TODAY- 25 September, 2011
البرلمان العراقي يرفض أي تدخل للحكومة بعمل الهيئات المستقلة
دعوة لتعديل مواد بالدستور تهدد البلاد بعيداً عن الحزبية والطائفية

النجيفي يلقي كلمته في مؤتمر الهيئات المستقلة

أكد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي وجود حاجة تاريخية لتعديل مواد في الدستور تهدد وحدة الشعب والبلد وذلك استجابة لإرادة شعبية عارمة بعيداً عن الحسابات الفئوية والطائفية والعرقية والحزبية والكتلوية والشخصية مشيرا الى ان بعض مواده تهدد وحدة الشعب والوطن مشددا على رفض تدخل السلطات في عمل الهيئات العامة المستقلة وانما ابقاء الاشراف عليها من قبل ممثلي الشعب اعضاء مجلس النواب.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

قال رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي في كلمة خلال بدء أعمال مؤتمر الهيئات المستقلة لبحث ابعادها عن تدخل السلطة التنفيذية واخضاعها لرقابة الشعب وحده ممثلا بالبرلمان في بغداد اليوم ان المركزية في النظام الديمقراطي التمثيلي الحقيقي ليست في تمركز صنع القرار في جهة دستورية واحدة انما في الحفاظ على جوهر الدستور الذي اقر بان تعدد السلطات واستقلال بعضها عن بعض هو الكفيل في ترصين النظام الديمقراطي وابعاده عن الشطط والانزلاق في مهاوي الارادات غير الديمقراطية التي تجد نفسها في التأويل غير الصحيح للدستور ولا تجد نفسها في جوهره.
وقال انه لذلك "فاننا مطالبون الان اكثر من اي وقت مضى بالاصرار على رجاحة الجوهر الدستوري لا على وهن التأويل وبالعزم على الحفاظ على جوهر الدستور لا على اختلاف قراءاته مع التوكيد على ان الدستور هو الحاضنة الاسمى لحماية نظامنا الديمقراطي فقد شرع الدستور بارادة شعبنا وعلينا ان نحترم هذه الارادة احتراما مطلقا لا لبس فيه ولا تردد كما ان الدستور لايمكن ان يمسخ بالتوافق فالدستور كائن حي قابل للتطوير والنمو بينما التوافق حالة ظرفية أملتها ضرورات وطنية ملحة تنتفي الحاجة اليه عندما تزول الاسباب والدواع".
حاجة تاريخية لتعديل الدستور
وشدد النجيفي على وجود حاجة تاريخية في تغيير بعض بنود الدستور وقال إن هذه الحاجة "ليست ارادة توافقية انما ارادة شعبية عارمة علينا ان نصغي اليها وان نحترمها وان نبلغها مرادها بروح جماعية متآصرة ومتآزرة بعيدا عن مكاييل الفئة والطائفة والعرق والحزب والكتلة والشخصانية وهي ارادة تبغي اخراج الدستور من قولبته الساكنة السالبة الى فضاء النمو والتجديد والتأصيل ومن بعض مواده التي تهدد وحدة شعبنا ووطننا وترصين بنائنا الديمقراطي الى اطار توحيدي ثابت لا متحول وديمقراطي راسخ لا انزياحات فيه او منه نحو ترسيسات ديكتاتورية او ممهدات لترسيس ديكتاتوري فردي او حزبي او فئوي او طائفي او عرقي كيما يتواصل بناء النموذج الديمقراطي العراقي تواصلا جديرا بابداع العراقيين وفرادتهم الاولى في البناء الحضاري والقانوني التي سبقت كل امم الارض". وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد دعا مؤخرا الى تعديل الدستور العراقي الذي صوت له الشعب عام 2005 لكن دعوته هذه لاقت رفضا فوريا من التحالف الكردستاني وتحفظات من نواب في البرلمان العراقي.
فقد رفضت حكومة كردستان العراق دعوة المالكي تغيير الدستور وتوسيع صلاحيات الحكومة المركزية. وقال مسؤول العلاقات الخارجية بحكومة كردستان صلاح مصطفى إن "زمن الحكم الشمولي وسيطرة الدولة المركزية انتهى".

وأضاف "نحن نريد أقاليم ذات صلاحيات واسعة وحكومة قوية فعالة" مشددا على ضرورة ما سماه الاعتصام بالدستور الحالي. وأشار إلى أن حكومة الإقليم ملتزمة بالدستور الذي ينص في ديباجته على أن العراق دولة اتحادية ديمقراطية مؤكدا ضرورة التمسك بمبادئ الدستور.ودعا المالكي إلى توسيع صلاحيات الحكومة المركزية بحيث تفوق تلك التي تتمتع بها الحكومات المحلية. وحذر من أن تتحول اللامركزية إلى دكتاتورية "وأن تصادر الفيدرالية الدولة". وقال ان تعديل الدستور يجب ان يحقق دولة المواطنة واعتماد الأساس الوطني والانتماء للوطن بعيدا عن بقية الانتماءات واصفا الحكومة الحالية والدستور بأنهما بنيا على أساس قومي وطائفي.وينص المادة 136 اولا من الدستورعلى ان "لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخمس (1/5) أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور". كما تنص الفقرة الثانية من المادة 136 على انه "لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول من الدستور إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام".

وتنص الفقرة الثالثة من هذه المادة على انه "لا يجوز تعديل المواد الأخرى غير المنصوص عليها في البند ثانيا من هذه المادة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام". ولا تجيز المادة الرابعة "إجراء أي تعديل على مواد الدستور بما ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية إلا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام".

