عَرَفَ الحَبيبُ مكانَهُ فتَدَلّلا |
وقنعتُ منهُ بموعدٍ فتعللا |
وأتى الرسولُ ولم أجدْ في وجههِ |
بشراً كما قد كنتُ أعهدُ أولا |
فقَطَعْتُ يَوْمي كلَّهُ متَفَكّراً |
وسَهِرْتُ لَيلي كُلَّهُ متَمَلمِلا |
وأخذْتُ أحسبُ كلّ شيءٍ لم يكن |
مُتَجَلّياً في فِكرَتي مُتَخَيَّلا |
فلعلّ طيفاً منهُ زارَ فردهُ |
سَهَري فعادَ بغَيظِهِ فتَقَوّلا |
وعسَى نَسيمٌ بِتُّ أكتُمُ سرّنَا |
عنهُ فراحَ يقولُ عني قد سلا |
ولقد خشيتُ بأنْ يكونَ أمالهُ |
غيري وَطَبْعُ الغُصْنِ أن يَتَمَيّلا |
وأظُنّهُ طَلَبَ الجَديدَ وَطالَمَا |
عَتَقَ القَميصُ على امرىء ٍ فتبدّلا |
أبدً يرَى بُعدي وَأطْلُبُ قُرْبَهُ |
وَلَوَ انّني جارٌ لَهُ لَتَحَوّلا |
وَعَلِقْتُهُ كالغُصْنِ أسمَرَ أهيَفاً |
وعشقتهُ كالظبيِ أحورَ أكحلا |
فضَحَ الغَزالَة َ والغزالَ فتلكَ في |
وَسَطِ السّماءِ وَذاكَ في وَسطِ الفلا |
عَجَباً لقَلبٍ ما خَلا من لَوْعة ٍ |
أبداً يَحِنّ إلى زَمانٍ قد خَلا |
ورُسومِ جسْمٍ كادَ يُحرِقُهُ الجوَى |
لوْ لم تَدارَكْهُ الدّموعُ لأُشْعِلا |
وهوًى حَفِظتُ حَديثَهُ وكتَمتُهُ |
فوَجدتُ دَمعي قد رواهُ مُسَلسَلا |
أهوى التذللَ في الغرامِ وإنما |
يأبى صلاحُ الدينِ أنْ أتذللا |
مَهّدتُ بالغَزَلِ الرّقيقِ لمَدحِهِ |
وَأرَدتُ قبلَ الفَرْضِ أن أتَنَفّلا |
ملكٌ شمختُ على الملوكِ بقربهِ |
وَلَبِستُ ثوْبَ العزّ منهُ مُسبَلا |
وَرَفَعتُ صَوْتي قائلاً يا يوسُفٌ |
فأجابني ملكٌ أطالَ وأجزلا |
ثمّ التَفَتُّ وَجَدْتُ حَوْليَ أنْعُماً |
ما كانَ أسرَعَها إليّ وَأعْجَلا |
وَهَصَرْتُ أغصانَ المَطالبِ مُيَّساً |
ومريتُ أخلافَ المواهبِ حفلا |
قهرَ الزمانَ وقد عراني صرفهُ |
حتى مشى في خدمتي مترجلا |
وإذا نظرتُ وجدتُ بعضَ هباتهِ |
فيها المفاخرُ والمآثرُ والعلى |
يروى حديثُ الجودِ عنهُ مسنداً |
فعلامَ ترويهِ السحائبُ مرسلا |
من مَعشَرٍ فاقُوا الملوكَ سيادَة ً |
وَسَعادَة ً وتَطَوّلاً وتَفَضُّلا |
وكأنّ متنَ الأرضِ يومَ ركوبهمْ |
يَكسُونَهُ بُرْداً عَلَيهِ مُهَلهَلا |
من كلّ أغلبَ في الهِياجِ كأنّما |
لَبِسَ الغَديرَ وهَزّ منهُ جَدْوَلا |
وإذا سألتَ سألتَ غيثاً مسبلا |
وإذا لقيتَ لقيتَ ليثاً مشبلا |
مولايَ قد أهدَيتُها لكَ كاعِباً |
عَذْراءَ تُبدي عُذْرَة ً وتَنَصُّلا |
حَمَلتْ ثَناءً كالهِضابِ فأبطأتْ |
فاعذِرْ بَطِيئاً قد أتَى لكَ مُثْقَلا |
عرفتْ محبتها لديكَ وحسنها |
فأتتْ تريكَ تدللاً وتعسلا |
بدَوِيّة ٌ إنْ شِئْتَ أوْ حَضَرِيّة ٌ |
جَمَعَ الخُزامى نشرُها وَالمَندَلا |
ولوَ انّها مِمّنْ تَقَدّمَ عصرُهُ |
منعتْ زياداً أن يقولَ وجرولا |
غَزَلٌ وَمَدْحٌ بِتُّ أغرَقُ فيهِما |
كالخَمرِ مازَجتِ الزّلالَ السّلسَلا |
فتألفتْ عقداً يروقُ نظامهُ |
والعقدُ أحسنُ ما يكونُ مفصلا |
يا أيّها المَلِكُ الذي دانَتْ لهُ |
كُلُّ المُلُوكِ تَوَدّداً وَتَوَسُّلا |
فعلاهمُ متطولاً وحباهمُ |
مُتَفَضّلاً وَأتاهُمُ مُتَمَهّلا |
يا من مديحي فيهِ صدقٌ كلهُ |
فكأنما أتلو كتاباً منزلا |
يا مَنْ وَلائي فيهِ نَصٌّ بَيّنٌ |
والنّصُّ عندَ القَوْمِ لَنْ يَتَأوّلا |
ولقد حلا عيشي لديكَ ولم أردْ |
عيشاً سواه وإنْ أردتُ فلا حلا |
وشكرتُ جودكَ كلَّ شكرٍ عالماً |
أن لا أقومَ ببعضِ ذاكَ ولا ولا |