الْعَرَب لما أضافت (إيا) فِي الْمِثَال الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَجب أَن تكون مُضَافَة.
    وَجَاز قَول الْأَخْفَش أَن يكون إضمارا، لِأَنَّهَا لما اسْتعْملت اسْتِعْمَال الْمُضمر، كَانَت كعلامة الْمَرْفُوع، أَلا ترى أَنَّك مَتى قدرت على التَّاء لم تأت ب (أَنْت) ، فَكَمَا اتَّفقُوا على أَن (أَنْت) مُضْمر، وَجب أَن يكون (إيا) مضمرا، وَمَعَ هَذَا فَإِن (إيا) لَو كَانَت اسْما مظْهرا، لحسن أَن تَقول: ضربت إياك.
    فَإِن قيل: فقد قَالَ الشَّاعِر:
    (كأنا يَوْم قرى إِ ... نما نقْتل إيانا)

    قيل لَهُ: إِن الشَّاعِر إِنَّمَا أَرَادَ: نقْتل أَنْفُسنَا، فَلَمَّا رأى (إيانا) تقوم مقَام النَّفس فِي الْمَعْنى، فعلى ذَلِك جَازَ على طَرِيق الِاسْتِعَارَة.
    فَإِن قيل: كَيفَ جَازَ إِضَافَة الْمُضمر؟
    قيل لَهُ: إِن (إيا) لما كَانَت لَا تنْتَقل من الْإِضَافَة، وَلَا يحصل لَهَا معنى بانفرادها، وَلم تقع قطّ إِلَّا معرفَة، فتحتاج إِلَى التنكير، وخالفت فِي موضعهَا سَائِر الْمُضْمرَات، جَازَ أَن تخص بِالْإِضَافَة، عوضا مِمَّا منعته. وَإِنَّمَا جَازَ كسرهَا فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ كَرَاهَة لخروجهم من الْكسر إِلَى الضَّم، إِذْ كَانَ ذَلِك لَا يُوجد فِي أبنيتهم لَازِما، وَلِأَن الْكسر من الْيَاء، فَاخْتَارُوا فِي الْيَاء أَيْضا مَا اخْتَارُوا مَعَ الْكسر، وَجَاز الضَّم على الأَصْل، إِذْ لَيْسَ بِلَازِم للهاء، لِأَنَّهُ قد يكون مَا قبلهَا مضموما ومفتوحا.
    وَأما ضمير الْغَائِب الْمُتَّصِل، الْمَنْصُوب وَالْمَرْفُوع، فأصله الضَّم، كَقَوْلِك: رَأَيْته، وَجَاءَنِي غُلَامه، وَإِنَّمَا وَجب أَن يبْنى على الضَّم، لِأَن الْهَاء حرف خَفِي، وَقد بَينا أَن الْمُضمر يجب أَن يبْنى على حَرَكَة، فَاخْتَارُوا الضَّم، لِأَنَّهُ أقوى الحركات، فَصَارَ تَقْوِيَة للهاء وبيانا لَهَا، وَكَذَلِكَ أتبعوا الْهَاء واوا على طَرِيق التبين لَهَا، وَلَيْسَت الْوَاو من بِنَاء الِاسْم، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّهَا تسْقط فِي الْوَقْف، كَقَوْلِك: رَأَيْته، وَلَو كَانَت من الأَصْل لم تسْقط.
    وَاعْلَم أَن الِاخْتِيَار - إِذا وصلت الضَّمِير - أَن تلْحقهُ الْوَاو، إِذا تحرّك مَا قبله، وَيجوز حذف هَذِه الْوَاو فِي الشّعْر، لِأَن الضمة تسْقط فِي الْوَقْف،
    قَالَ الشَّاعِر فِي حذف الْوَاو:
    (وَمَا لَهُ من مجد تليد وَمَا لَهُ ... من الرّيح حَظّ لَا الْجنُوب وَلَا الصِّبَا)

