"العراق لم يمت وأهله، رغم الجروح، ما زالوا يعيشون"
نوار السعدي عراقي يحضر دكتوراه في السياحة في جامعة بوخاريست برومانيا ويتناول في أطروحته دور العلاقات الدولية في تنمية السياحة في العراق.
عندما وصلت إلى أوروبا أدركت أن جيلي، أي الشباب من عمري ورفاقي في الجامعة، لا يعرفون من العراق سوى ما يروج في الإعلام : القنابل والهجمات والقتلى. فأردت أن أظهر لهم أن واقع البلد لا يُختزل في هذا وأن العراق هو أيضا بلد جميل يستحق الزيارة. ولذلك أطلقت موقعا وصفحة فيس بوك بالإنكليزية وصورا وفيديوهات لدعم ما أقول.
ما أحاول توضيحه أولا للناس هو أن العراق ليس بالضرورة مكانا خطيرا. معظم الهجمات أو المواجهات مع الجماعات المسلحة متركزة في منطقة بغداد [آخر هجوم حدث في 13 أبريل/نيسان وسقط خلاله 11 قتيلا] ومحافظة الأنبار قرب الحدود السورية. مثلا منطقة كردستان العراق آمنة وقد زارها سياح غربيون في السنوات الأخيرة. ومن الممكن الوصول إليها عبر مطار إربيل، عاصمة المنطقة التي اختيرت عاصمة سياحية عربية لعام 2014.
احتفال بنوروز، رأس السنة الفارسية، في كردستان العراق. الصورة من إرسال مراقبنا.
المشكلة هي أن المؤسسات العراقية لا تقوم بأي شيء لإعطاء صورة إيجابية للبلد ولا تحاول إعادة استقطاب السياح إلى العراق، وعدم الاكتفاء بالسياحة الدينية. فالسياح الدينيون يأتون بدافع الإيمان ولا يأبهون بالمخاطر. وصفحة فيس بوك الخاصة بوزارة السياحة مثلا لا تصدر أي شيء بالعربية ولا تتحدث إلا عن أنشطة الوزير! ولا شيء عن كنوز البلد أو عن تاريخ معالمه. وكذلك المؤسسات العراقية: لقد اتصلت بي شركة دانماركية عبر صحفتي على فيس بوك من أجل تنظيم رحلات إلى العراق وأعطيتها بيانات الاتصال بوكالة محلية. لكن هذه الوكالة طلبت أسعارا عالية جدا وبررت ذلك بتكاليف التدابير الأمنية التي يفرضها الوضع في بغداد. ولم يخطر ببال المسؤولين اقتراح رحلات في مناطق أخرى خالية من المخاطر.
صورة عن مهرجان بغداد.
"500 سائح غربي استطاعوا زيارة مدينة أور القديمة في 2013 دون أن يعرضوا حياتهم للخطر"
زيارة وفد من الفاتيكان إلى جنوب العراق في ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت تلك فرصة للتذكير بثراء المواقع العراقية. ولم يكن هؤلاء السياح الوحيدين الذين زاروا البلد، فقد زاره نحو 500 سائح خلال عام 2013 دون أن يتعرضوا لأي مخاطر. [هيئة التحرير: أول فوج سياحي فرنسي زار المنطقة بعد الحرب قام بذلك عام 2010].
نحاول من خلال صفحة فيس بوك "السياحة في العراق" أن نظهر بأن تظاهرات مختلفة ما زالت تنظم في البلد مثل مسابقة ملكة جمال بغداد وكرنفال المدينة ودوري كرة القدم النسائية وغير ذلك. فرغم المخاطر، العراق لم يمت وأهله رغم الجروح ما زالوا يعيشون ويستمتعون بالحياة. كم أود أن يأتي يوم أسمع فيه وسائل الإعلام الأجنبية تتحدث عن تظاهرة ثقافية أو تصوير فيلم في العراق وليس القتلى والقنابل فقط.
مقابلة لكرة قدم الشاطئ النسائية في العراق.
نوار السعدي
هذا المقال من تأليف سارة قريرة ، صحافية في فرانس 24