وكان مجلس النواب شكل لجنة برلمانية لتعديل الدستور استجابة لشروط قوى سنية للمشاركة في الاستفتاء على الدستور عام 2006 وهي تضم 27 عضوا يمثلون مكونات الشعب العراقي، بعد سلسلة من المناقشات والخلافات الحادة بين بعض أعضاء المجلس على ان تنجز عملها خلال عام ونصف العام لكن ذلك لم يتحقق ومدد عملها مرات عدة بسبب خلافات قومية وطائفية بداخلها اعاقت توصلها الى نتائج لحد الان.

إصرار على استقلال الهيئات المستقلة من تدخل السلطة التنفيذية
وشدد النجيفي على ضرورة الحفاظ على استقلالية الهيئات المستقلة وقال ان ذلك حفاظ على جوهر الدستور وحذر من ابعادها عن استقلاليتها لان هذا سيبعدها عن جوهر الدستور وبشكل يفضي الى ابتعادات اخرى تقوض الدستور نفسه وتحوله من كائن حي منظم للحياة وعلائقها في العراق الى مدونة ميتة لا روح فيها كما كان من قبل في العهود المختلفة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.

واضاف انه من منطلق المسؤولية الدستورية "فان اصرارنا على استقلالية الهيئات المستقلة لا يختلف عليها اثنان من المؤمنين بأن دستور العراق وحده هو مخرجه الاكثر وجاهة من مآزقه الحالية ، اذ أفرد الدستور لها كياناتها الخاصة وفق معايير دولية تنسجم مع ما ذهبت اليه الدساتير الحديثة في انشاء هذه الهيئات".وقال ان الهيئات المستقلة هيئات مستقلة توصيفا واداءً حقا بسبب بعدها عن كل ما هو سياسي محض ومكوثها في دائرة اختصاصها المحددة دستوريا لذا فان اي تدخل من جانب السلطات الاخرى او اي انزياح بفعل ضغوط الكتل السياسية وتحت تأثير المحاصصة الطائفية والعرقية تضعها تحت التبعية مما تهدد استقلالها وتعيق تنفيذ عملها ومهامها. واكد ان الضرورة تستدعي لهذه الهيئات ان تعقد اجتماعات دورية مع لجان برلمانية مختصة والمكلفة بالاشراف عليها لمناقشة التدخلات ومعالجة المعضلات التي قد تواجهها لأن الدستور نص صراحة على ربط هذه الهيئات بصورة أو بأخرى بمجلس النواب سواء عن طريق الرقابة على اعمالها أو الارتباط المباشر به أو المسؤولية أمامه.وأشار إلى أن مجلس نواب الشعب الذي اكد وما زال يؤكد ولاءه كل يوم للشعب والدستور ماض في عزمه على تأصيل استقلالية هذه الهيئات كي تكون مرتكزا واضحا وعلامة فارقة من علامات البناء االديمقراطي الجديد حيث انه سيجتهد في وضع قوانين تطور استقلاليتها من جهة واداءها لخدمة الوطن والمواطنين من جهة اخرى. واوضح ان تخطيط مجلس النواب لتأسيس مكتب للهيئات المستقلة واحد من اهم المفردات التي تأتي في الاتجاه التأصيلي لهدف توكيد استقلاليتها.

وكان مجلس النواب قد صوت امس لقانون الهيشة المستقلة للنزاهة والذي نص على ان اختيار رئيسها هو من اختصاص مجلس النواب ساحبا هذه الصلاحية من رئيس الوزراء نوري المالكي الذي قال سياسيون انه كان وراء استقالة رئيس الهيئة السابق القاضي رحيم العكيلي مؤخرا بسبب عدم انصياعه لضغوطه بالتدخل في عمل الهيئة. وقد اشادت القوى السياسية بضمان هذا القانون لاستقلالية هيئة النزاهة وحيا نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي "الجهود الخيرة لممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب الذين استطاعوا خلال فترة وجيزة لم تتجاوز الأسبوع من اقرار قانون هيئة النزاهة وقانون ديوان الرقابة المالية وبالصيغة التي تعزز الرقابة على المال العام وتضمن استقلاليتهما وهو انجاز متميز يدعو للتفاؤل".

وقال في تصريح صحافي ان "إقرار الفقرة التي تشير الى ترشيح وانتخاب رئيسي الهيئة والديوان في مجلس النواب تؤسس لنظام ديمقراطي عالي المستوى من خلال ابعاد الهيئات الرقابية المستقلة عن تأثير الجهاز التنفيذي وربطه بالمنظومة التشريعية التي هي ممثلة لكافة مكونات الشعب العراقي وبالتالي سيكون لدى رئيس الهيئة او الديوان المساحة الكافية من الاستقلالية للعمل والمحاسبة وفق القانون دون تدخلات او ضغوط الحكومة او إخضاعهما لأجندات سياسية. ودعا لجنة النزاهة ومجلس النواب الى الإسراع في ترشيح وانتخاب رئيس جديد للهيئة أصالة يتمتع بالمهنية العالية والحيادية والاستقلالية.يذكر أن الدستور العراقي يشير في بابه الرابع تحت عنوان (الهيئات المستقلة) إلى عدد من الهيئات والأجهزة، كديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، والهيئة الوطنية لاجتثاث البعث التي حلت محلها الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة اضافة الى البنك المركزي العراقي وهيئة النزاهة العامة كما حدد الدستور طبيعة علاقتها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء.
ايلاف