كنت أنوي كتابة هذه التدوينة قبل فترة وبالتحديد بعد تجربتي لنظام ويندوز 8, لكني اخترت التريث لعل الرؤية تتضح أكثر. لكن على العكس, مع مرور الأيام تزداد الرؤية ضبابية وتصبح الإجابة على سؤال ما هو مستقبل ويندوز 8 أكثر صعوبة. ويندوز 8 ليس مجرد تحديث اعتيادي لنظام تشغيل, فهذه المرة يأتي النظام مع حزمة من القرارات الجريئة التي فرضها على مايكروسوفت تحولات السوق وميل المستهلكين الملحوظ للأجهزة اللوحية التي تعمل باللمس. النظام الجديد يأتي بواجهة لمس جميلة تستحق الإشادة فهي بعكس باقي واجهات اللمس الآخرى ابتعدت عن التقليد الأعمى لواجهة أنظمة iOS من أبل.
لكن ما يقلقني بشأن هذه الواجهة الجديدة هو اختيارها لتكون الواجهة الرئيسية لكافة الأجهزة سواء اللوحية أو المكتبية وإتاحة الواجهة التقليدية كخيار فرعي يمكن الوصول لها حسب الحاجة. في اعتقادي هذا القرار من مايكروسوفت يعد انتحاراً! فبقدر إعجابي بهذه الواجهة إلا أن تجربتي لها على حاسوبي المحمول أثبتت لي أنها لا تناسب أسلوب التحكم التقليدي المعتمد على الفأرة ولوحة المفاتيح. أضف إلى ذلك, البرامج التي طالما تعودنا عليها وأثبتت جدارتها أصبحت لا تعمل على هذه الواجهة وأصبح تشغيلها يتطلب الدخول للواجهة التقليدية. فبالتالي تصبح واجهة اللمس مجرد عقبة في وجه مستخدمي الحواسيب المحمولة والمكتبية للوصول إلى برامجهم المفضلة.
كذلك من القرارات التي تدعم توجه مايكروسوفت لأجهزة اللمس هو دعمها لأول مرة لمعالجات ARM والتي يفضلها المصنعون على معالجات إنتل في تصنيع الأجهزة اللوحية والجوالات وذلك لانخفاض أسعارها ولقلة استهلاكها للطاقة. هذا الدعم يعني أن مايكروسوفت ستصدر نسخة أخرى من النظام فلا يمكن بأي حال من الأحوال تشغيل النظام المبني لمعالجات إنتل على معالجات ARM. كذلك سيكون الحال مع التطبيقات, فالتطبيقات القديمة ستتطلب إعادة بناء للتوافق مع المعالجات الجديدة مما سيتسبب في ارباك المستخدمين.
برأيي, قرار استخدام نظام واحد للحواسيب وأجهزة اللمس لا يتماشى مع قرار دعم معالجات ARM, فالنتيجة الفعلية هي نظامين لكل منهما تطبيقاته! أليس من الأفضل لمايكروسوفت ولمستخدميها فصل النظام إلى نظامين واحد للحواسيب والآخر لأجهزة اللمس؟
أتفهم رغبة مايكروسوفت في الدخول بقوة لسوق أجهزة اللمس لكن أتمنى أن لا يكون ذلك على حساب الفئة الأكبر من مستخدميها.