نظر الى صورته المنعكسة على زجاج احد المحال التجارية فآكتأب ....... ملامحه المتعبة و خطواته الثقيلة ببسطاله العسكري القديم ..زادتها الملابس الكاكية المتسخة بؤساً...
و رغم كل شئ ما كان شئٌ اثقل مما في جيبه ...
جر خطواته جراً الى مدخل العمارة السكنية تلك ...كان وجيب قلبه يصم آذانه ...
قابل رجلاً في مدخلها ...فاستوقفه بالتحية ..و سأله في خجل : اين يقع منزل الحاج أبي سامي ؟..نظر اليه الرجل بهلع قفز من عينيه ...ثم قال : في الطابق الثالث ...
استدار الجندي بسرعة و تلقى السّلم بقفزة هاربة قبل ان يلحق به اي سؤال ....
كان جيبه يزداد ايلاماً كلما قرُب من الدار ...
تذكر سامي ...بوجهه الطفولي المكتنز و غمازتيه ، بضحكته الشبيهة بضحكات الاطفال ...
- لماذا فعلت بي هذا يا سامي ؟........عاتبه في اعماقه بوجع .
حين وصل الطابق الثالث...واجه بابين متقابلين ...على احدهما لوحة صغيرة ...(الحاج حسن عبد الله)....ليس هذا اسم والد سامي...فكّر ...لابد انه الباب الاخر ...اقترب منه بوجل ...
تناهت الى سمعه اصوات زغاريد و اغانٍ.....قطب جبينه الملتصق بالباب ...و انتظر .
نبضُ جيبه يتعالى ....و الاصوات تتعالى ...و هو ينتظر ...ملصقا جبينه بالباب ينتظر .......
تذكر وجه سامي الدامي ....و ساقه المهشمة .....و ثقب فاغر فمه وسط جبينه ....- أما كان لجبينك ان يستند الى هذا الباب بدل جبيني الخجِلِ اليوم يا سامي ؟
لماذا يزغرد اهلك اليوم يا سامي ؟
باغته الباب المقابل بطفل ...فلاذ بسؤاله : ماذا في بيت الحاج ؟
- ابنته الكبرى تخرجت من الجامعة ...و هم يحتفلون .
فكّر في ان يعود في وقتٍ آخر ....- ليس الوقتُ مناسباً اليوم يا سامي ...اختك تخرجت اليوم يا سامي ...و احس بجيبه يبكي ،فبكى معه .
اسند جبينه مرة اخرى لباب العذاب ذاك ، ثم اخرج الرسالة النائحة من بنطاله بكف خانق...و طرق بها الباب ...
احس بطرقاته تمزق رأسه ...احس انه يضرب رأسه الغبي ... لمَ قبِل بأيصال تلك الرسالة ؟!
واصل الضرب ...بكل الغضب ..بكل الحزن ...بكل اليأس و الخوف ...بكل البكاء الممكن .
فُتح الباب .....واجه الجميع من على المدخل ..ببكائه ...بملابسه الكاكية و بسطاله ...بيده القابضة على الرسالة ....واجه الصمت الذي القاهُ عليهم ثقيلاً ...قبل ان تتقدم نحوه امرأة تنوء بملامح أمّ.....
لتفجّر الصمتَ
.............بصراخ.
[MP3=http://www.dorar-aliraq.net/ext/uploader/fileup/1312326433.mp3][/MP3]