النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

الأكـــــراد فـي السـينما الـروسـية.. والسـوفـيتيــة

الزوار من محركات البحث: 13 المشاهدات : 937 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: September-2011
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 161 المواضيع: 73
    التقييم: 44
    آخر نشاط: 11/May/2013
    مقالات المدونة: 6

    الأكـــــراد فـي السـينما الـروسـية.. والسـوفـيتيــة

    الأكـــــراد فـيالسـينما الـروسـية.. والسـوفـيتيــة

    بقلم : برهان شاوی

    منـذبـداية إكتشاف السينما كاختراع في العام 1895 وحتى تبلورها كفن جديد فيمنتصف العقد الثاني من القرن العشرين تقريباً، بل وامتدادا حتى منتصف العشرينياتمنالقرن العشرين، تبلورت نظرة السينما العالمية، والاميريكية خصوصا، نحو الشرقكعالمهائل، غير مألوف، مليء بالسحر والغرابة، والرغبات المتأججة والمغامرة،فأغترفوا منهعشرات القصص المثيرة وانتجوها للسينما كافلام..، ولم تكن هذه النظرةوليدة السفروالاطلاع والتجارب الميدانية وانما كانت، ولا تزال، موروثة من الاستشراقالأوربيالذي قدم الشرق الى القاريء الغربي، منذ عقود، بهذه الصورة الشبقيةالحالمةوالمتوحشة في نفس الوقت. فلقدتجسد الشرق على الشاشة البيضاء من خلال لمعان الديباج والحلي والاحجارالكريمة،وبالنساء المثيرات اللواتي يسبحن في احواض المرمر،وبالقصور التي تعجبالجواري اللواتيرتدين الملابس الشفيفة، ويتجولن بين الغرف والقاعات الموشاة بأجملالستائر الحريريةوالمخملية. شرق القصور المليئة بالمكائد والدسائس الجبانة ضدالابطال، شرق العمائم والنرجيلات التركية، شرق الحجاب والدعارة السرية، واسواقالرقيق، شرق المخاطروالمغامرات العجيبة. شرق القتل والغدر والخوازيق والقسوةاللانسانية. لقد كان الشرق يعرض في السينما الاوربية بلاروح، وبلا عمق، فالشرق كان يعني عندالاوربيين (كل ما هو غير مألوف)، لا سيماالافلام التي أنتجت عن الشرق، والمأخوذة، فيمعظمها، عن تحويرات لقصص(الف ليلةوليلة). لكن ومنذ بداية العشرينيات من القرن العشرينقدمت السينما السوفيتية الفتية أفلاما مختلفةعن الشرق، فقد حدقت كاميرات المخرجين الثوريين السوفيتالى الشرق واساطيره بنظرةجديدة، فلقد قدمته بلا رتوش أو زخرفة او تزيين، لقد حدقتالكاميرا الى الشرق الفقيروالبائس، والمتخلف، الهزيل، الأمي، المظلوم، فعرت ذلكالواقع بلا خوف أو تردد،. وكاناللأكراد موقع في هذه النظرة..! الافـلام الروسية قبل الثورة الاشتراكية ورد في كتاب( شاشة ارمينيا السينمائية) للباحث السينمائيالأرمني(جريجوري جاخيريان)، والصادر في موسكو العام 1971، في معرض بحثه عن بداياتتشكل السينما الأرمنية، بانه ُنتجت في روسيا القيصرية أفلام عديدة تروي عن الأحداثالمأساوية المروعة التي جرت للأرمن الذين كانوا يعيشون في غرب ارمينيا، وفي حدودالأمبراطورية العثمانية، في بداية الحرب العالمية الأولى. ومن بين هذه الأفلام يرداسم فيلم بعنوان( تحت سلطة الأكراد) الذي مثله مجموعة من الممثلين الأرمن الهواةفي العام 1915 وتحت إشراف وارشاد المنتج السينمائي (مينيرفينا).!! ومن اجل التأكد من صحة هذه المعلومة الجانبية في الكتاب المذكور اعلاهراجعت مصادر روسية وسوفيتية أخرى، فوجدتُ في كتاب( مرجع الافلام