خيال بن عبد الملك الخيال
إن التهابات القولون ناتجة عن مرضين مزمنين من أمراض الجهاز الهضمي، وهما مرض التهاب القولون التقرحي، ومرض كرون.
التهاب القولون التقرحي عبارة عن التهاب مزمن يصيب الغشاء الداخلي لجدار القولون (الأمعاء الغليظة)، وهو مرض يكثر عند منتصف العمر وسن المراهقة خاصة عند الغرب،
ولكن لوحظت زيادة نسبة الإصابة به في السعودية في السنوات الأخيرة، وقد يكون للعامل البيئي دور في ذلك، حيث انتشرت العادات السيئة بالنسبة للأكل،
وأيضا الدور الطبي المتمثل في زيادة دقة التشخيص ونسبة التوعية عند المرض. أما أعراضه فتراوح بين التهاب خفيف على شكل آلام في البطن مع إسهال شديد مصحوب بدم أو مخاط إلى التهاب شديد مع نزيف دموي شرجي مصحوب بآلام وانتفاخ في البطن وارتفاع في درجة الحرارة.
يتم تشخيص المرض عن طرق أخذ التاريخ المرضي، والفحص السريري، وعمل التحاليل المخبرية، وأشعات الصبغة والمقطعية مع عمل منظار للقولون، وأخذ خزعات وإرسالها لمختبر تحليل الأنسجة،
حيث يتم التأكد من التشخيص واستبعاد الأمراض المشابهة كمرض كرون, والأورام, والتهابات القولون المختلفة الناتجة عن البكتيريا والطفيليات, والقولون العصبي وغيره. ومن ثم يتم تقييم مكان الجزء المصاب (بالمستقيم فقط أو بالقولون الأيسر أو القولون كاملا)، وتقييم شدة المرض، وذلك لتحديد ما إذا كان يستوجب تنويم المريض في المستشفى أو لا.
أما عن علاج المرض فأنصح أن تتم متابعة المريض عن طريق طبيب مختص بالجهاز الهضمي, وعادة يتم صرف الدواء حسب مكان المرض وشدته,
حيث إذا كان المرض مقتصرا على المستقيم فقط, فقد يكتفي بأخذ تحاميل الساليسلات أو تحاميل الستيرويد, أما إذا كان كامل القولون مصابا فإن المرض قد يحتاج إلى أخذ علاج عن طريق الفم أو ربما عن طريق الوريد,
ومن حيث شدة المرض, فإذا كان الالتهاب بسيطا أو متوسطا فيمكن السيطرة على المرض بزيادة أو إضافة بعض الأدوية, أما إذا كان الالتهاب شديدا فيحتاج إلى إدخال المريض للمستشفى لمراقبته وإعطائه أدوية عن طريق الوريد ومراقبته بشكل دقيق.
يأتي دور الجراح في مرض التهاب القولون التقرحي عند عدم استجابة المريض لجميع الأدوية، أو عدم تحمله آثارها الجانبية،
ما قد يؤدي لعدم انتظام في أخذها، وبالتالي تهيج أو زيادة المرض, أو في حالة حدوث مضاعفات مثل نزيف حاد, انتفاخ شديد بالقولون, حدوث ثقب في القولون,
وأيضا عند وجود خلايا سرطانية, حيث تتم العملية الجراحية بإزالة القولون والمستقيم كاملا وتوصيل الأمعاء الدقيقة بفتحة الشرج, بعد أن يتم تشكيل الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة بطريقة خاصة تحاكي عمل المستقيم, وفي هذه الحالة يحصل الشفاء التام من هذا المرض ـــ بإذن الله.
أما مرض كرون فهو التهاب مناعي يصيب الغشاء المبطن للجهاز الهضمي من الفم حتى فتحة الشرج.
تكثر الإصابة بهذا المرض لدى الغرب عموما، ولكن لاحظنا زيادة نسبة الإصابة به في السعودية، وقد يكون للعامل البيئي دور في ذلك كما لزيادة التوعية بهذا المرض وزيادة دقة التشخيص دور في ملاحظة هذه الزيادة.
أما أسباب الإصابة بهذا المرض فغير معروفة، ولكن كما أظهرت الدراسات أنه توجد عوامل مناعية, جينية, وراثية, وأيضا بيئية قد تساعد على ظهور المرض. وهو مرض قد يصيب الأطفال أو البالغين، ولكن تزداد نسبة الإصابة به عند منتصف العمر وما بين 15 إلى 30 عاما.
كما تطرقت في المقالة فإن مرض كرون قد يصيب أي جزء في الجهاز الهضمي، ولكن تعد الأمعاء الدقيقة خاصة الجزء الأخير منها أكثر عرضة للإصابة ويليها القولون, وقد يظهر المرض كإصابة للقولون فقط أو عن طريق ظهور نواسير أو نتوءات في فتحة الشرج. كما أن أعراضه قد تختلف على حسب شدة المرض أو مكان إصابته, ومن هذه الأعراض:
1- آلام متكررة في أسفل البطن مع إسهال مزمن، وقد يكون مصحوبا بمخاط وأحيانا دم.
2- تعب عام مع نقص في الوزن.
3- حدوث أعراض خارج الجهاز الهضمي كآلام في المفاصل والظهر وتقرحات جلدية أو مشكلات في العين، كما قد يتسبب في تأخر النمو لدى الأطفال في حال إصابتهم بهذا المرض.
وعند اشتباه الإصابة بالمرض فإنه يتم عادة التأكد من التشخيص، ومن ثم يتم تقييم المكان المصاب في القناة الهضمية مع تحديد شدة المرض، وذلك عن طريق التاريخ المرضي, الفحص السريري, التحاليل المخبرية, الأشعة السينية المقطعية, والمناظير العلوية والسفلية.
للأسف لا يوجد علاج جذري لهذا المرض فهو مرض مزمن، ولكن هناك ــــ ولله الحمد ــــ تقدم ملحوظ في الأبحاث التي أدت إلى وجود عقاقير فعالة،
حيث يمكن لها أن تثبط المرض وتجعله بصورة كامنة ولفترات طويلة, ومن هذه الأدوية (الساليسيلات الأمينية ــــ الكورتيزون ـــــ الأدوية المناعية كالأميوران ـــــ وأخيرا وليس آخرا من الأدوية البيولوجية كالراميكيد والهيوميرا).
أما مضاعفات المرض كحدوث نزيف دموي, انسداد بالأمعاء, توسع أو انتفاخ في الأمعاء, خراج أو نواسير (توصيلات غير طبيعية بين الأمعاء أو بين الأمعاء والجلد أو أي عضو آخر كالمثانة أو الرحم) أو نواسير شرجية مع عدم استجابة للأدوية،
فإنه في هذه الحالات قد يلزم التدخل الجراحي، وهو على عكس التهاب القولون التقرحي الذي يمكن الشفاء منه جراحيا، أما في حالة مرض الكرون فالتدخل الجراحي يكون للسيطرة على المرض الذي لم تساعد الأدوية على السيطرة عليه أو للسيطرة على المضاعفات التي سبق ذكرها.
ومما يلزم التنبه له أن مرض كرون والتهابات القولون التقرحية لا تعتبر أوراما سرطانية بل هي التهابات مزمنة، ولكنّ الأفراد المصابين يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأورام القولون والمستقيم، ولذلك ينصح بعمل منظار دوري كل سنة أو سنتين بعد مرور ثماني سنوات من تشخيص المرض.
*نقلا عن "الاقتصادية" السعودية.