<><><>
كان يوماً اعتيادياً جداً ...
هادئاً بعد ضجيج ليلة مُسلية
لم أكن واضعاً أيَّ من الأهداف
ولا خُططاً كما هي العادة ...
بينهم ... قضيت يومي بروتيني
ثم جربت شيئاً ... ونجح الأمر ...
شعرت بالرهبة تعتريني ...
كأنني أسمع الصوت من بعيد ...
ذلك الصوت يدعوني للولوج ...
ناسياً أو متناسياً كُل الماضي ...
ثم في لحظة إدراك ... تدراكت نفسي
وهربت مُسرعاً عائداً لمكاني الآمن ...
لهثت كثيراً ... وتنفسي تصاعد بشدة
حاولت التفكير بما جرى قبل لحظات
طلبت الاستشارة ... وكان ما كان
ثم قررت ... وبدأت العودة لذاك الطريق
<><><>
بينهم شعرت كأنني قابلت ذاتي القديمة
ذلك الفتى الحزين في ركن الغرفة الضيقة
والضيق يعتريه حتى يكاد يكتم أنفاسه ...
كأن الجدران تضغطه للداخل ...
رأيت مرآة مكسورة ... وقفت أمامها
رأيت نفسي ورأيته ... لم نكُن مختلفين
فقط وجدت نفسي ملئ بالأوهام ...
ووجدته مكسوراً ... ضعيف النبض ...
ألقيت عليه التحية ... وجلست بجواره ...
حينها أتى ذاك الشخص الثالث ...
كان عبارة عن ... أنا وهو ... كُنا نحن
عندئذٍ أدركت بأننا جميعاً نفس الروح ...
نحمل ذات القلب ... ونشعر بذات الأمر ...
ولكن الاختلاف بيننا ... هو الوقت والتجربة
كان يحمل أوراقاً ... رسائل ...
بدأنا بقرأتها سوياً ...
الفتى بكى ... وتقطع بشدة
سقط بحُزن ... وتمنى الموت ...
الشخص الثالث كانت إشارات الغضب تعتريه ...
الألم والصراخ باديان على ملامحه القاسية ...
أنا ... وجدت قلبي ينبض كأنه يريد الخروج ...
ويدي أصبحت رطبة من التوتر ... والصدمة ...
<><><>
كان الوقت يمشي بهدوء ... و بإيقاع بطئ ...
نظرت لنا نحن الثلاثة ... وعرفت في تلك اللحظة
بأنني لم أكن لأكون هُنا ... إذا لم أمُرَّ بِهِما ...
كان لابد أن أختبر جميع أحاسيسهم ...
وأشعر بمشاعرهم على اختلافها وتناقضها
فقط لأكون قادراً على صُنع الإحساس الخاص بي
ربما ... كانت هذه اللحظة هي المقصودة ...
وكانت كُل تلك التجارب ... لأتمكن من تحمَّل الصدمة
عندها شعرت بالسكينة ... والسلام الداخلي ...
طمأنينة القلب ... لقد أفتقدت ذلك الشعور ...
بأن كُل شئ سيكون على ما يرام ...
بأن الإبتسامة قد عادت لمُحياي
لكُل شئ ... طريق وسبب ونتيجة
مضيت في طريقي جاهلاً لسببي ...
وهذه هي النتيجة ... إذاً فلـ اهنأ
<><><>
أمسكت بالفتى المُلقى ...
وجعلته يقف على قدميه ...
علمت ما يجول بداخله ...
رأيت جميع أحاسيسه ...
أخبرته ... بالتحلي بالثقة ...
لا تطفئ شمعة الأمل ...
اصبر ... واجعل ذلك الحُب
هو ضوءك للمستقبل مهما كان
ربما لا تعلم ما الذي يحدث ...
ولكنني أعلم ما الذي سيحدث ...
أنت ستعيش ... ولن تموت ...
ستتمنى الموت كثيراً ... ولكن لن تموت
ستعيش في تلك الظُلمة الاختيارية طويلاً ...
ستفقد عقلك ... وتبدأ بدخول عالمك المجنون
ستضرب نفسك ... وتلوم ضعفك ...
ولكن ستخطئ المسار وتحيد عن الطريق ...
لأن الأمر ببساطة ... لا قوة لك فيه ...
أعلم بأنك رسمت أحلامك ...
وآمنت بكُل تفصيل صغير به ...
وعِشت والفشل لم يكُن خياراً متاحاً ...
كان الصدق والإيمان ... هما شريانك ووريدك ...
كُنت تعلم بأنك لتنجح عليك بإعطاء كُل شئ ...
وإن فشلت فسيكون واقعاً عليك مهما فعلت ...
ولكنك لست السبب ... أيها الفتى ... ثِق بي
في الوقت الذي تشعر فيه بالخوف ...
والغيرة المحمومة ... كانت روحك الأخرى تختبر شعورك
تشعر بالضعف ... والوهن ... والضغوط كافة
ربما في كُل شئ ... كنتما تعيشان ذات الحياة
خطبُك ... أنك كُنت أنانياً فحسب ...