الروائية في روسياقبل الثورة للباحث السينمائي والمؤرخ (فيشينفسكي)، والصادر في موسكو العام 1945،ما يؤكالخبر، بل ويضيف الكتاب بعض المعلومات الايضاحية الاخرى، مثل تاريخ العرضالأول للفيلم كان في 25تشرين الأول من العام 1915، ولكن الفيلم مفقود، حسبما جاءفي هذا المرجع، وليس هناك من عليق على الفيلم سوى انه (تراجيديا عن الحياة فيالجزء التركي من أرمينيا).!! وفي مصادر اخرى وجدت صورة عن لقطة من هذا الفيلم تتضممشهد لرجل مسن يحاول بعض المهاجمين قتله!!، ومن المؤكد بان الفيلم كان يتعرضللمذابح التي تعرض لها الأرمن في الأمبراطورية العثمانية، وكان حرب الأبادة ضدهمقد قامت بدعاوى دينية، وقد ساهم الأكراد، الذين شكل منهم( كمال أتاتورك) سراياالجيوش الحميدية، للأسف، في هذه الحملة الدموية الظالمة!!! ولمشاهدة هذا الفيلم أو معرفة مصيره، سافرت الى(يريفان) العام 1982، وهناك، وبمساعدة بعض الأصدقاء من السينمائيين الرمن، حاولناالعثور على اية نسخة من الفيلم او اية معلومات عنه في أرشيف السينما الأرمنية، لكنالجهود لم تات بنتيجة سوى المعلومات التي قدمتها اعلاه. المهم، مع اسم هذا الفيلم نهتدى الى أول شريط سينمائي له علاقة بالاكراد،ويحمل اسمهمن ويتحدث عنهم، حتى ولو بشكل سلبي. ولم اجد في ارشيف السينما الروائيةالروسية وغير الروسية، والتي اُنتجت في روسيا القيصرية غير المعلومات التي ذكرت. الأكــراد .. في السينماالسوفيتية ورد في كتاب (الاكراد - ملاحظاتوانطباعات) للمستشرق الروسي ( مينورسكي)، والصادر في (بتروغراد) العام 1915 ، فيمعرض تعريفه للاكراد في روسيا، بانهم يسكنون في مقاطعة(يريفان) في الاقسام التيتتصل بجبل (آرارات)، وكذلك في مناطق مختلفة اخرى من نواحي (أردهان) و (قاقزمان) فيمنطقة (قارس)، أضافة الى منطقة (زنكه زور) و(جوانشير) و (ارش وجبرائيل) في مقاطعة(اليزابيت بول)، وكان عددهم في( يريفان) العام 1910(125) الف، منهم (25) مناليزيديين. ويضيف العلامة الكردي المؤرخ (محمد أمين زكي) في كتابه( خلاصة تاريخ الكوردوكوردستان) بان الحكومة البلشفية التي تم تاسيسها في (يريفان) الأرمنية، ادخلتجانبا من الكورد في بلاد هذه الجمهورية السوفيتية الفتية، ولا سيما أكرادولاية(قرمباغ). ويؤكد العالم ( د. عبد الرحمن قاسملو) في كتابه(كوردستان والاكراد) ان هذهالمناطق الكردية قد أصبحت جزءا من روسيا العام 1813 عقب معاهدة(كلستان) بينايران وروسيا، وبعد ذلك تم ضم قسم منالاكراد الى ولاية(يريفان) وفقا لاتفاقية(تركمانجاي) العام 1828، واخيرا تم ضماكراد قارس واردهان الى روسيا ايضا. وعلى اثر ثورة اكتوبرالاشتراكية، واستنادا الى المهادة المعقودة بين روسياالسوفيتية وتركيا في 21 آذار العام 1921، أُعيدت منطقتا قارس واردهان الى تركيا،ولم يبق في الاتحاد السوفيتي سوى آلاف قليلة من الاكراد الذين يعيش معظمهم فيأرمينيا. أما المستشرق السوفيتي (لازريف) في مقالته (الاكراد والمسألة الكوردية)والمنشورة في مجلة(آسيا وأفريقيا اليوم)، العدد 12 العام 1983، فيؤكد بان نسبةالاكراد في الاتحاد السوفيتي قد وصلت الى 1% من نسبة الشعب الكوردي ككل، واستناداالى الرقم الذي يعتمده (لازريف) عن نفوس الشعب الكوردي، والذي يقدره ب20 مليون نسمة،رغم ان النسبة أعلاه غير دقيقة، فان الاكراد في الاتحاد السوفيتي