قانا تشهد…
في مثل هذا اليوم من العام 1996، لم يتورّع العدوّ الإسرائيلي عن “التفنّن” في إجرامه وإرهابه ضدّ المدنيين العزل والأبرياء، بحيث ارتكب مجزرة أدمت قلوب اللبنانيين وكشفت أكثر فأكثر تحيّز المجتمع الدولي وصمت معظم الدول العربية إزاء جرائم العدوّ الإسرائيلي.
لم تكن بلدة قانا في 18 نيسان 1996 “ملاذ الطير الآمن” كما تعنيه الكلمة، فقد أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي يومها نيرانها وصواريخها على النساء والأطفال والشيوخ الذين لجأوا إلى مركز القوات الفيجية العاملة في إطار “اليونيفيل” في البلدة، ليحتموا من نار “عناقيد الغضب”، العدوان الذي شنته إسرائيل على الجنوب اللبناني بين 11 و27 نيسان من ذلك العام.
تلك المجزرة التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي تحت بصر القوات الدولية أدّت إلى استشهاد ما يزيد على 106 لبنانيين وإصابة العشرات معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، فيما كان المجتمع الدولي مجرّد متفرّج على هذه الجريمة، بحيث لم يصدر مجلس الأمن قراراً يدين المجزرة بسبب فيتو أميركي أجهض إصدار هذا القرار.
وفي تفاصيل عملية “عناقيد الغضب” الوحشية والتي استوحت إسرائيل تسميتها من عنوان رواية شهيرة للروائي الأميركي المعروف جون شتاينبك، وما رافقها في الكواليس السياسية، فقد قامت مدفعية العدو بإطلاق نيرانها على مقر كتيبة “فيجي” التابعة للأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، في 18 نيسان 1996 عند الثانية من بعد الظهر وكان هناك ما يزيد على 800 مدني لبناني لجأوا إلى هذا الموقع طلبًا للمأوى والحماية، فأسفر هذا القصف عن مقتل 106 مدنيين وإصابة العشرات.
وحين اجتمع أعضاء مجلس الأمن ليدينوا إسرائيل، أجهضت الولايات المتحدة المحاولة بحق النقض الـ”فيتو”، وكانت ذريعة إسرائيل في هذا العمل الوحشي ملاحقة المقاومة اللبنانية.
وكانت الأسر التي لجأت إلى كتيبة “الونيفيل” في قانا، قد نزحت من الجنوب هربًا من القصف الإسرائيلي المتكرّر والكثيف، ولم يكن هؤلاء الضحايا هم فقط من نزحوا من الجنوب، ولكنهم كانوا ضمن نحو ٢٥ ألف مدني لجأوا إلى مناطق عمل القوات الدولية في لبنان.
وبعد سبعة عشر يوماً من العدوان الهمجي على لبنان، اضطرّ العدو مجبراً على إنهائه بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد أن عجز عن تحقيق أي من أهدافه سوى إبادة المدنيين.
وكانت تلك الحرب حينها الرابعة من نوعها في مسلسل الحروب العدوانية الصهيونية على لبنان، بعد اجتياح جنوبه وإقامة الشريط الحدودي العازل فيه في عام 1978 وغزوه وصولاً إلى عاصمته بيروت في عام 1982 واجتياح جنوبه مرة أخرى في عام 1993.