بسم الله الرحمن الرحين
اللهم صلِ على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
إنّ بين الأمراض الصحية التي يعانيها الانسان، وبين الذنوب التي يقترفها شبهاً قوياً في نشأتهما، وسوء مغبتهما
عليه فكما تنشأ أغلب الأمراض عن مخالفة الدساتير الصحية التي وضعها الأطباء، وقاية وعلاجاً للأبدان، كذلك تنشأ
الذنوب عن مخالفة القوانين الإلهية، والنظم السماوية، التي شرعها اللّه تعالى لإصلاح البشر وإسعادهم وكما يختص
كل مرض بأضرار خاصة، وآثار سيئة، تنعكس على المريض في صور من الاختلاطات والمضاعفات المَرَضيّة،
كذلك الذنوب فان لكل نوع منها مغبة سيئة، وضرراً فادحاً، وآثاراً خطيرة، تسبب للانسان ألوان المآسي والشقاء
ولئن اشتركت الأمراض والذنوب في الاساءة والأذى، فان الذنوب أشدّ نكايةً، وأسوأ أثراً من الأمراض، لسهولة
معالجة الأجسام، وصعوبة مباشرة النفوس لذلك كانت الذنوب سموماً مهلكة، وجراثيم فاتكة، تعيث في الانسان
فساداً، وتعرضه لصنوف الأخطار والمهالك.
أنظر كيف يعرض القرآن الكريم صوراً رهيبة من غوائل الذنوب، وأخطارها الماحقة في سلسلة من آياته الكريمة
قال تعالى:(( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا. الاسراء))
وقال تعالى: ((أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا
وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ. الأنعام))
وقال تعالى:(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. الأعراف))
وقال تعالى(( ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. الأنفال))
وقال تعالى ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. الشورى))
وقال تعالى ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. الروم))
وهكذا جاءت أحاديث أهل البيت عليهم السلام مُحَذِّرةً غوائل الذنوب ومآسيها العامة، وأوضحت أن ما يعانيه الفرد
والمجتمع، من ضروب الأزمات والمحن كشيوع المظالم، وانتشار الأمراض وشح الأرزاق، كل ذلك ناشئ من مقارفة الذنوب والآثام.
قال رسول اللّه ص: ((عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الدّاء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار))
_______________
نسألكم الدعاء