يوميات مدير / 2
الضمير, والثواب, والعقاب
غازي عبدالله الطائي
في القطاع الحكومي ,هنالك وضع سائد، المُجِد والمُتَفانِ في عمله ، والكسول اللامبالي, راتبهما ساري المفعول ، لذلك فنحن بحاجة الى صحوة ضمير ، بالدرجة الأولى للمسؤول ، ويعقبها للعاملين .
الموظف الذي ضميره حي, ومخلص في أداء واجباته, ومسؤولياته، ويفكر جدياً في خدمة بلده، ويحاول بأستمرار ان يؤدي واجباته الوظيفية بشرف وامانه، على أكمل وجه،تجده ديناميكي الحركه,ويبحث عن الجديد في مجال عمله بأستمرار.
اما الذي يفكر في مصالحة الشخصية , ومنافعه الشخصية ,ولا يفكر قيد أنمله بخدمة بلده, تجده لا يبالي ويعمل بمبداً (أشطب يومي)، ويحاول ان يقتنص الفرص من اجل مصلحته الشخصية، وبكافة الأساليب، النفاق، التملق، المجاملات ,كسب رضا المسؤول بكافة الطرق, والصعود على اكتاف الاخرين, هذا واقع حال في بلدنا بالنسبة للقطاع الحكومي لفئه معينه من الموظفين.في العمل الحكومي كل من هم بنفس الدرجة والعنوان بنفس الراتب سواءأكان كفوء، أومتوسط الكفاءه، أوضعيف, عدا الفوارق البسيطة والتي قد يكون الضعيف أعلى راتبا والتي ليس لها علاقة بالأداء. لذلك نلاحظ الجيل الجديد, يلهث وراء التعيين في القطاع الحكومي ... لماذا؟! .
1- الراتب الشهري مضمون.
2-وجود عمل او عدمه, فالراتب ساري المفعول.
3-العمل لا يتطلب جهداً وخبره عالية عند بداية التعيين وبعده .
4-الراتب يقاس على عدد سنوات الخدمة وليس بالخبرة لذلك فهم سواسيه في الراتب من هم بنفس العنوان والدرجة والتحصيل الدراسي.
5-العطل والاجازات.
6- الموظف انيق وملابسه نظيفة.
7-القطاع الخاص ,لايلبي طموح الخريج وخصوصا الجامعي,لأساليبها السوقيه والتجاريه,يظاف الى ذلك فهو غير مضمون.
هذا الكلام , ليس عبثاً ، ولكنه واقع حال , حتى العوائل عندما تتوسط لتعين احد أبنائها تضع على بالها هذه الأعتبارات. كل ما ورد للفقرات أعلاه لا بأس به ان كان الموظف يؤدي واجبه على أتم وجهه وبإخلاص وتفاني وجد ومثابرة . ولكن هذا مع الأسف نراه لا يحصل من قبل شريحة لابأس بها من الموظفين. ولوأن مديرلمؤسسه أو شركة معينه،أجرى إحصاء بصورة واقعية وجدية لمن هو: فعال, وغير فعال, فسيحصل على أرقام مهوله ومرعبة ,اذن ..اين الخلل؟!!.
أقول وبكل صراحة ,الخلل الرئيسي في الإدارة العليا للمنشأ (دائرة ،شركة ،مؤسسه).
1- عدم استثمار الايدي العامله بشكل صحيح .
2- عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
3- عدم التفكير, الجدي, والواقعي, بمعالجة الترهل والبطالة في دائرته, وإيجاد حلول ناجعة لتفعيل هؤلاء ليصبحوا منتجين .
4-قصر ومحدودية التفكير, في تطوير العمل, وعدم استخدام الأساليب والوسائل الحديثة في الأدارة وتطوير العمل .
بالنسبة للقطاع الحكومي .. فهو واقع حال ,كون المبدأ السائد عند العديد من العاملين (مهما كان ادائي فراتبي مضمون)وطبعا هذا المبدأ خاطيء وفيه قصر نظر. ذلك فأن المسؤول عندمايُراد منه تنفيذ عمل معين, ولغرض إنجازه بالدقة المطلوبه والوقت المطلوب, يكلف فئه من العاملين مشهود لهم بالخبرة والكفاءة والإخلاص لإنجاز المطلوب ، اما والذين لايمكن الاعتماد عليهم في مثل هذه الاعمال يستبعدون أو يكون دورهم هامشي لانهم سيخذلونه اما بالنوعية ,اوبالوقت .
ان إدارة عجلة العمل بالقطاع العام والأشتراكي متعب, ولكن في القطاع الرأٍسمالي مريح جداً ومتطور باستمرار, وهذا ظهر جلياً في الدول الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية ,وبروز الثورة الصناعية ,والتي وصلت ما وصلت الية حتى يومنا هذا من تقدم وتطور. اماالبلدان النامية (بلدان العالم الثالث) فتطورها ضعيف جداً, ومنها ما حصل فيها العكس , حتى البلدان النفطيةالناميه ,والتي حصل فيها تقدم عمراني, وحضاري, وخدمي, فهو مستورد وبنوعيه(البشري, والمادي ).