السابق يقدرونبحوالي 200 ألف نسمة. لقد كانت السلطة الروسية القيصرية تستغل الاكراد، كما كان العثمانيونيستغلونهم، حيث يذكر (مينورسكي) في كتابه الانف الذكر، مستندا الى التقارير السريةللدبلوماسيين والقادة الحربيين الروس، بانه كلما اندلعت حرب في ما وراء القفقاسإزداد اهتمام السلطات بالاكراد، ففي الحرب الروسية - التركية العام 1829، كانتهناك أربع فرق اسلامية، واحدة منها كردية مؤلفة من 400 فارسا، وكان قائدها روسياومعاونه كورديا، وكذلك في حرب القرم كانت هناك فرقتان كورديتان، الاولى من قارسوالاخرى من يريفان. ولكن كل هذه التقارير تشير، فيما يخص حياة الاكراد، في انهم انوا يعيشونحياة رعوية، غير مستقرة، وذلك لعدم تملكهم للارض، لذلك فليس اعتباطا ان توليالسلطة السوفيتية بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية اهتماما للاكراد وتبذل جهودا من اجلتمكينهم من الاستقرار، ومن أجل تنوير حياتهم المظلمة وتخليصهم من الجهل والامية.ويكفي ان نعرف بانه في روسيا القيصرية، ومن بين 125 الف كوردي كان هناك (2) طالبينفقط.!!! لذا، ومنذ بداية العشرينات، وبدعم السلطة الفتية التي لم تكن قد تلوثت بعدبالامراض الحزبية الخبيثة كالبيروقراطية، وعبادة الشخصية، والعنف ضد المعارضين،ومصادرة الحريات المدنية، وغير ذلك، واعتمادا على تلك الاحلام ببناء المجتمعالانساني، بدأ السينمائيون السوفيت في آسيا الوسطى بتأسيس (سينما)هم القومية، ومنبين هؤلاء كان السينمائيون ( الأرمن) يشقون طريقهم في ارض وعرة، وفي طليعة هؤلاءيقف المخرج الأرمني الكبير ( آمو بيك نزاريان) الملقب( بيك نزاروف)، الذي يُعد منأهم مخرجي السينما السوفيتية في فترة العشرينيات، وأحد مؤسسي السينما القوميةلشعوب آسيا الوسطى، فمع أسم ( بيك نزاروف) لا يرتبط تاريخ سينما القوميات فحسب، وانما يقترن اسمه مع اسماهم الافلام التي أُنجزت في هذه الجمهوريات خلال تلك الفترة، كما ويرتبط مع أسمهأول فيلم سوفيتي عن الاكراد. فقبل ان يعمل (بيك نزاروف) في ارمينيا كان قد اخرج افلاما عدة في جمهوريةجيورجيا السوفيتية مثل ( قاتل أبيه - العام1922)، وفيلم( الكنز الضائع - العام1924) وفيلم (نتيلا-العام1925)، وحينما جاء للعمل في أرمينيا اخرج في العام 1925 فيلمه الشهير(ناموس)، الذي يعدأول فيلم روائي في السينما الأرمنية. لقد جلب فيلم (ناموس) للمخرج (بيك نزاروف) شهرة واسعة، لا سيما وانه اعتمدفيه على التراث الثقافي والقومي لشعبه، وعلى التقاليد الفنية للسينما الروسية،وعالج فيه المشاكل الاجتماعية بحكمة وحماس ثوري صادق. ان نجاح هذا الفيلم علىالمستوى الفني والجماهيري دفع (بيك نزاروف) للتقدم خطوات أبعد في معالجته لهمومشعوب الشرق. ففي العام 1926 جمع هذا المخرج فريقه السينمائي وتوجه الى منطقة جبال(آراكاصي) حيث يعيش الكرد، ليخرج هماك فيلمه الروائي (زاريـا)، والذي يتحدث فيه عنحياة الكرد قبل ثورة اكتوبر. فـيــلم ( زاريــــا )... أول فيلم روائي عن الاكراد تحدث (بيك نزاروف) عن تجربتهالسينمائية الطويلة في كتابه ( مذكرات ممثل ومخرج)، الصادر في موسكو العام 1965،حيث أشار عن تجربته في فيلم ( زاريا) بانه لم تكن هناك أية مصادروكتب تتحدث عنالاكراد وحياتهم آنذاك، كما ان معلوماته عنهم كانت قليلة جدا، مما دفعه ذلك لدراسةعاداتهم وتقاليدهم