الحاسةالسادسة
كانت ولا تزال تثار علامات الاستفهام والدهشة عند الحديث عن ما يسمى بالحاسة السادسة أو الإدراك الحسي الخارق. إذ تعتبرمن المواهب الخارقة التي تتيح للأشخاص الذين يمتلكونها قدرة على التخاطر وقراءةالأفكار واستبصار أحداث سابقة أو لاحقة هذه القدرات تندرج تحت ما يسمى بعلم الباراسيكولوجي. وهو فرع من مجموعة البارانورمال أي الظواهر الخارقة لقوانين الطبيعة.
وقبل الدخول إلى تلك القدرات والحديث عنها لنا وقفة على ما توصل إليه العلماء عن الروح والتي تسلط ضوء على الأماكن التي لها الفضل بالإجابة أو تقربنا من الإجابةعلى كثير من التساؤلات حول تلك الظواهر الخارقة. من الضروري أن نتساءل هل الإنسان وحده هو الذي يمتلك هذه القدرات دون سائر المخلوقات؟ الروح كما هو متعارف عليه تلك الطاقة التي أودعها الله في عبده وقد استطاع العلماء بأبحاث عملية إثبات وجود هالةأثيرية نورانية تحيط بجسم الإنسان المادي الحي تغيب هذه الهالة عن جسم الإنسان بحالة واحدة فقط عند الوفاة ومن الطبيعي ان لهذا النور طاقة وهذه الطاقة لا نعلمإلى الآن مدى قدراتها كما ان هذه الروح ترتبط بالجسد برباط أثيري لا تنفك عنه إلابالوفاة.
لهذه الروح رحلاتها المستمرة في اليقظة في صيغة تخاطر واستبصار ومنها ما هو في المنام في صيغة أحلام لكن رغم هذه الرحلات التي قد تكون بعيدة إلا أنها لا تنفك عنالجسد بل تبقى على اتصال دائم به وللروح وكما هو معلوم فإن للطاقة الروحية قدرات طبية لا تخفى على أحد في علاج المرضى. وعن الحاسة السادسة فإن قسما كبيرا منالعلماء يؤكدون على أنها موجودة لدى كل إنسان، وأنها المصدر الأصلي لخواطر التفاؤل والتشاؤم التي تنتاب معظم الناس. إذ ان العقل يمتص باستمرار وبطريقة أوتوماتيكيةالحقائق والمشاعر حتى ولو من تجاربك وخبراتك العادية. ويؤكد العلماء والباحثون بأن الناس البدائيين والأطفال والبلهاء لديهم الحاسة السادسة أقوى من غيرهم من الناس.وعن طريق الحاسة السادسة تتحقق تخمينات واستبصارات الناس بشكل أو بآخر.
أما عن العوامل التي تؤثر على الحاسة السادسة فهي صفاء الذهن وهدوء الأعصاب واعتدال المزاج، كلما كانت في حالة جيدة تنشط الحاسة السادسة والعكس عندما تكون فيحالة رديئة تخبو ويقل نشاطها. وبما ان العلماء يؤكدون على ان البلهاء والبدائيين لديهم القدرات الخارقة أقوى من غيرهم فهذا يعزز الرأي القائل بأن الحاسة السادسةلا تعتمد على الذكاء إذ ان الذكاء يتدخل في التفكير التحليلي المنطقي الذي لانعتقد بأن البلهاء والبدائيين يستخدمونه. وكذلك يدل هذا على صحة الفرض القائل ان الإنسان مع مراحل تطوره التي مر بها اخذ يفقد تلك القدرة تدريجيا نتيجة اعتماده على ما تقدمه المخترعات والتكنولوجيا واستخدامه للطرق الاستقرائية والمنهج المنطقي المعتمد على المدركات بوساطة الحواس الخمس فكان هذا سببا لضمور تلك القدرة(الحاسة) التي يمتلكها، لكن الإنسان البدائي بحاجة لها واستمر على استخدامها لذلك نراها حاضرة عنده وقوية.