ان صحوة الضمير في العمل, مفعولها ضعيف في القطاع الحكومي, لذا يتطلب ان تكون هنالك قوانين صارمه تدير دفة العمل , واستخدام مبدأ الثواب والعقاب في إدارة العمل, ولكافة الحلقات القيادية. نلاحظ: عندما يكلف موظف بعمل معين وهو غير راغب بإنجازه ويرى فيه انه سيضعه على المحك والمسؤولية ويتطلب منه الجهد الكثير, نلاحظه يبدأ بالتهرب منه بحجج واهية, وان ُأُجبِر على ذلك فأداءه في تنفيذالعمل يكون أقل من مهله (حسب قول المصرين) ,ويكلف نفسه اقل من طاقتها .. وعند احساسه بان هنالك ظغوط عليه لإنجاز العمل , فالخيارات مفتوحة امامه مريض (متمارض) يطلب عياده, وقوانين العمل لا تمنع عنه طلب عياده، اكذوبة وفاة احد اقاربه (إجازة), والم فقرات .. وغيرها من الحجج الواهيه والتي تصادفنا بأستمرار في حياتنا الوظيفيه , كل هذه الخيارات مع الأسف تبرز عند أصحاب النفوس الضعيفة, والذين يتهربون من العمل, وهم بكل أسف عددهم لا بأس به,بالمقابل: ان وِجِهَت عقوبة لأي لأي موظف متلكيء, تقام الدنيا ولا تقعد ،أول كلام يوجه للمسؤول او المُعاقِب, من قبل الاخرين (قطع الاعناق ولا قطع الارزاق) هذه العبارة الدارجة على مر الأزمان .. عجبا!!!, اصبح قطع الارزاق لمن يبخل بجهده عن خدمة وطنه , الا يعلم ان إخلاصه في العمل, هو وغيره يعود بالتالي بالفائده له ولعائلته.فموظف البلدية ،ورافع النفايات ،والعامل في قطاع الكهرباء , و الصحة ,و الماء ,و المجاري ,و المرور .. جمعيهم, بإخلاصهم لعملهم ينجم عنه فائده لهم ولعوائلهم ولمجتمعهم . على الانسان مهما كان مجال عملة بسيط ،المفروض ان لا يٌستهان,ولايستهين به ،فهو بالتالي جهدة يكلل مع بقية الحلقات بالفائدة العامه.
احد المهندسين, برزت لديه مبادرة جيدة تخدم العمل ،وهذه المبادرة كلفته من الجهد والعناء الكثير ,من اجل نجاحها، فكان لا يكل ولايمل من اجل ان ترى النور مبادرته هذه. لذلك فمنهم من ساوره الشك والظن انه مستفاد من ذلك (يقصدون الاستفادة بمعناها في وقتنا الحالي) لقوة أصراره لتفعيل المبادره, ومنهم من يهمس بأذن صاحبه :ورط نفسه بعمل متعب.. فليتلقى النتائج, ولكن الحصيلة النهائية عكس ما كانوا يتوقعون, نجحت المبادرة ,ودارت عجلت العمل .
العديد من الدول عالجت هذا الخلل(الكسل واللامبالاة للعاملين) في القطاع الحكومي والاشتراكي ,باستخدام نظام الحوافز, والأرباح السنويه, وقد تم وضع نظام صارم ورصين لصرف هذه الحوافز, والأرباح ,وخصوصا في القطاعات الصناعية ,والإنتاجية والعمرانية, والخدمية .ويتم التوزيع حسب درجة ونوعية العطاء نزولا الى المهمل المتكاسل فيُحرَم منها . يتم تخصيص مبالغ الحوافز من أرباح الشركة التي يتعدى عطائها خط الشروع. وقد ظهر مردود ذلك جليا على عطاء العاملين ,وعلى نوعية وكمية العمل.لذلك المطلوب من وزاراتنا كافة, الإنتاجية والخدمية بالخصوص ، ان تُفَعِل نظام الحوافز الشهرية والأرباح السنوية وبضوابط صارمه, للحصول على نتائج متقدمه, حصل التطبيق في بعض الدوائر ولكن مع الأسف لم يكن بمستوى الطموح, والتطبيق كان يشوبه التلاعب والتحايل مما جعل من المتلكئين في عملهم يُشمَلُون بهذا النظام ، وهنا الكارثة الكبرى, لان ذلك سيعزز المقولة عن الوظيفة بأسلوب اخر (أعمَل او لا أعمَل فالحوافز والارباح تشملني) وهذا لا يجوز .شمول الأشخاص الكفوئين وأصحاب العطاء الثر في نظام الحوافز يحفز الموظف المتلكيءليتنافس مع هؤلاء في العطاء بالنوعية والكمية, والمعطاء يزيد من عطاءه لتزداد نسبتة في الحوافز,لان تحديد حجم الحافز يعتمد على النوعيه والكميه,اذن من خلال ذلك ستظهر المنافسه الشريفه لزيادة الانتاج.
ان نظام الحوافز إضافة الى المردود المالي, الذي يدره للمخلص والمثابر في عمله, ويطورالعمل, ويزيدالانتاج,فهو يقلل من الفساد الإداري والمالي في هذا القطاعات, وكذلك له مردود ايجابي على الاقتصاد العراقي ، ففي القطاع الصناعي ,زيادة كمية ونوعية الأنتاج سيقلل من الأستيراد للنوعيات والمناشئ الرديئة ، فالمنتج العراقي مشهود له بالنوعية والمتانة والعمر الطويل .. وخير مثال على ذلك ثلاجة عشتار, لازالت تعمل في العديد من البيوت العراقية لحد الان ,وقد مر عليها عشرات السنين، الجلود العراقية مشهود لها بالكفاءة والديمومة .
العراقي عندما يُقدَم له الدعم بشكل مدروس.. فأن عطائه لا ينضب كالنخلة.. عطائها على مر الدهور... حلو المذاق .
بغداد 12\4\2014