واخلاقهم وتاريخهم وقبائلهم، كما اخذ يملي استمارة شخصية لعددمن الاكراد تتضمن بعض الأسئلة، منها عن الايمان هل هو بالله ، بالشيطان،بالقديسين، وعن علاقات الفرد الشخصية هل هي بالبيك، بالشبخ، بالسحرة، امبالدراويش، وعن مهنهم، هل هي الحلاقة، الرعي، الفلاحة، وعن وضعه العائلي، هل هومتزوج، متعدد الزوجات، ارمل، خطيب، وعن دينه، هل هو مؤمن بالجنة والجحيم، هل يصلي،وعن موقفه من الضيف، الحكم، الشرف، وعن العلاقات الاجتماعية هل هي بالوطن ام بالمهجر،بالعمل الموسمي، علاقاته بالرفاق، بالجيران، وعن طقوس الولادة، الختان، الزفاف،الموت، الدفن، ولائم الفاتحة، الحداد، ثم عن علاقاته بالطبيعة، بالماء خصوصا،وأسئلة عن تصوراته عن العالم والكون، واسئلة تتعلق بالطعام، والاسلحة، واللوازمالبيتية، وبالملابس، وما شابه من أسئلة اخرى. ومن حصيلة كل هذه المعلومات التيحصلعليها من الاجابات استند في بناء قصة فلمه والمأخوذة عن موضوع للكاتب (لازو) اولمن وضع الف باء كوردية للاكراد في بلاد السوفيت. يحكي فيلم ( زاريا) قصة حب تجري في احدى القصبات الكوردية، حيث يحب الراعي( سعيد - الممثل نيرسيسيلين) الفتاة الفقيرة ( زاريا - الممثلة تينازي)، الا انالاقطاعي ( تيموربيك- الممثل كاركاش) يحاول ان يتخذ منها زوجة ثانية له رغم علمهبقصة حبها، وحينما تبدا الحرب العالمية الأولى، تُصدر السلطة القيصرية قرارابتجنيد الشباب الأكراد ودفعهم كحطب في آتون الحرب المدمرة، ويحاول ( تيمور بيك) منخلال علاقاته بجندرمة السلطة القيصرية ان يعفي اعوانه من الخدمة، ويدفع المبالغ منأجل ان يُساق(سعيد) و(زوربا - الممثل مارتيروسيان) شقيق (زاريا) الأكبر، (الذي صارفيما بعد مخرجا، واخرج الفيلم الثاني عن الأكراد)، الى الحرب. يساق (سعيد) وعدد من شباب القصبة الى اقرب معسكر، ولكنه استطاع الهرب منقافلة الجند المساقين عندما توقفت عند احدى عيون الماء. ويتجه (سعيد) الى القرية، الا ان (تيمور بيك)واعوانه ومن تبقى من جنود السلطة يلقون القبض عليه ويزجون به في السجن. ثم تتراكمالاحداث، حيث يعود(زوربا) من الحرب جريحا ليموت في كوخهم المزري وسط صراخ عائلته،ويخطف اعوان البيك( زاريا) ليتزوجها رغما عن ارادتها، إلا انها تصده عنها ولا تسمحله بالاقتراب منها، واثناء ذلك يحاول (خدو- الممثل خاجانيان)،مجنون اقصبة وشقيق(زاريا) الأصغر، ان يحرر (زاريا) ويستردها من (تيمور بيك)، وحينما يرفض ارجاعهايطلق(خدو) النار عليه، فيصيبه بجرح، الا انه يموت بطعنات خناجر أعوان البيك الذييتشافى سريعان ليقيم حفل زفافه من (زاريا)، وفي هذه الاثناء يهرب (سعيد) ثانيةويقرر مع بعض اصدقائه الانتقام من البيك. لكن البيك، وحينما لا يستطيع ان يجامع(زاريا) يقرر الانتقام منها، فيعلن للناس بانها غير عذراء، فيركبونها على حمار ،وبشكل مقلوب، حيث يكون ظهرها مواجها لراس الحمار، ويلطخون وجهها بهباب المواقد،بالسخام، ويدورون بها وسط القصبة، بين تعليقات العجائز وشتائم نساء القرية، وفيهذه اللحظات يصل (سعيد) ورفاقه ليصرعوا (تيموربيك) واعوانه وليهربوا الى الجبالومعهم (زاريا). عُـرض فيلم (زاريا) في العام 1927، اي بعد عام واحد من عرض فيلم( المدرعةبتيومكين) لآيزنشتين، وقد قوبل الفيلم بترحاب كبير وحفاوة بالغة في الصحافة الفنيةالسوفيتية، لكنه، والحق يقال، لم