لم تكُن تشعر بما تعانيه روحك الأخرى
الأمر ليس بأنك يمكنك تقديم المُساعدة أو لأ
الأمر في مُجرد الارتباط الروحي ... والمساندة المعنوية
لم تكن تعتمد على أحد ... بسبب قدراتك وحماستك
ولكن ... في تلك اللحظة ... لحظة الإنكسار ...
لم تسعفك قدراتك ولا حماستك ...
شعرت بأنك مكشوف وضعيف ... ولم تعتد على ذلك
لأول مرة اختبرت شعور ... بأنك لا تستطيع فعل شئ
فقط مُشاهدة سفينة أحلامك تغرق ببطئ ... وتختفي
في بحار من الظُلمات ... رغبت بعمل شئ ولم تستطع
صدقني ... لم يكن بوسعك فعل شئ ... أرضى بهذا ...
<><><>
أما أنت ... فلماذا علامات الغضب تعتريك ؟!
أرى مشاعرك تملوئها الحقد ... والشراسة
أعلم جيداً بأنك تشعر بأنك قد تُرِكت ...
بأنه قد تمت خيانتك ... بأنك خُدعِت ...
بأن كُل ما أمضيته ... كان سراباً ضاحكاً
وجميع جهودك ... أصبحت هباءاً منثورا
أتعلم ... ربما أنت مُحق ...
ولكنك مُخطئ ...
الشئ الحقيقي ... هي مشاعرك ...
أحاسيسك كانت صادقة ...
كُل لحظات البوح البرئ ...
القلق الذي كان يعتريك ...
الخوف ... ذهابك في رحلاتك الطويلة ...
جميع ما قدمته ... كان حقيقة لا غبار فيها
ألا تعلم لِما لا تريد الإعتراف بهذا ؟!
لأنك قد لا تستطيع العيش مرة أخرى
تخشى الوحدة التي كُنت تعيشها ...
لا ترغب بالعودة لذلك الطفل الجاهل ...
تتذكر لحظات الوحدة ...
الإستماع لإسطوانة موسيقية قديمة ...
وقراءة كتاب يحوي قصص هؤلاء الأرواح ...
وتتمنى لو أنك واحداً منهم ... ولكن لا تستطيع
الخوف يسيّرك نحو الهاوية ...
وعوضاً عن ذلك فإنك تدافع بشراسة ...
تؤلم روحك الثانية ... تؤلم نفسك بها ...
هذه حماقة ... وغباء شديد وأنت أفضل من ذلك
لتشعر بالراحة والطمأنينة عليك بمعرفة شئ واحد
لطالما قلُت بأن الرابطة الروحية بينكما قوية ...
لن تنسى تلك الرابطة ... تمسّك بها ... أشعر بها ...
ستعلم حينها ... بأنك سبب ألم فقط لا غير ...
حاول أن تكون سبب الراحة ... مهما كانت طريقتها
بالإبتعاد ... بالثقة ... بالتلاعب ... بخداع نفسك
أفعل كُل شئ ... ضحّي بكُل شئ ...
مُت ليس لأجلك ... وليس لأجل راحتك
ستقول لِما أفعل كُل هذا ...
فقط لأن هذه هي حقيقتك
هذا هو أنت ... لا تفقد جوهرك
لا تفقد هويتك للغضب والحُمق
ربما ستعود لتلك الوحدة البغيضة ...
ربما ستعود لتلك الأيام ... والليالي
التي تبدأ وتنتهي ببكائك الصامت ...
ودعائك بأن تقابل روحك الثانية ...
مع ذلك ... لا تهدم كُل ما بنيته ...
كانت الرحلة تستحق العناء وخوض غمارها
لقد اكتشفت نفسك ... فلا تفقد كُل ذلك
المُهم أنك تعلم جيداً بأنك حاولت أقصاك ...
<><><>
ربما احتجت ... لنفسي عندما كُنت هناك
وربما كان من المُهم أن اكتشف كُل ذلك
بمحض الصدفة ... وبنفسي دون عون ...
ربما أنا حزين ... أو هادئ الطباع ...
الحقيقة ... أنَّ أنا لم أكن معي وقتها
لم أتمكن من وقف نفسي ضد نفسي ...
ربما لهذا السبب وصلت إلى هُنا ...
بمحض الصدفة ... وبعض التوفيق ...
ربما كانت هذه هي جائزة الصدق ...
لأني أعلم بأن الصبر لم يكن من خصائصي ...
أتذكر كُل لحظة ... أعيشها مرة أخرى ...
وأعيش كافة تلك المشاعر مرة بعد مرة ...
ولكنني الآن ... أعلم كيف هي الطريقة ...
المعايشة ليست بالنسيان ...
ولا بترك الأمور معلقة أو حتى منتهية ...
المعايشة تكون بإيجاد نفسك التي تريدها ...
أن تُحاول بكُل ما تستطيع ... وتبذل كُل الجُهد
أن تموت في سبيل شئ تؤمن به وتصدقه ...
الوقوف مرة أخرى ... وعدم الخوف من الطريق
فقط ... إكمال السير وعدم التوقف ...
إن كانت الحياة سوف تعيدني ... فلا بأس
إن كانت الأمور ستكون ظالمة وغير عادلة
إذاً فلـ يكُن ... سأقاتل ... ولن استسلم
ليس المُهم هي النتيجة ... بل كيف نصل للنتيجة
<><><>
خـاتـمـة