الجمعة, 09 أيار/مايو 2014 13:48 ع ص
شفق نيوز/ ينظم أوميد راشد منذ سنوات جولات للزوار في محيط نصب تذكاري لضحايا الهجمات الكيميائية التي شنها نظام صدام حسين ضد الكورد في حلبجة بإقليم كوردستان العراق، مستعيدًا في كل جولة تفاصيل هجوم عايشه لحظة بلحظة.
ويغوص الرجل الاربعيني مع بداية كل من هذه الجولات في حقبة من الموت، قبل 25 سنة، قتل خلالها افراد من عائلته في المدينة القريبة من الحدود مع إيران، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية اطلعت عليه "شفق نيوز". ويقول أوميد "اريد أن انقل قصة حلبجة إلى الناس داخل وخارج كوردستان، أريد أن أقول لهم إن حلبجة ليست مدينة حادث واحد او حدث معين، بل مدينة المصائب والكوارث". وفيما كانت حرب العراق مع ايران تشارف على نهايتها في العام 1988، استولت قوات البيشمركة الكوردية على مدينة حلبجة في جبال كوردستان. ورد الجيش العراقي بقصف المدينة، فأرغم المقاتلين الكورد على الانكفاء إلى التلال المحيطة بها، مخلفين وراءهم النساء والاطفال. وفي 16 اذار بدأت طائرات عسكرية عراقية بالتحليق في سماء المنطقة، وألقت طوال خمس ساعات مزيجًا من غاز الخردل وغاز الاعصاب وغاز سارين وغاز في.إكس.، ما أسفر عن مقتل حوالى خمسة آلاف شخص. وما زال عدد من الناجين يعانون من آثار تلك الغازات. يتذكر أوميد، الذي كان مراهقًا وقت الهجوم، كيف هرع أفراد عائلته نحو شاحنة محاولين الهرب، إلا انهم قتلوا جميعهم جراء اختناقهم بالغازات السامة، بينما بقي هو وحده على قيد الحياة. ويملك أوميد اليوم صورة للشاحنة نفسها، وقد حملت على متنها نحو 25 شخصًا بينهم افراد عائلته. ويقول اوميد: "عندما هربنا من حلبجة، رأينا العديد من الشهداء على الطريق، لكن لم يكن بامكاننا أن نساعدهم، لأننا كنا قد بدانا نتاثر بالغازات في الجو". ويشير إلى أنه دخل في غيبوبة، وظن المسعفون أنه قتل فوضعوه في نعش تمهيدًا لدفنه، قبل أن يستيقظ من الغيبوبة. وصدر بحق علي حسن المجيد، الملقب بـ"علي الكيماوي"، وهو ابن عم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حكمًا بالاعدام لمسؤوليته عن هذا الهجوم، وأعدم شنقًا في 25 كانون الثاني (يناير) 2010. ولقب المجيد "بجزار كوردستان" بسبب بطشه وأسلوبه العنيف في قمع المناوئين لنظام صدام. وكان علي الكيماوي (70 عامًا) وزيرا للداخلية، يتحدر من تكريت، وتولى منصب وزير الدفاع لأعوام عدة في النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي. وفي آذار (مارس) 2012، تسلمت سلطات حلبجة الحبل الذي استخدم في اعدام علي حسن المجيد، وتقرر حينها أن يتم حفظه في النصب التذكاري المخصص لضحايا الهجوم. واعاد الهجوم الكيميائي في سوريا المجاورة قبل أقل من عام إلى اذهان الاكراد في حلبجة ذكرى الهجوم على مدينتهم. وقال اوميد: "عندما كنت اشاهد التلفزيون ورأيت ما حدث في سوريا، بدأت بالبكاء، وتذكرت والديّ واخوتي عندما قتلوا في الهجوم، شعرت بأنهم يواجهون الماساة ذاتها التي اختبرناها ايام الديكتاتور، ولا يمكن أن انسى تلك الماساة". ولا تزال حلبجة تحيي الذكرى السنوية للهجوم عند النصب المخصص لضحاياه عند طرف المدينة، وفي المقبرة التي تحمل قبورها اسماء ضحايا لم يتم العثور على جثث بعضهم. وعند النصب التذكاري حيث يعمل اوميد، يسير الزوار في ممر علقت على جدرانه صور من الهجوم، إلى جانب اساور وساعات يد وممتلكات اخرى كان يملكها الضحايا. يقول اوميد: "شرف لي أن اعمل هنا، وان أروي الماساة للاجيال القادمة، رغم كل الآلام التي اشعر بها خلال عملي هنا واستعادتي لذكريات الهجوم وكيفية مقتل افراد عائلتي".