يرتق الى فيلم (ناموس) للمخرج نفسه. في هذا الفيلم نلاحظ تأثير(آيزنشتين) الواضح، بدءا من إستخدام عناصر بشريةبعيدة عن الوسط الفني، الا انها تجسد التصورات الفنية لدى المخرج، وانتهاءابالتركيز على ملامح الناس البسطاء وتفاصيل الحياة اليومية ومنحها بعدا رمزيا،وتصعيد الصراع ونقله من حدوده الشخصية الى أبعاده الاجتماعية مع تطور الخط الدراميللاحداث، وتفجيره بشكل عبيف في ختام الفيلم، حيث ان نهاية الفيلم تكون بداية جديدةلصراعات اعنف واعمق واشمل. لقد استطاع (بيك نزاروف) من خلال شخصية ( سعيد) تجسيد الملامح الشرقيةالايجابية للبطل، وتجسيد قيم الرجولة والشجاعة والنبل، ورغم ذلك فليس من خلالشخصية( سعيد) عكس المخرج فهمه الجديد لعلاقته مع الشخصية الانسانية وتطور وعيها،كما يقول (صابر رضايف) في كتابه (السينما الروائية الأرمنية) الصادر في يريفانالعام 1963، وانما هناك شخصية المجنون ( خـدو)، التي لا تقل اهمية عن شخصية(سعيد)، فالتحولات الفكرية والنفسية تبرز في شخصية (خدو) أوضح مما تبدو في شخصية(سعيد)، إذ اننا نتعرف عليه كمهرج ومجنون، ولكن مع تطور الاحداث واصطدامه مع جندرمةالسلطة القيصرية، ومن خلال المواجهات اليومية مع (تيمور بيك) واعوانه، تعمق وعيه،واندفع لتلمس الواقع بوضوح اكبر، خصوصا بعد موت (زوربا)، وبعد سجن (سعيد). لقد إستطاع (بيك نزاروف) من خلال شخصية( خـدو) ان يساهم قدر الامكان، وفيحدود معينة، ان يضيف شيئا في حل واحدة من أعقد المشاكل التي كانت تواجه السينماالسوفيتية الفتية، الا وهي مسالة تجسيد عملية (نمو) و( تطور) الشخصية البشريةدراميا على الشاشة، أو ما كان يسميه الناقد الروسي المعروف (تشرنشيفسكي) في علمالجمال ب( ديالكتيك الروح). إستطاع (بيك نزاروف) في هذا الفيلم ان ( يقترب) كثيرا من الجو الكوردي، ومنسمات الشخصية الكوردية، لكن هل استطاع ان يعكس ملامح الشعب الكوردي فيفيلم(زاريا)؟؟ لا أعتقد ذلك، غلولا معلرفة المشاهد بان هذا الفيلم يحكي قصة من حياةالكورد، لما استطاع تمييزهم عن غيرهم منالشعوب الشرقية، وهذا ناتج عن عدم دراية المخرج بفولكلور الشعب الكوردي ككل،ولربما بسبب ان احداث الفيلم تجري في ارمينيا وليس في كوردستان، ولأن المهمة التي كانت تواجه المخرج تتميزبخصائص سياسية وايديولوجية ، طبقية، مرحلية، فان المخرج لم يتطرق الى الاكراد منالناحية القومية كأمة ممزقة ومشتتة، فالحس الثوري الطبقي كان هو صاحب النبرةالعالية في الفيلم. ورغم ان المخرج قد اعتمد على ممثلين غير محترفين في بعض الادوار، فانالتمثيل كان جيدا بحيث لا يستطيع المشاهد التمييز بين الممثل المحترف وغيرالمحترف.، ويمكن القول انه وبسبب الظروف التي رافقت العمل، وبسبب ضيق الوقت، فقدفاتت على المخرج الكثير من التفاصيل المهمة، ورغم ان الفيلم كان (صامتا)، الا ان(بيك نزاروف) ركب الصوت الى الشريط الفيلمي خلال فترة الثلاثينيات، وهناك نسختان من الفيلم فقط، واحدة بالروسية محفوظة فيموسكو، واخرى بالارمنية، محفوظة فييريفات، وقد شاهدت النسختين، في يريفات ثم في موسكو. الأكــــرادالــيزيـــديــ ون..