TODAY - 23 September, 2011
النفط: 220 ألف عامل يحظون بمخصصات خطورة لكنهم يهملون شروط السلامة
العراقي يعمل في النفط بلا تأمين وخبير اجنبي يصاب بالدهشة امام مهندسين ينزلون حفرة البترول بالملابس الداخلية
بغداد - العالم
نفت وزارة النفط بشدة امس الاربعاء، الانباء التي تحدثت عن مقتل واصابة العشرات في انفجار انبوب غاز في حقل الرميلة الغازي الثلاثاء، لكنها اكدت تشددها في فرض شروط الامان والسلامة في المنشآت النفطية لكنها نفت وجود قانون لتأمين العاملين هناك.
في هذه الاثناء حمل مسؤول بارز في شركة نفط الجنوب عمال الحقول مسؤولية المخاطر التي يتعرضون لها لاستخفافهم بالتحذيرات التي يوجهها لهم الخبراء، وعزا الاهمال الذي يتعرض له تقنيو صناعة النفط الى غياب نقاباتهم المهنية. وتضاربت الانباء بشأن حصيلة حريق حقل الرميلة الغازي بين مقتل 7 واصابة 12 بحسب مصادر امنية في البصرة، وبين اصابة 15 شخصا كما افادت وزارة النفط. بدورها طالبت النائبة سوزان السعد إجراء تحقيق عاجل في حريق محطة كبس الغاز بحقل الرميلة الجنوبي، واشارت الى ان وقوع اعداد كبيرة من الضحايا جراء أي حوادث تقع خلال الاعمال هو نتيجة ضعف إجراءات السلامة، ولهذا تسبب الحريق باصابة عدد من العمال بحروق وحالات اختناق. واضافت أن "هذه الأضرار التي لحقت بالمنتسبين وبالأموال العامة تشير مبدئيا الى ضعف اجراءات السلامة وعدم اخذ التحوطات اللازمة تحسبا لمثل هكذا حوادث". وفي مقابلة مع "العالم" امس الاربعاء، قال عاصم جهاد، المتحدث باسم وزارة النفط، "نجم عن حادثة محطة العزل المركزية التابع لحقل الرميلة وقوع 19 اصابة فقط وليس هناك أي قتلى، مجرد اصابات وبنسب متفاوتة بعضها طفيف واخرى متوسطة".
واوضح جهاد ان "الحريق اندلع في الساعة الـ11 صباحا وتم اطفاؤه بشكل كامل الساعة 7 مساء، لا سيما وان طبيعة حرائق آبار الغاز وانابيب الغاز صعب التعامل معه". واضاف "تم تشكيل لجنتين الاولى فنية لتثبيت وتقييم حجم الاضرار، والثانية تحقيقية لمعرفة اسباب الحادث رغم انه بسبب انفجار احد انابيب الغاز تحت الارض وهو حادث عرضي، ومحطة كشف الغاز هي واحدة من 17 محطة لكبس الغاز منها 13 عاملة و4 قيد الانشاء". وبشأن متانة اجراءات السلامة المهنية في منشآتنا النفطية، يوضح المتحدث باسم وزارة النفط "قبل العام 2003 ونتيجة سنوات الحصار والحروب، لم يكن هناك تركيز على هذا الامر فكانت وسائل واجراءات الامان محدودة جدا، لكن بعد هذا التاريخ عمدت الوزارة الى تشكيل قسم خاص داخل كل شركة تحت مسمى السلامة المهنية، وهو الان من الاقسام الفعالة، وتنقسم الى شعب منها ما يهتم بالبيئة واخرى بسلامة العمال".
ويضيف "تحرص الوزارة على اقامة دورات تثقيفية عن كيفية التعاطي مع المكائن والمعدات والوقاية من الحوادث وطرق حماية العمال اثناء العمل".
