مجرّد فكرة أن يَسكن عينيك الرّعب ويتساقط ريشُ رجولتكَ حتى تغدو كعُصفورٍ لايطمئنّ إلا على أكتاف الراحليْن، مجرّد فكرة أنكَ موبوءٌ بالوَحدة وتحمل فيْ يسار صدركَ مدائنَ قديْمة تنتمي للأزمنة المُمطرة ولايستوطنها أحد،
مجرّد فكرة أنكَ منشغلٌ بحزنكَ عن أي شيءٍ آخر، متورّطٌ بحنينك القديم أكثرُ من تورّطك بالحياة رغمَ اشتهاءِ الموت، ممتلئٌ بثقافاتٍ لاتنتمي لك ومتعصبٌ نحو اللاشيء ومعبأٌ بألف طنٍ من الماء المالح،
مجرّد فكرة أنك يتيمٌ ومشردٌ -خارج إطار التعريفات القانونيّة الساذجة، جائعٌ نحو حقولِ النعناعِ وَرائحة القدمَاء القذرة بلطافة، يرتفعُ جسدكَ ثمّ يهبط بأنفاسِ الفلاحين وتنهدات الصيّادين وشهقاتِ الأطفال ذاتَ ألمْ, بلون الحياة الدافئ الذي لايريدُ أيّ شيءٍ من هذا العالم سوى العيش بسَلام، {السلام ذلكَ المقطوعُ من الجنّة}ـ
مجرّد فكرة أن تحملَ عينيك كل هذا الكمّ الهائل من الغربة :
تجعلني أؤمن مجدّداً ،، بعدم جدوَى الطيّبين .