الفيلم الروائي الثاني أثناء تصوير فيلم (ناموس) عمل مع (بيك نزاروف)فنان أرمني اسمه( آمومارتيروسيان) كمساعد مخرج، كما مثل دور (زوربا) في فيلم(زاريا)، ولكن لم اجد ما يوضح الدوافع والاسباب التي جعلت هذا الفنان يقدم في العام 1932 على تصوير فيلم روائيثان عن حياة الاكراد، بل كان اكثر وضوحا من (بيك نزاروف) على الأقل من ناحيةالتسمية، فالفيلم يحمل اسم (الأكراد اليزيديون). لقد استند (مارتيروسيان) على سيناريو كتبه (بارخوداريان) و(بلاسانيان)ليخرج فيلما مختلفا عن فيلم (زاريا) بشكل كبير. (اليزيديون)، ملة من الكورد، يختلفون عن بقيةالكورد الآخرين في ديانتهم، وكما يذهب العلامة الجليل (محمد أمين زكي) في كتابه(تاريخ الكورد وكردستان)، في ان أصل (اليزيدية) يرجع الى مذهب (المانوية)و(الزارادشتية)، حيث ان (اليزيدية) تقر ايضا بوجود آلهيين. لذا فانهم يرون وجوبالتعبد للشمس والشيطان. وان عبادة الشيطان متأتية من انه الشر المحض ولا يصدر عنهغير الشر، فيرون التعبد له واجب، إتقاء لشره وخوفا من نقمته، لا احتراما له وطمعافي جزائه، وعذرهم في ذلك هو ان الله هو الخير المحض، لذا لا لزوم لعبادته، كما لهمبعض العادات والطقوس التي تميزهم عن بقية الكورد المسلمين، مثل ايمانهم بالطائرالمقدس (الملك الطاووس)، الذي يعتقدون انه كان موجودا قبل جميع الكائنات، وانهحاضر في كل الجهات، وذلك للتفريق بين الظلال والهدى، والكفر والايمان، كما انلديهم كتابا مقدس اسمه( الكتاب الاسود) الذي كُتب في العام 1422، وفيه معظم تعاليماليزيدية وعاداتها وتفاليدها. الفيلم الذي اخرجه (مارتيروسيان) الذي يفترض من اسمه انه يتحدث عن هذهالمجموعة من الكورد، لا يعرض من تقاليدهم سوى مسألة السجود للشمس عند شروقهاوغروبها. لكن هذا الفيلم يتحدث عن الاكراد في ظل السلطة السوفيتية، حيث يبدأالفيلم باستعراض تسجيلي لوقائع الحياة فياحدى القرى. فالراعي (جلال - الممثل نرسيسيا) يذهب بقطيع الاغنام التابع للشيخ(خانو - الممثل جانان) الى المراعي، وزجته تنقلالماء الى دار الشيخ بينما تغط زوجة الشيخ في نوم عميق، اما رجل الدين فيقف فوققمة الجبل ساجدا للشمس. إن بانوراما الحياة في هذا الفيلم لا تختلف في شيء عما هي فيلم (زاريا)،إلا ان هذا الفيلم يكشف، لقطة بعد لقطة، عن الاختلاف بين المرحلتين اللتين يتحدثانعنهما. فلقد جرى تغير كبير في الحياة السياسية، اذ نرى هنا جمعية زراعية تعاونية(كلخوز)، ولكن ثقل العادات والتقاليد القديمة لازال مكلكلا على صدر القرية، ولا زالالراعي (جلال) يسرح بقطيع الشيخ دون فائدة ترجى، فهو يحني راسه تحت وطأة الدينالذي يجب ان يسدده للشيخ المحتال الذي يزور قوائم الديون مستفيدا جهل اهل القريةبالقراءة والكتابة، فحتى مسؤول الجعية الزراعية التعاونية الطيب (برو - الممثلآفيشيان)، أمي، وحينما يقرر المسؤولون في المدينة شراء الصوف من الرعاة وتوفيرهلغرض فتح معمل للنسيج، ويرسلون بذلك كتابا الى القرية، يستعين هذا المسؤول بالشيخلقراءة بعض الرسائل فيلمح الآخر الرسالة التي تخص شراء الصوف، فيقرر شراء الصوف منالرعاة قبل ان تبادر الجمعية الزراعية بذلك، وفعلا يشتري الصوف ثم يدفنه في حفرةويهيل عليه التراب، وحين يذهبالمسؤولون لشراء الصوف لا يجدون لدى الرعاة شيئا منه. واثناء ذلك تقرر اللجنة الحزبية فيالمدينة فتح مدرسة في القرية فترسل لهذا الغرض فتاة كوردية اسمها (زينه - الممثلةزافاريان) كي تقوم بالتدريس، فيواجهها الشيخ واعوانه بمختلف الاساليب لمنعها منالقيام بمهمتها، كما يحاول رجال