أستطاع دولة القانون أن يكتسح الشارع العراقي في وقت يواجه فيه أضخم حملة أعلامية لتسقيطه جماهيرياً لولا أنه يحمل مقومات نجاحه ؟ وسوف يتوج هذا النجاح عن أعلانه لمشروعه في تشكيل حكومة الأغلبية السياسية , حال الأعلان عن النتائج من قبل المفوضية المستقلة للأنتخابات .
هل ثمّة ضروف وطنية أو أقليمية ساهمت في هذا الفوز الأنتخابي الكاسح حسب ماتؤكد المعطيات . أم هو الشخص الذي يجسد المشروع الأصلح الذي نادت به المرجعية الشريفة . أم هو الوعي الجماهيري في تشخيص الأقوى لقيادة العراق لأربع سنوات قادمة . أعتقد كل تلك المعطيات شكّلت جميعها فوز السيد المالكي ودولة القانون .

لاشك أنّ الشارع العراقي سئم حكومة الفيتو أو حكومة الأنسحابات المتكررة أو حكومة التنصل عن المسؤولية وترك طرف واحد يقارع جيوش من التحديات الأمنية والضروف الأقليمية التي يعبث بها الأرهاب السلفي .
ماالذي دعى الى حزم الرأي على أنتخاب حكومة الأغلبية السياسية ؟ في أوج الحملة الأعلامية لأسقاط هذا المشروع الوطني المهم ؟
على الرغم من أنّ صاحب مشروع حكومة الأغلبية السياسية هو رئيس الحكومة السيد المالكي - الذي يتهمه شركائه السياسيين بالفشل في أدارة الملفات الأمنية والأقتصادية وحتى الرياضية .

من المفيد أن ننوه الى أنّ مشروع حكومة الأغلبية السياسية لم يأت, من فضاء,, أنتخابي .. بل كان مشروعٌ نادى به دولة القانون منذ بضعة أعوام لكن .
المخوفون أرعبوا الشعب وبشّعوا المشروع الذي لو أتيح له أن يكون بديلاً عن حكومة المحاصصة لَمَا كان حال العراق على ما عليه الآن من تراجع أو مراوحة في المجالات الخدمية وغيرها .
ولّما نعاني من برلمان,, كسيح وعجز أو تعاجز على أن يجد توصيفاً لما يحدث من عمليات أرهابية وفيضانات في الرمادي والفلوجة .

الطارئون على السياسة وحديثي العهد هم صنّاع الأزمات في مجتمع كالمجتمع العراقي متعدد الأديان والمذاهب والقوميات . وحين تمتزج الهشاشة السياسية مع المنفعة الشخصية والحزبوية ينتج عنه حكومة المحاصصة التي أذلت الوطن وباعته الى أمراء الذبح .
لأن هؤلاء الساسة لايواجهوا المشروع بمشروع,, ينافسه , بل يلجئوا الى الكذب والتحايل وتشويه لمفردات المشروع والأفتراء عليه .
لأنهم بكل بساطة ووضوح يفتقروا الى العقلية والأخلاقية التي تنتج المشروع الوطني .

ومشكلة السيد المالكي مع الشركاء السياسيين أنه يحمل مشروعاً وطنياً واضح المعالم - وكذالك يتحدث عن بناء دولة مدنية تتمتع بحكومة قوية ومعارضة قوية وكلاهما يحويان على كافة الأديان والأحزاب وقوميات العراق المختلفة . أمّا الشركاء فيتحدثون عن ( كعكة ) يتقاسموها تحت مسميات دينية \ وطنية وأرقام لبنود دستورية .

ويبدو أن كل ملامح العملية السياسية ما بعد الثلاثين من نيسان سوف تتغيير - بيد أن عملية سياسية أنشأت بطريقة عقيمة وغير منتجة لايمكن أن تستمر بعد نضج الضروف الموضوعية للتغيير , وواحدة من تلك الضروف حصول قناعة جماهيرية بأن من الخطأ أن تتوقف مصالح الدولة وأن يتضرر المواطن أقتصادياً من خلال عدم أدراج الموازنة لمناكفات سياسية لارأي ولا قرار للمواطن أزائها .
وبما أن البرلمان هو الشريك الأهم للسيد المالكي كونه رئيساً للحكومة , فجاء القرار من البرلمان لتعطيل عمل الحكومة في وقت هي بأمس الحاجة الى جهد البرلمان لشرعنة القوانين الأمنية والخدمية وأطلاق الموازنة كي تتمكن الحكومة من ترجمة قرارات البرلمان الى واقع عملي يعود بالنفع على المواطن .
وسبب هذا القرار هو ألحاق الضرر بالعملية السياسية وأدامة عمر الأزمات , كي يفشل العراق سياسياً وأقتصادياً . وهذا ماكانت تسعى اليه دول أقليمية من خلال أدواتها الشيعية والسنية في البرلمان السابق .

لكن مشروع حكومة الأغلبية السياسية من أتاح للسيد المالكي أن يتوّج رئيساً للدورة الثالثة على الرغم من عدم الأفصاح عن النتائج للأنتخابات لكن كل المعطيات تشير الى فوزه الكاسح بهذه الدورة , ولتمضي كل الحاخامات السلفية , وكل الحشوية السياسية , وحديثي العهد والمشاغبين ليكوّنوا جزء من الماضي السياسي السيئ ..