ويشدد على ان "اقسام السلامة حرصت ومنذ سنوات على تأمين كافة معدات السلامة مثل بدلة العمل وواقية الرأس التي كانت في السابق غير متوفرة". وعما اذا كان عمال النفط يحظون بنوع من التأمين على حياتهم، يقول المسؤول البارز في وزارة النفط "الموظف العراقي يخضع لقوانين عراقية تطبق على الكل، ولهذا فعمال النفط يشملون بالتعويض فيما لو تعرض احدهم لحادث خلال العمل بقوانين تعالج هذا الامر".
ويضيف "هناك قوانين ضمان اجتماعي اضافة الى ان هناك فرق ما بين موظف يعمل تحت ظروف خطرة او عمل ميداني مثل موظفي الكهرباء والنفط، وهنا عالج القانون الامر من حيث التعويض، وايضا اضافة مخصصات على الراتب بحسب درجة خطورة العمل".
وبحسب جهاد فانه "يعمل في القطاع النفطي وتحديدا شركات نفط الشمال والجنوب والحفر والاستكشافات والاستخراج اكثر من 225 الف مهندس وفني وعامل". ويفرق المتحدث باسم وزارة النفط بين الحرائق التي تنشب في حقول النفط او الغاز فيقول "الحادث الاخير مختلف كونه كما ذكرت ناجما عن انبوب تحت الارض وحالما ينتهي ما يحويه من غاز ينطفئ بشكل ذاتي او بمساعدة خارجية". ويضيف "في ابار النفط فالامر مختلف وتكلف عمليات اطفائه تكاليف عالية جدا وتكنولوجيا عالية جدا، لكن من خلال تراكمات خبرات فنيي القطاع الفني استطاعوا بشكل ذاتي اطفاء العديد من الحرائق".
ويستطرد بالقول "حرائق مماثلة حدثت في دول اخرى مثل نيجيريا استغرقت عمليات الاطفاء ايام واسابيع وحتى اصلاح الانابيب يستمر لاسابيع، لكن في العراق لايام، وعندما يعلمون بان العراق تمكن من اخماد حريق غاز او نفطي يستغربون كثيرا لان هذه التكنولوجيا تنحصر لدى شركات متخصصة".
من جهته قال مصدر مسؤول في شركة نفط الجنوب لـ"العالم" ان "اجراءات السلامة والحماية والصحة كانت من الامور التي لا ينظر لها عمال النفط باي جانب من الاهمية بل كانوا يسخرون مثلا من ارتداء الخوذة لوقاية الرأس، او حذاء خاص اشبه بحذاء الجيش، او الكفوف او بدلات الوقاية من النيران".
ويضيف "لكن وبعد ان تعاقدنا مع شركات اجنبية ومن خلال التماس المباشر شاهد احد مهندسيهم الذي يمتلك منصبا كبيرا في احدى الشركات، صورة كانت معروضة في احد المعارض التابعة للشركة يظهر فيها عمال حفر عراقيين بالملابس الداخلية واجسامهم مغطاة بشكل كامل بالنفط الخام وهو ذا لون اسود غامق يميل للخضرة، وهنا تفاجأ وقال هذا الامر ليس مدعاة تفاخر لان النفط وجد لخدمة الانسان ومن غير الممكن ان يكون مادة تستحق لان يموت أي انسان لاجلها فحياة الانسان اغلى من أي شيء". وتابع المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بالقول ان "الشركات الاجنبية باشرت ومنذ تسلمها مشاريع التطوير بوضع شروط دقيقة جدا وألزمت العمال العراقيين بالتقيد بها حرفيا ومن كافة النواحي". وبشأن الاتحادات، قال المسؤول النفطي ان "عمال النفط قبلوا وعلى مضض بالغاء اتحاداتهم ونقاباتهم ورغم الغائها حتى الان يتطلعون لاعادة العمل بها كونها كانت معبرة ومدافعة عن حقوق عمال النفط وتنظم اعمالهم خارج اوقات العمل وترفع المظلومية عنهم".