تراتيل الليلِ لي ،
والليلُ من شَغَفي
غَدَا نجوماً مُضيئات على الشُّرَفِ
وأنتِ يا بنتَ أختِ البدرِ
هل وَرَدَتْ ؟
إليكِ أخبارُ عِشْقِ الليلِ من طَرَفي
وذاكِ تخنُكِ مصباحٌ بجانبِهِ
وغرفةُ النومِ تعلو سائرَ الغُرَفِ
يفوحُ منها عبيرُ الفلِّ منتشيًا
بما يلامسُهُ من ظِلّكِ الوَرِفِ
سألتُ عنكِ سُكونَ الليلِ فانفَرَجَتْ
بُرْدايَةٌ من حريرِ الرُّوحِ والرّهَفِ *
فلم تَرُدَّ ،
وقالتْ في تَرَدُّدِها * :
لا !
خَلِّ عنكَ حديثَ الليلِ !
وانصَرفِ !
فليس في الليلِ ما يُرْجَى سِوَى غَزَلٍ
ما بين مُنتعِشٍ منه ومُرْتَجِفِ
وحِرْفَةُ الليلِ للعُشّاقِ من سَهَرٍ
وللّصُوصِ ،
وتِلْكُمْ أبأسُ الحِرَفِ
ورُبّما شُرْبُ خمرٍ ،
وابتسامُ فَمٍّ ،
ما بينَ ساقٍ وخمّارٍ ومُرْتَشِفِ
فقلْتُ : يا هذهِ !
والليلُ أغنيتي ،
أقولُ إنْ راحَ ليلي :
ألْفَ وا أَسَفي !
والعُمْرُ من يقظةٍ
والنومُ مَضْيَعَةٌ
كما طحينٍ بحقلِ الشّوكِ مُنْتَعِفِ
ومن أضاعَ الدَّراريَّ الحِسانَ سُدَىً
يكنْ غبيّاً إذا يبكي على الصَّدَفِ
فالليلُ قَصْدي ،
وعن عَمْدٍ أساهِرُهُ ،
ولستُ أترُكُ أمرَ الليلِ للصُّدَفِ
أُحِبُّ ليلي
وموسيقى
وأسمعُها ،
وليلَ ليلي
ولكنْ ليس عن تَرَفِ
رأيتُ فيها تقاسيمَ الألَى عشقوا
مجدَ الحياةِ بحبٍّ ظاهرِ الكَلَفِ *
يا بنتَ بغدادَ !
هلْ لي من مشارفِها
بأنْ تُطِلِّي كما إطلالةِ الشَّرَفِ
أنتِ الأميرةُ ،
أستجدي طلوعَكِ لي ،
ماذا يَضُرُّ على الشُّباكِ إنْ تَقِفي ؟!
قلبي غدا مثلَ دُوْرِيٍّ ويجذبُهُ
للدُّورِ جذباً حديثُ الرّيحِ والدُّرَفِ
وأنتِ والليلُ ما أحلاهُ !
يسألُني :
إنْ كنتُ أحملُ كربلاء * على كَتِفي ؟
فقلتُ : أحملُ حُبَّ الرافدينِ وقد
وَرِثْتُ حبَّهما إرْثاً عن السّلَفِ
أهلي هُناكِ ،
وحُبُّ الأهلِ أحْفَظُهُ ،
وإنّهُ منهمُ وَقْفٌ إلى الخَلَفِ
ومنْ يرَ النورَ في البنّورِ أدهشَهُ
فكيفَ يرنو إلى الصلصالِ والخزَفِ ؟!
قلبي ببغدادَ إمّا كُنْتِ ساكنةً
أو كُنْتِ في نَجَفٍ
فالقلبُ في النَّجَفِ
يا بنتَ بغدادَ
وطنّتُ نفسي لحبّي ،
واعترفتُ به
بغير ذلكِ إنّي غيرُ مُعْتَرِفِ !!
عزفتُ معزوفتي ،
والليلُ أوصلَها
إليكِ ،
أرجو على الشبّاكِ أنْ تَقِفي !
هوامش
ـــــــــ
الرّهَف : الدقّة واللطف .
تردّدها : خفقها .
الكَلَف : الحبّ بولع شديد .