الدماغ يتعلم نسيان الذكريات المؤلمة..
استكشفت دراسة طبية جديدة أنشطة دماغية تتصل بقدرة الدماغ على كبت الذكريات المؤلمة، ووجدت أن إدارة الدماغ الواعية للذكريات تساعد على تصميم علاجات إكلينيكية وأدوية جديدة تستهدف مرضى الرُهاب (فوبيا) واضطراب كرب ما بعد الصدمة.
وتلقي الدراسة الجديدة ضوءا على أنشطة الدماغ المتصلة بكبت الذكريات المؤلمة، ويؤمل أن تحسن نتائجها بدرجة ملموسة علاج أمراض نفسية كالقلق واضطراب كرب ما بعد الصدمة. وتظهر أن لدى البشر قدرة على كبت الذكريات المؤلمة عاطفيا، إذا توفرت الإرادة.
كبت واستدعاء الذكريات
قام باحثون من مركز علوم الأعصاب بجامعة كولورادو بدراسة حالة 16 شخصا لم يتم تشخيص أي مشكلات نفسية لديهم، ودربوهم على التعرف على أربعين زوجاً من المحفزات البصرية.
وتضمنت المحفزات بطاقات عليها صور وجه بتعبيرات محايدة، إضافة إلى بطاقات أخرى مقابلة تضم صورا مختارة لإثارة عواطف سلبية قوية كصور جنود جرحى وضحايا حوادث سيارات وجرائم العنف.
تكرر عرض هذه الأزواج المترافقة من البطاقات حتى تمكن المشاركون من ربط كل صورة للوجه مع بطاقة صورة مفزعة عاطفيا. ثم قام الباحثون بمسح أدمغة المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لدى عرض 32 بطاقة لصور الوجه عليهم.
وطلب من نصف المشاركين استحضار مشاعرهم بشكل واع تجاه الصور المفزعة المقابلة لصور الوجه المعروضة عليهم. وطلب من النصف الآخر كبت مشاعرهم بشكل واع تجاه نفس الصور.
وتكرر عرض كل صورة على المشاركين 12 مرة مع نفس التعليمات المتصلة باستدعاء أو كبت المشاعر المقابلة لكل صورة مفزعة. أما الصور الثماني المتبقية فقد استخدمت كمقياس أو حد أدنى لتحديد الأثر الذي يتركه استدعاء أو كبت الذكريات بشكل متكرر على قدرة المشاركين على تذكرها.
انخفاض نشاط الدماغ
أظهرت بيانات تصوير الدماغ أن المناطق التي تدعم الذاكرة وتؤمن وجودها في الدماغ، قد انخفض نشاطها.
فلدى كبت الذكريات، تتراجع أنشطة مناطق بالدماغ هي اللحاء البصري المسؤول عن التمثيل البصري للذاكرة، وقرن آمون المسؤول عن تكوين واستدعاء الذاكرة، ولوزة الدماغ المتصلة دائماً بقرن آمون وتشكل الاستجابات العاطفية للذكريات.
وبذات الوقت، ازداد نشاط اللحاء قبل الجبهي موضع السيطرة الإدراكية ومصدر التحفيز للفعل. والظاهر أن اللحاء قبل الجبهي يقوم بتكييف أو تعديل مناطق الدماغ الأخرى، ويخفض نشاطها.
ثم عُرضت على المشاركين مرة أخرى جميع بطاقات صور الوجه الأربعين، وتم توجيههم إلى كتابة وصف موجز عن ذكريات تستدعيها كل صورة. وجاءت ذكريات المشاركين عن الصور التي كبتوها دون الحد الأدنى للتذكر، وبشكل منتظم تقريبا.
أما المشاركون الذين مارسوا استدعاء الذكريات، فقد كانت أكثر حضوراً لديهم جميعاً تقريباً من الذين تعمدوا نسيانها.
وخلص فريق البحث إلى أنه إذا أمكن تكرار تلك النتائج لدى مرضى يعانون اضطرابات كالاكتئاب الإكلينيكي أو كرب ما بعد الصدمة، سيساعد ذلك العلماء على فهم مواضع الاختلال لدى المرضى وتطوير أساليب نفسية صيدلانية تهدف لكبت آليات الذكريات العاطفية على نحو أفضل.
منقول..