الدين حث الآباء على منع اطفالهم من التعليم، ولكن بجهود بعض الرعاةالشباب تنجح (زينه) في مهمتها، ومن ثم تكشف هي ألاعيب الشيخ واحتياله وتزيرهللقوائم، فيحاول هذا واعوانه اغتيالها، باعتبارها الوحيدة التي استطاعت ان تكشفه،واثناء محاولتهم ذلك يلقى القبض عليهم. الغريب ان هذا الفيلم أقرب الىالفيلم التسجيلي الوثائقي منه الى الفيلم الروائي، إذ ان المخرج ركز على تسجيلوقائع الحياة اليومية وتفاصيلها، بحيث كانت تطغي على مسار الاحداث، وتربك النموالدرامي لها، كما انه كان يركز على الجانب الجمالي اكثر من تركيزه على البناءالدرامي، مما اثر على معالجة المخرج للشخصيات من الناحية النفسية والدرامية، فكانتشخصيات سطحية وغير مقنعة، لكنه كان من الناحية التصويرية والجمالية عموما افضل منفيلم (زاريا)، وهنا نلاحظ تاثير (دوفجنكو) و(بودوفكين) على المخرج، ولكن هل استطاعهذا الفيلم ان يعكس لنا شيئا عن حياة الكورد اليزيديين الذي يحمل الفيلم اسمهم. لاأعتقد ذلك، فرغم ان الفيلم يعالج إشكاليةالقديم والجديد الا ان الفيلم لم يقدم هذا الصراع بشكل مقنع، ويبدو ان الهيمنةالايديولوجية، والنبرة السياسية المباشرة، أضعفت هذا الفيلم، كما اصعفت الفيلمالذي قبله. لكن الغريب هو ان السينماالسوفيتية عموما، والسينما الأرمنية خصوصا، لم تقدما اي فلم روائي آخر على مدىعقود، حتى انهيار الاتحاد السوفيتي، ويبدو ان هذا الأمر له علاقة بحدة الصراعالطبقي في بداية نشوء الاتحاد السوفيتي، وبسياسة ستالين القومية، والتي قامت علىتشتيت القوميات وتجزئتها وتوزيعها على فيافي الاتحاد السوفيتي، وقد تشتت الاكراد،على قلتهم قياسا الى بقية القوميات، وتم توزيعهم بين الجمهوريات السوفيتية. والحقيقة ان الاستغراب لا يشمل غياب اي فيلم روائي عن الاكراد بعد هذينالفلمين، وانما غياب الافلام الوثائقية والتسجيلية ايضا. فبعد اكثر من خمسين عاماعلى اخراج هذين الفلمين، لم نجد سوى فيلم وثائقي واحد عن الاكراد هو فيلم ( أكرادأرمينيا السوفيتية) والذي انتجه التلفزيون الأرمني في العام 1959 وهو يتحدث عنواقع الاكراد في ارمينيا، وما اجرته السلطة السوفيتية من تغيير في حياتهم. ويبدوان هذا الفيلم انتج للدعاية السياسية،لاسيما وان عودة الاكراد العراقيين، بقيادةالزعيم ملا مصطفى البارزاني ، من الاتحاد السوفيتي الى كوردستان العراق كانت في1959، وان الدستور المؤقت للجمهورية العراقية عرف العراق بانه وطن مشترك بين العربوالاكراد، ولكن مهما كانت الدوافع السياسية والدعائية، فانه من المستغرب غياب حتىالافلام التسجيلية، بعد الفلمين الروائيين المذكورين، علما ان الافلام التسجيليةالنلفزيونية اسهل من الافلام السينمائية، وارخص بكثير؟؟ لكن وانا اقرأ في مذكرات (بيك نزاروف) انتبهت الى اشارته بان السينمائيينالسوفيت صوروا افلاما كثيرة عن الاكراد، لاسيما الاكراد في ايران اثناء فترة الحربالعالمية الثانية، الا ان الحصول على هذه الافلام كان في غاية الصعوبة، لأسباب متعددة، أولها ان هذهالافلام لم تصنف وتذكر في المراجع السينمائية والفنية السوفيتية، وهي تعود الىجهات عسكرية!! ومن بين هذه الافلام فيلم وثائقي عن سقوط (جمهورية مهاباد) قيل لي ،من مصادر اكاديمية موثوقة، انه محفوظ في (باكو)!! ورغم ان الاكراد يتوزعون بين جمهوريات : جورجيا،اذربيجان، ارمينيا، كازاخستان، الا انه لم يصور عنهم اي شيء يذكر، باستثناء فيلمقصير انتجه التلفزيون في جورجيا في العام 1972 تحت اسم (نحن أمميون)، وآخر تحتأسم( نحن الاكراد) في العام 1981 ، وهو فيلم يعرض مساهمة الاكراد في احدى العروضالاحتفالية الوطنية السوفيتية، مع مقابلات مع الشخصياتالكوردية التي ساهمت في الحرب الوطنية العظمى ضد النازية، الى جانب تقرير عنالمسرح الكوردي في جورجيا. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تعقدت الاوضاع، وانفجرت الاحقاد القومية بينشعوب الجمهوريات السوفيتية السابقة، وتصاعدت النعرات القومية المتطرفة، فتعرضالاكراد، كما غيرهم، في بعض الجمهوريات، الى المضايقات، والطرد، والعنف الجسدي،لكن التلفزيون، والسينما، بل وحتى الصحافة كانت بعيدة عن ذلك. ورغم ذلك فما انتجته السينما السوفيتية في مجال الفيلم الروائي، خصوصا فيذلك الوقت المبكر من تاريخ السينما يثير اعتزازالسينمائيين الاكراد، علما ان هذهالافلام لو شاهدناها اليوم لوجدنا فيها الكثير من نقاط الضعف وشيئا من السذاجة،لكنها تبقى جزءا مهما من الذاكرة السينمائية للاكراد. المراجع: 1) خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان -محمد امين زكي-ط2- بغداد1961 2)الاكراد-ملاحظات وانطباعات-مينورسكي-ت.م.خزندار-بغداد 1968 3)شاشو أرمينياالسوفيتية-جاخيريان-بالروسية-موسكو-1971 4 يوميات ممثل ومخرج سينمائي- بيكنزاروف-بالروسية-موسكو-1965

  2. #2
    Software Developer
    Expert in Encryption
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: البـــــصرة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,348 المواضيع: 422
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 6778
    مزاجي: ****
    المهنة: مبرمج شركة Weir
    أكلتي المفضلة: ****
    موبايلي: ****
    آخر نشاط: 14/November/2022
    مقالات المدونة: 163
    شكرا لك اخي الغالي على التقرير

  3. #3
    رياح شتوية و ازهار
    تاريخ التسجيل: November-2010
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,891 المواضيع: 346
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 4117
    مزاجي: مسرورة جدا ومتفائلة ^_^
    المهنة: ^_^
    آخر نشاط: 19/May/2015
    تقرير رائع شكراااا لك

  4. #4
    لوحه من نسج الخيال
    تاريخ التسجيل: December-2010
    الدولة: كوردستان
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,928 المواضيع: 237
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 5123
    مزاجي: بأحسن حال
    آخر نشاط: 28/July/2014
    مقالات المدونة: 5
    تقرير رائع
    شكرا الك ع المجهود

  5. #5
    مدير المنتدى
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: جهنم
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 84,930 المواضيع: 10,515
    صوتيات: 15 سوالف عراقية: 13
    التقييم: 87195
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: Sin trabajo
    أكلتي المفضلة: pizza
    موبايلي: M12
    آخر نشاط: منذ 3 ساعات
    مقالات المدونة: 18
    تقرير رائع عاشت ايدك اخي الكريم

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال