الذكاء: هل هو وراثي ام للبيئة دور فيه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
يعرف الذكاء على انه القابلية على التفكير المجرد.
يدعي البعض ان الذكاء والغباء فطري وهذا تبريرآ للتفاوت الكبير بين فئات الناس وكذلك لتبرير الحملات الاستعمارية ولاستغلال شعوب العالم الثالث بادعائهم ان بلدان العالم الثالث غبية فطريآ وذهذا كلام غير صحيح حيث الكل يعلم ان اوربا كانت في العصور الوسطى غارقة في الجهل والتخلف بينما العرب والمسلمون كانوا اصحاب علم وحضارة.
كما ثبت علميآ تأثير البيئة القوي في شخصية الانسان وتصرفاته ورغباته وذكائه اي اننا دائمآ يمكننا تغيير طراز حياتنا اذا وفرنا بيئة جيدة لانفسنا، حيث تعتمد استجابات التصرفات عند الانسان في اكثر الاحيان على الخبرة المكتسبة من بيئات سابقة.
اذ ان القدرات العقلية بما في ذلك الذكاء تتطور اثناء نشاط الانسان اليومي وهذا يعني انها ليست فطرية. والذكاء وظيفة الدماغ وهو اي الذكاء لا يظهر الا عن طريق تبادل المعلومات مع البيئة اذ ينشأ اثناء عملية الممارسة الواعية.
كما ان الحدود القصوى للسعة الذهنية تختلف من شخص لاخر كذلك الحدود القصوى للسرعة التي يعمل بها الدماغ حيث تعتمد على الكيفية التي تعمل بها الجينات والتي يرثها الانسان من ابويه، علمآ انه لا توجد اي اهمية للحدود القصوى لاننا لا يمكن الوصول اليها فحتى اكبر عباقرة العالم وعلمائه وفلاسفته لا يستغلون الا اقل من نصف قوتهم الذهنية اما الانسان العادي فلا يستغل الا جزءآ ضئيلآ جدآ من القابليات الذكائية المتاحة له. لذلك يجب تجنب التركيز على القابليات المحدودة والتفكير القاصر بل يجب التأكيد على اعطاء اهتمام اكبر لامكانية توسيع هذه القابليات وتطويرها. فالطفل يولد بعبقرية متوازنة ومواهب متكاملة وقابليات كامنة وقدرات اجتماعية مثيرة لا يظهر اي منها الا عندما يمنح فرصآ متكاملة للنمو ولتصل بعدئذ الى اعلى مستوياتها عند توفر الظروف البيئية المثلى. فسلوك الاهل وطريقة التربية والمجتمع الذي يوجد فيه الطفل وتوفر او عدم توفر وسائل تنمية الذكاء والتغذية الصحية ابتداءآ من الحمل كلها تؤثر على درجة ذكاء الطفل. اما سبب كون اغلب ابناء المثقفين والعلماء اذكياء فقد يعود الى توفر بيئة مناسبة داخل البيت لتطوير قدراتهم العقلية، وهذا لا يعني الغاء دور الوراثة نهائيآ بل يجب ان لا نجعل الوراثة حجة لعدم تطوير انفسنا وتوسيع قدراتنا العقلية فأن عباقرة واثرياء ومبدعي العالم واصحاب المشاريع الضخمة والشركات العملاقة لم يصلوا الى ما وصلوا اليه الا بعد جهد وتعب وارادة قوية.