كما ان حاسة الاستبصار تكون عند المرأة أقوى من الرجل لأن هذا هو حالهن من قديم الزمان فالمرأة تستبصر، وتميل إلى استشارة البصارين والمتنبئين اكثر مما يميل إلىذلك الرجل. وهي اقدر على قراءة الأفكار من الرجال. ولابد وان تكون قد زوّدت بهذه الحاسة حتى تستطيع قراءة أفكار طفلها، ومعرفة أحاسيسه. لأنه غير قادر على النطق وهي حاسة لحفظ النوع. وكما نرى ان الريفيين منا حيث الحياة بسيطة محدودة، لمسواكيف ينظر أهل القرية إلى بعض الكبار البلهاء والمعتوهين نظرة ممزوجة باعتبار خاص أرقى من العطف والإشفاق لا لشيء إلا لأنهم ينطقون بعبارات مقتضبة في بعض المناسبات وتثيرهم رؤى مهمة يعبرون عنها بغرابة فلا تلبث ان تتحقق. ومن المشاهدات التي تمتلأناس بدائيين في استراليا فنورد بعضا منها للتدليل على صحة ما ذهبنا إليه:
أولا- سجل رجل أوروبي هذه الرواية:
ومن الضروري ان نتساءل هل الإنسان وحده هو الذي يمتلك هذه القدرات دون سائرالمخلوقات؟
يقول هذا الرجل كنت أنقب عن أحجار كريمة في أواسط استراليا بمساعدة رجال من سكانالقارة الأصليين البدائيين العراة فجأة ارتعدت فرائص أحدهم وظهرت عليه سمات حزنطارئ عميق. قبل ان يسأله الأوروبي عن سبب ما ألم به، بادره الأسترالي بطلب السماحله بالعودة إلى أهله زاعما ان أباه توفى في تلك اللحظة أعطاه اجره وسمح له بالعودةإلى عشيرته على بعد مئات الأميال من معسكر التنقيب وهو غير مصدق إمكانية حصولإنسان على رسالة فورية بدون خدمة البريد أو الهاتف. ولكنه فيما بعد تأكد ان الرجلالأسترالي كان صادقا فيما قال وما أحس وان أباه توفى في اللحظة نفسها التي استبدت بابنه القشعريرة المفاجئة.
ثانيا- وفي رواية أخرى لأحد الباحثين الذي ذهب إلى استراليا للاشتراك في بعثةلدراسة إحدى القبائل البدائية، تعتبر من اكثر الجماعات الإنسانية تأخرا وبدائية في عالمنا المعاصر، قال كنا نتعايش مع القبيلة لغرض دراستها وذات يوم لاحظت ان كل أفراد القبيلة يتحدثون في ألم وتأثر مشترك ظاهر، عن موضوع زورق ما، لم استطع الحصول على تفسير مضبوط نظرا لضحالة معرفتي بلغتهم. كل ما فهمته انهم يتحاورون حول خبر عن شخص في زورق مسه سوء، وانه يناضل من اجل التشبث بالحياة. فما كان مني إلاان سجلت الحدث في مذكرتي اليومية وتاريخ ذلك الحدث ونسيت الأمر. ولما عدت إلى مركزالبعثة على الشاطئ عرضت مذكراتي على أحد المتخصصين من رجال الدين المقيمين الذين كانت تستعين بهم البعثة. دهش لذلك وقال انه أرسل في اليوم نفسه شابا من تلك القبيلة يحمل رسالة شفهية إلى زميل في مكان آخر وان الشاب ما كاد يبتعد عن الشاطئ قليلا حتى أطاحت الأمواج بالزورق وقلبته فظل يصارع الموت وقتا طويلا حتى أغاثه آخرون بشق الأنفس وأخرجوه بين الحياة والموت. فكيف تم ذلك ان لم يكن بوساطة الحاسةالسادسة ويتخيل الأمر كما لو ان جهاز لاسلكي بشريا في رأس كل أسترالي اصلي.
أما الحاسة السادسة لإنسان العصر الحديث المتمدن فتظهر عند بعض الأشخاص ومن ثم تنمى قدرات ذلك الشخص ضمن برامج معدة من قبل جمعيات الباراسيكولوجي وفي معاهدمعروفة ومن اشهر هذه الجمعيات جمعية الباراسيكولوجي السوفييتية سابقا وكان لهذه الجمعية باع طويل في كثير من فروع القدرات الخارقة وعلى سبيل المثال تمكنت هذه الجمعية ان تعد تجربة تخاطر بين اثنين من أعضائها أمام جمع من المسؤولين السوفييت.حيث وضعتهما في مكانين أحدهما في موسكو والآخر في مكان يبعد ستمائة كيلو متر عن موسكو وكان الشخص في العاصمة موسكو هو المرسل والآخر المتلقي أو المستلم وطلب من أحد المسؤولين الرسميين ان يكتب الرسالة التي يريد ان يرسلها وتم كتابة الرسالةوسلمت إلى الشخص المرسل أرسلها وفي الوقت نفسه تم استلامها من قبل المستقبل (الشخص الذي وضع على بعد 600كم عن المرسل) أما عن حالة الاستلام فكانت جيدة بل تصل إلىدرجة الممتازة إذ استلمت الرسالة بالكامل ماعدا حرف واحد كان استلامه مشوشا. وهناكأناس عديدون في أماكن متفرقة من العالم ظهرت عندهم قدرات خارقة (الحاسة السادسة)في قراءة أعطاه الناس والتخاطر عن بعد وكذلك رؤية مستقبل أشخاص وحتى التنبؤ بطرق وفاتهم.
ولو تصورنا عالما نمتلك به جميعا هذه القدرات الخارقة لاستطعنا ان نستغني عن الكثير من اختراعاتنا التي تم تصنيعها.
ومن الضروري ان نتساءل هل الإنسان وحده هو الذي يمتلك هذه القدرات دون سائرالمخلوقات؟ هذا السؤال أجاب عنه العلماء بالنفي وأكدوا على ان بعض الحيوانات تستشعر الأخطار والكوارث قبل وقوعها فالقطط تموء والكلاب تنبح والخيل تصهل، وتشترك الأنعام والدواب والدواجن في مظاهرة صاخبة، قبيل هبوب الأعاصير والعواصف بوقت يطول أو يقصر وقد أجرى العلماء تجارب عديدة على حيوانات مختلفة للتنبؤ بالزلازل والفيضانات والكوارث التي تصيب الأرض فوجدوا ان الأسماك والأبقار والكلاب والقطط تستشعر بالزلازل قبل وقوعها بعدة ساعات كما ان الكلاب ومن خلال معايشة عملية تبين بأن لها القدرة على معرفة الأخطار التي تحدق بأصحابها وكم من مرة أنقذت أصحابها من مواقف صعبة للغاية قد تؤدي بالأشخاص إلى الموت المحقق. كما انه في أحيان كثيرةيسمع للكلب عواء حزين وبعده تحدث المفاجأة موت أحدهم. ومن الأفعال التي تقوم بهاالحيوانات مثلا قبل الزلازل:
- الأسماك تقفز من المياه.
- القطط تغادر البيوت إلى العراء.
- الأرانب تضرب رؤوسها فيما حولها.
- الخنازير تعض بعضها بعضا.
ولا يفوتنا ان نذكر بأنه مثلما يوجد مؤيدون لهذه الظواهر الخارقة بجميع أنواعهايوجد منكرون لهذه الظواهر الخارقة بل وينصحون بالاعتماد على المنطق والتحليل وعدم الركون إلى المعرفة إلا عن طريق العقل الذي يستلم مدركاته من الحواس الخمس، التيهي مصدر المعلومات فقط على حد تعبيرهم. كما يرى العلماء المؤيدون بأن في مخ الإنسان مركزا يسمى مركز التنبؤ والأحلام موجود كمركز عصبي تحدث فيه التفاعلات الكيميائية وينتج عن هذا النشاط تيار كهربائي. هذا المركز يشبه جهاز الاستقبال في الراديو والتلفزيون. وإن التعاون العلمي بين العلماء من مختلف الاختصاصات ذات العلاقة سوف يسهم في الكشف عن مركز تلك الحاسة التي ضعفت خلال تطور الإنسان بسبب تخليه عنها واعتماده على الوسائل الحضارية الحديثة، وطرق التفكير العلمي المنطقي .
للامانة منقول بتصرف