تلذذ و استمتاع بكل رشفه، هذا ما نحصل عليه بين قهوة و كاكاو، مع فرق في تعريف اللذة لكل منهما، فلكل مزيج طابع خاص
ومتعة رائعة. فَتحت تأثير مزيج الكاكاو السحري ننتقل إلى بُعد آخر، نسترجع فيه ذكريات طفولة جميلة أو مراهقة صاخبة،
فنقف عند لحاظ مرح تارة، الم تارة، وأحلام كبيرة تارة أخرى، فنجد أنفسنا دون أن نعي قد انغمسنا في عالم البراءة المشبع
بصخب الشباب، المُوَكل بجلب أصدق الابتسامات إلى شفاهنا، و ما نلبث حتى نعود لبعدنا الحقيقي مع آخر رشفة، حيث ينقضي
المزيج و بالتالي سحره، عدا الابتسامة الحلوة تتدرج فيالرحيل بعد فترة من انقضاءه.
و على النقيض من ذلك كوب القهوة، فمن الغريب الملاحظ قدرة المزيج المنعشة التي لا ندركها إلا عندما نشعر أن مرارته
تُحاكي مرارة أوقاتنا الموجعة، حيث يشعرنا الكوب بطريقة ما بمساندته لنا و قدرته على استيعاب مشاكلنا، فيقودنا بلطف
للتفكير مليا فيما يؤرقنا مانحا إيانا القدرة على رؤية الأمور من منظار آخر _ منظار كوب القهوة _ ليتركنا نلملم شتاتنا
ونعيد ترتيب أوراقنا موجهين تفكيرنا في المسار الذي يجعلنا قادرين نوعا ما، على التعامل مع كل ما ظننا في لحظة استحالة
الوقوف في وجهه، مولدا شعوراً آسر، يأسرنا كليا لنعيد الكره في أغلب الأوقات، فنجده مُرافقا لرفاق درب تارة، وجلسات
عمل تارة أخرى، و الغريب أن المزيج لا يفقد قدرته الفريدة حتى مع تعدد أنواعه وتفاوت نكهاته.
بالنتيجة تبقى القهوة قهوة و الكاكاو كاكاو، و يبقى لكل منهما طابع خاص و متعة رائعة.
تمت