تعريف الثقافة
الثقافة هي مجموعة من الاشكال والمظاهر لمجتمع معين. تشمل:
العادات، والممارسات، وقواعد ومعايير كيفية العيش والوجود، من ملابس، دين، طقوس وقواعد السلوك والمعتقدات.
ومن وجهة نظر أخرى، يمكن القول ان الثقافة هي كل المعلومات والمهارات التي يملكها البشر.
مفهوم الثقافة أمر أساسي في دراسة المجتمع، لا سيما لعلم الانسان وعلم الاجتماع.
لعل شيوع المصطلح يجعل من الصعب تعريفه والثقافة من المصطلحات الشائعة فكل من يطلقها بقصد بها معنى ومصطلح الثقافة من أكثر المصطلحات استخداما في الحياة العربية المعاصرة، وبالتالي فهو من أكثر المصطلحات صعوبة على التعريف ففي حين يشير المصدر اللغوي والمفهوم المتبادر للذهن والمنتشر بين الناس إلى حالة الفرد العلمية الرفيعة المستوى، فإن استخدام هذا المصطلح كمقابل لمصطلح (Culture) في اللغات الأوروبية تجعله يقابل حالة اجتماعية شعبية أكثر منها حالة فردية، فوفق المعنى الغربي للثقافة:
تكون الثقافة مجموعة العادات والقيم والتقاليد التي تعيش وفقها جماعة أو مجتمع بشري، بغض النظر عن مدى تطور العلوم لديه أو مستوى حضارته وعمرانه.
وبذلك فان الاشكال يطرح نفسه، ذلك ان تعريف الثقافة اختلط عند العرب باعتبار ان هناك فرق بين المثقف والمتحضر.
فالمثقف هوالذي يتعدى إحساسه الذاتي للإحساس بالآخر والمتحضر هوالذي يسلك سلوكا يلائم البيئة الذي يعيش فيها ولكي يكون الإنسان متحضرا لابد أن يكون مثقفا.
أصل كلمة الثقافة:
الثقافة في اللغة العربية أساسا هي الحذق والتمكن، والمثاقفة أي الملاعبة بالسيف، وثقف الرمح أي قومّه وسواه، ويستعار بها للبشر فيكون الشخص مهذباً ومتعلماً ومتمكناَ من العلوم والفنون والآداب، فالثقافة هي إدراك الفرد والمجتمع للعلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة؛ فكلما زاد نشاط الفرد ومطالعته واكتسابه الخبرة في الحياة زاد معدل الوعي الثقافي لديه، وأصبح عنصراً بناءً في المجتمع.
وكان أول من استعمل مصطلح ثقافة ليقابل به لفظة culture في العصر الحديث هو سلامة موسى 1 .
ويستخدم مصطلح الثقافة وفق المفهوم الغربي للإشارة إلى ثقافة المجتمعات الإنسانية، وهي طريقة حياة تميّز كل مجموعة بشرية عن مجموعة أخرى.
والثقافة يتم تعليمها ونقلها من جيل إلى آخر؛ ويقصد بذلك مجموعة من الأشياء المرتبطة بنخبة ذلك المجتمع أو المتأصلة بين أفراد ذلك المجتمع، ومن ذلك الموسيقى، الفنون الشعبية، التقاليد المحببة، بحيث تصبح قيما تتوارثها الأجيال ومثال ذلك الكرم عند العرب، الدقة عند الأوروبيين، أو رقصات أو مظاهر سلوكية أو مراسم تعبدية أو طرق في الزواج.
فيقصد بالثقافة الكيان المادي والروحي لمجتمع من المجتمعات ويدخل في ذلك التراث واللغة والدين وعادات المجتمع ونشاطه الحضري.
وتستخدم كلمة ثقافة في أوساط المجتمع، كأن تقول فلان مثقف سياسي (أي ملم بكافة حيثياتها)، بمعنى آخر ((أن تعرف شيء عن كل شيْ، وأن تعرف كل شيْ عن الشيْ)).
الثقافة وأبعادها والمجتمع:
كما هو عاليه هي مجموعة العادات والتقاليد التي يتقلد بها المجتمع وتلك الثقافة هي نتاج لكل الثقافات والموروثات التي بداخل كل مجتمع فرعي.
وكل مجتمع فرعي يتكون من عدة أحياء.
وكل حي يتكون من عدة شوارع.
وكل شارع يتكون من عدة منازل.
وكل مبنى يتكون من عدة شقق أو من الممكن أن نقول عدة أسر تسكنه.
وهذه الأسر مكونة من أفراد ولكل فرد اتجاهاته الخاصة التي يتوجه بها.
فنستطيع أن نقول أن كل هذه السلسلة تكون مفهوم أن المجتمع عبارة عن عدة مجتمعات فرعية تتشابك مع بعضها البعض لتكون المجتمع.
أي ان المجتمع يتكون من مجتمعات فرعية أو SubSocites
أبعاد مفهوم الثقافة في اللغة العربية:
1- إن مفهوم "الثقافة" في اللغة العربية ينبع من الذات الإنسانية ولا يُغرس فيها من الخارج. ويعني ذلك أن الثقافة تتفق مع الفطرة، وأن ما يخالف الفطرة يجب تهذيبه، فالأمر ليس مرده أن يحمل الإنسان قيمًا-تنعت بالثقافة- بل مرده أن يتفق مضمون هذه القيم مع الفطرة البشرية.
2- إن مفهوم "الثقافة" في اللغة العربية يعني البحث والتنقيب والظفر بمعاني الحق والخير والعدل، وكل القيم التي تُصلح الوجود الإنساني، ولا يدخل فيه تلك المعارف التي تفسد وجود الإنسان، وبالتالي ليست أي قيم وإنما القيم الفاضلة. أي أن من يحمل قيمًا لا تنتمي لجذور ثقافته الحقيقية فهذه ليست بثقافة وإنما استعمار وتماهٍ في قيم الآخر.
3- أنه يركز في المعرفة على ما يحتاج الإنسان إليه طبقًا لظروف بيئته ومجتمعه، وليس على مطلق أنواع المعارف والعلوم، ويبرز الاختلاف الواضح بين مفهوم الثقافة في اللغة العربية ومفهوم "Culture" في اللغة الإنجليزية، حيث يربط المفهوم العربي الإنسان بالنمط المجتمعي المعاش، وليس بأي مقياس آخر يقيس الثقافات قياسًا على ثقافة معينة مثل المفهوم الإنجليزي القائم على الغرس والنقل. وبذلك فإنه في حين أن الثقافة في الفكر العربي تتأسس على الذات والفطرة والقيم الإيجابية، فإنها في الوقت ذاته تحترم خصوصية ثقافات المجتمعات، وقد أثبت الإسلام ذلك حين فتح المسلمون بلادًا مختلفة فنشروا القيم الإسلامية المتسقة مع الفطرة واحترموا القيم الاجتماعية الإيجابية.
4- أنها عملية متجددة دائمًا لا تنتهي أبدًا، وبذلك تنفي تحصيل مجتمع ما العلوم التي تجعله على قمة السلم الثقافي؛ فكل المجتمعات إذا استوفت مجموعة من القيم الإيجابية التي تحترم الإنسان والمجتمع، فهي ذات ثقافة تستحق الحفاظ عليها أيَّا كانت درجة تطورها في السلم الاقتصادي فلا يجب النظر للمجتمعات الزراعية نظرة دونية، وأن تُحترم ثقافتها وعاداتها.
إن الثقافة يجب أن تنظر نظرة أفقية تركيبية وليست نظرة رأسية اختزالية؛ تقدم وفق المعيار الاقتصادي -وحده- مجتمع على آخر أو تجعل مجتمع ما نتيجة لتطوره المادي على رأس سلم الحضارة.
وقد أدت علمنة مفهوم الثقافة بنقل مضمون والمحتوى الغربي وفصله عن الجذر العربي والقرآني إلى تفريغ مفهوم الثقافة من الدين وفك الارتباط بينهما. وفي الاستخدام الحديث صار المثقف هو الشخص الذي يمتلك المعارف الحديثة ويطالع أدب وفكر وفلسفة الآخر، ولا يجذر فكره بالضرورة في عقيدته الإسلامية إن لم يكن العكس تمامًا.
ووضع المثقف كرمز "تنويري" بالفهم الغربي في مواجهة الفقيه، ففي حين ينظر للأخير بأنه يرتبط بالماضي والتراث والنص المقدس، ينظر للأول -المثقف- بأنه هو الذي ينظر للمستقبل ويتابع متغيرات الواقع ويحمل رسالة النهضة، وبذلك تم توظيف المفهوم كأداة لتكريس الفكر العلماني بمفاهيم تبدوا إيجابية، ونعت الفكر الديني -ضمنًا- بالعكس.
وهو ما نراه واضحًا في استخدام كلمة الثقافة الشائع في المجال الفكري والأدبي في بلادنا العربية والإسلامية؛ وهو ما يتوافق مع نظرة علم الاجتماع وعلم الاجتماع الديني وعلم الأنثروبولوجيا إلى الدين باعتباره صناعة إنسانية وليس وحيا منزلاً، وأنه مع التطور الإنساني والتنوير سيتم تجاوز الدين والخرافة!! أما في المنظور الإسلامي فمثقف الأمة هو المُلمُّ بأصولها وتراثها.
وعبر التاريخ حمل لواء الثقافة فقهاء الأمة وكان مثقفوها فقهاء.. وهو ما يستلزم تحرير المفهوم مما تم تلبيسه به من منظور يمكن فيه معاداة الدين أو على أقل تقدير النظر إليه بتوجس كي تعود الثقافة في الاستخدام قرينة التنوير الإسلامي الحقيقي، وليس تنوير الغرب المعادي للإله، والذي أعلن على لسان نيتشه موت الإله فأدى فيما بعد الحداثة إلى موت المطلق وتشيؤ الإنسان.
الثقافة الفرعية:
كل مجتمع ينقسم إلى عدة أجزاء تسمى بالمجتمعات الفرعية ولكل جزء من هذه الأجزاء ثقافة خاصة وقيم وعادات وتقاليد وموروثات واتجاهات خاصة بها فقط.
تسمى تلك الثقافة بالثقافة الفرعية أو SubCulture ومن الممكن ان نجد أن الثقافة الفرعية هي في ذات الوقت تنقسم إلى ثقافات فرعية أصغر منها حتى نصل إلى ثقافة الفرد ومن خلال ثقافة الفرد نجد أن الموروثات والقيم والعادات التي بداخل هذه الثقافة هي جزء من الثقافة العامة للمجتمع.