    فَإِن انْكَسَرَ مَا قبل الْوَاو، وَكَانَ مَا قبلهَا ياءا كسرتها، وانقلبت الْوَاو يَاء للكسرة، وَالِاخْتِيَار إِثْبَات (60 / أ) الْيَاء، إِذا تحرّك مَا قبل الْهَاء. وَيجوز حذف الْيَاء والاجتزاء بالكسرة، كَمَا جَازَ حذف الْوَاو، وَيجوز الضَّم على الأَصْل لِأَن الْهَاء إِذا كَانَ قبلهَا حرف مد، فالاختيار أَلا تلحقها وَاو، كَقَوْلِه تَعَالَى: {خذوه فغلوه} ، و {فَألْقى مُوسَى عَصَاهُ} ، و {عَلَيْهِ مَا حمل} ، وَإِنَّمَا حذفوا الْوَاو، لِأَن قبل الْمُضمر حرف مد، وَالْهَاء تشبه بِحرف الْمَدّ، لِأَنَّهَا خَفِيفَة، فاجتمعت ثَلَاثَة أحرف متجانسة وَلَيْسَ بَين الساكنين حرف حُصَيْن، فَصَارَ كاجتماع ساكنين، وَلذَلِك اخْتَارُوا حذف الْوَاو، وَيجوز إِثْبَاتهَا على الأَصْل.
    وَأما الْمُؤَنَّث: فأثبتوا الْألف بعد الْهَاء، نَحْو: ضربتها، وأكرمتها، وَإِنَّمَا ألْحقُوا الْألف للفصل بَين ضمير الْمُذكر وَضمير الْمُؤَنَّث، وَكَانَت الْألف أولى بالمؤنث، لِأَنَّهَا أخف الْحُرُوف، والمؤنث أثقل من الْمُذكر، لِأَن التَّنْوِين يُبدل مِنْهُ ألف فِي الْوَقْف، فَيجب أَلا يخْتَلف، وَلِأَن الزَّوَائِد الَّتِي لحقت الْهَاء يجب إِسْقَاطهَا، لمجيء عَلامَة التَّثْنِيَة، إِذْ الْهَاء تقوى بِمَا زيد عَلَيْهَا للتثنية، فَلم تحتج إِلَى الزِّيَادَة الَّتِي
    فِي الْوَاحِد، فَإِذا وَجب إِسْقَاطهَا، رجعت الْهَاء إِلَى الأَصْل، واستوى لفظ الْمُؤَنَّث والمذكر، فَإِذا جمعت فَالْأَصْل أَن تلْحق وَاو بعد الْمِيم، كَمَا ذكرنَا فِيمَا تقدم، وَالْأَحْسَن حذفهَا، كَقَوْلِك: ضربتهم، وَالْأَصْل: ضربتهمو، فحذفت الْوَاو كَمَا ذكرنَا.
    وَأما الْمُؤَنَّث: فدليله نون مُشَدّدَة، نَحْو: ضربتهن، وَإِنَّمَا شددت النُّون لِأَنَّك لما زِدْت للمذكر حرفين، وهما الْمِيم وَالْوَاو، اخْتَارُوا أَيْضا أَن يُزَاد للمؤنث حرفان، لاشْتِرَاكهمَا فِي الْجمع، وَلَا يجوز تَخْفيف النُّون لوَجْهَيْنِ:
    أَحدهمَا: زَوَال المعادلة بَين الْمُذكر والمؤنث، فِيمَا ذَكرْنَاهُ.
    وَالثَّانِي: أَن الاستثقال الَّذِي كَانَ فِي الْوَاو، وَالْخُرُوج عَن نَظِير الْأَسْمَاء لَيْسَ بموجود فِي النُّون، فَلذَلِك لم يُخَفف.
    فَأَما الْكَاف الَّتِي للمخاطب فتفتح للمذكر، وتكسر للمؤنث، وَإِنَّمَا اختير الْكسر للمؤنث، لِأَن الْيَاء قد ثبتَتْ فِي بعض الْمَوَاضِع فِيهَا علم التَّأْنِيث، نَحْو: أَنْت تضربين، وَالْكَسْر من الْيَاء، فَلذَلِك اختير للمؤنث، وَلم يكن للضم مدْخل هَاهُنَا لِأَن الْفَتْح يُغني عَنهُ، وَهُوَ أخف مِنْهُ فِي ذَلِك، سقط حكمه هَاهُنَا، فَإِذا ثنيت ضممت الْكَاف، وَالْعلَّة فِي ضمهَا فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع كالعلة فِي التَّاء فِي (أنتن، وأنتما) وَحكم الْمُؤَنَّث فِي تَشْدِيد النُّون كحكمه فِي (أَنْتُمَا) لعِلَّة وَاحِدَة. وَاعْلَم أَن الْفَصْل إِنَّمَا دخل فِي الْكَلَام، ليبين أَن مَا بعْدهَا خبر، وَذَلِكَ أَنَّك إِذا قلت: زيد هُوَ الْعَاقِل، علم بِهَذَا الضَّمِير أَن مَا بعده خبر وَلَيْسَ بنعت، فَلَمَّا كَانَت عِلّة،
    لم يجز أَن يَقع إِلَّا بَين كلامين، أَحدهمَا مُحْتَاج إِلَى الآخر، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مَا قبله تَاما، لم يحْتَج إِلَيْهِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا دخل لينبئ عَن تَمام مَا بعده، وَإِنَّمَا جعل ضمير الْمَرْفُوع مُخْتَصًّا بِهَذَا الْمَعْنى الأول، إِذْ كَانَ الرّفْع أول أَحْوَال الِاسْم، فَلَمَّا كَانَ سَابِقًا للضمير الْمَنْصُوب- وَهُوَ مَعَ ذَلِك أخف فِي اللَّفْظ مِنْهُ - كَانَ أقوى فِي الاتساع وَالتَّصَرُّف (60 / ب) من ضمير الْمَنْصُوب.
    وَإِنَّمَا وَجب أَن يَقع الْفَصْل فِي كل مَوضِع لَا يخل سُقُوطه بِمَعْنى الْكَلَام، لِأَنَّهُ لَو أخل، لم يكن فصلا، وَكَانَ دَاخِلا لمعناه ولافتقار الْكَلَام إِلَيْهِ، فَلذَلِك وَجب أَن يَجْعَل فصلا فِي كل مَوضِع لَا يخل سُقُوطه بالْكلَام، فَلَمَّا كَانَ الْفَصْل يَقع بالضمير، وَالضَّمِير معرفَة، لم يجز أَن يَقع إِلَّا بَين معرفتين، أَو مَا قاربهما، إِذْ كَانَ قد دخل ليبين مَا قبله وَمَا بعده، فَوَجَبَ أَن يكون مَا قبله وَمَا بعده مجانسا لَهُ، فَلذَلِك لم يجز أَن يكون مَا قبله وَمَا بعده نكرَة مَحْضَة وَلَا أَحدهمَا.








    منقول

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: February-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,230 المواضيع: 460
    التقييم: 1644
    مزاجي: مجنون بحبكي
    آخر نشاط: 2/October/2016
    مقالات المدونة: 3

  3. #3
    صديق نشيط
    مشاعــر مبعثـرة
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 372 المواضيع: 11
    التقييم: 91
    مزاجي: فرحـــاانه
    المهنة: طالبه
    أكلتي المفضلة: دولمه
    آخر نشاط: 5/February/2015
    مقالات المدونة: 2
    رااائع
    عاشت الايادي

  4. #4
    صديق نشيط
    Lueders
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: America . Hollowed
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 191 المواضيع: 24
    التقييم: 56
    مزاجي: ع الله
    المهنة: Student
    أكلتي المفضلة: الدولمة
    موبايلي: I Phone 5
    آخر نشاط: 2/May/2015
    Thank you

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال