أراك عصي الدمع
للشاعر أبو فراس الحمداني
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر **** أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ ؟
شرح البيت
أي أراك تعصى الدمع وتخرج من طاعته ، من أخلاقك الصبر ، أليس للحب أمر ونهي عليك ؟
الاساليب البلاغية والصور الجمالية:
- ( أراك) إتكأ الشاعر على كاف الخطاب لماذا؟ ليبين قربه من قلبه
- البيت الأول من البيت أسلوب إنشائي استفهام غرضه العتاب
- وهنا يقسم الشاعر نفسه إلى قسمين العقل والقلب وفيه تشخيص أي جعل من قلبه شخضا يتحاور معه
- أما جاءت للتخيير
- طباق أو تضاد بين (نهي وأمر)
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة **** لكن مثلي لا يذاع له سرُ
أي نعم أنا مشتاق وعندي حرقة في القلب ، لكن مثلي لا يفشى له سر .
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى **** وأذللت دمعا من خلائقه الكبرُ
أي إذا الليل أضعفني مددت يد الحب ، وأضعفت دمعا من صفاته العظمة والتجبر .
تكاد تضيء النار بين جوانحي **** إذا هي أذكتها الصبابة والفكرُ
أي تكاد تضيء النار بين أوائل ضلوعي تحت الترائب ، إذا هي أشعلها الشوق والتفكير .
معللتي بالوصل والموت دونه **** إذا مت ظمآنا فلا نزل القطرُ
أي أطمعتني بالوصل والموت دون ذلك ، إذا مت عطشانا وما نزل المطر .
بدوت وأهلي حاضرون لأنني **** أرى دارا لست من أهلها قفرُ
أي أتيت من البادية حيث هي الحبيبة ، وأهلي مقيمون في الحضر ، لأني أرى الدار التي أنتِ لستِ منها ، أرضا لا ماء فيها ولا ناس ولا كلأ .
وحاربت قومي في هواكِ وإنهم **** وإياي لولا حبكِ الماء والخمرُ
أي حاربت قومي لأجل حبكِ ، وإني لولا حبكِ لامتزجت
بهم كما يمتزج الماء والخمر .
فإن كان كما قال الوشاة ولم يكن **** فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفرُ
أي إذا قال الوشاة أنني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، فالحب الصادق يهدم ما بناه قول الوشاة .
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة **** لآنسة في الحي شيمتها الغدرُ
أي يقول الوشاة أني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، والوفاء في ذلك مذلة .
وقور وريعان الصبا يستفزها **** فتأرن أحيانا كما يأرن المهرُ
أي رزنت وثبتت وأول الصبا يستخفها ، فتمرح أحيانا كما يمرح وينشط المهر .
تسائلني من أنت وهي عليمة **** وهل بفتى مثلي على حاله نكرُ
أي تسألني من أنت وهي تعلم ، وهل فتى على حالي من الشهرة أو اللوعة يجهل ولا يعرف ؟
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى **** قتيلك قالت أيهم فهم كثرُ
أي أجبتها بإرادتها وإرادة هواها ، أنا قتيلك ، قالت أي واحد منهم فهم كثيرون ؟
فقلت لها لو شئت لم تتعنتي **** ولم تسألي عني وعندك بي خبرُ
أي قلت لها إذا أردتِ لم تسأليني عن شيء يشق عليكِ ، ولم تسألي عني وعندكِ بي علم .
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا **** فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهرُ
أي قالت لقد حقرك الدهر ، فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهر معا .
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق **** وأن يدي مما علقت به صفرُ
أي أن حبه لها قد حقره على عزته ورفعة قدره ، لذلك لا عز لعاشق لها بعده ، وأدركت أن ما تعلقت به من الآمال خرجت يدي منه خالية .
وقلبت أمري ولا أرى لي راحة **** إذا البين أنساني ألح بي الهجرُ
أي نظرت في أمري ولا أرى لدي راحة ، إذا الفراق أنساني ، يلح بي البعد .
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها **** لها الذنب لا تجزى به ولي العذرُ
أي عدت إلى قولي بل أنتِ والدهر ونظرت في حكمها ، أنا معذور وهي المذنبة .
كأني أنادي دون ميثاء ظبية **** على شرف ظمياء جللها الذعرُ
أي كأني أنادي دون التلعة ظبية ، مكانها عالي رقيقة الجفون ، غطاها الخوف والفزع .
تجفل حينا ثم ترنو كأنها **** تنادي طلابا بالواد أعجزه الحضرُ
تمضي وتسرع حينا ، ثم تديم النظر بسكون الطرف ، كأنها تنادي ولد الظبية بالواد عجز عن الركض ، أي أنادي هذه الحبيبة لتدنو إلي وتترك هجري ، فتشرد مبتعدة ثم تنظر إلي كأنها تدعوني ، فهي تشبه ظبية رقيقة الأجفان واقفة في مكان عال وقد شملها الذكر من الصيادين ، فحينا تبعد وحينا ترنو للواد ، كأنها تنادي ولدا لها عجز عن اللحاق بها .
فلا تنكريني يا ابنة العم إنه **** ليعرف من أنكرته البدو والحضرُ
أي لا تنكري معرفتي ، فإن من أنكرتيه تعرفه البدو والحضر .
ولا تنكريني إنني غير منكر **** إذا زلت الأقدام واستنزل النصرُ
أي لا تنكريني فأنا معروف ، إذا تعثرت أقدام الفرسان في الحرب لهولها ونزل عليهم النصر .
وإنني لنزال بكل مخوفة **** كثير إلى نزالها النظر الشزرُ
أي أنا أنزل بكل أرض مخوفة يكثر فيه الأعداء ، ينظر نظرة الغضبان المباغض .
وإني لجرار لكل كتيبة **** معودة أن لا يخل بها النصرُ
أي وأنا أجر كل جيش تعود أن لا يغيب عنه النصر .
فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا **** وأسغب حتى يشبع الذئب والنسرُ
أي أعطش حتى تشرب السيوف والرماح من الدماء ، وأجوع حتى تشبع الذئاب والنسور من لحوم القتلى .
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة **** ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذرُ
أي لا آتي صباحا على جيش رجاله غائبون ، ولم يبق منه إلا العاجزون والنساء ، دون أن أنذره ، فلا أغزو جيشا قبل أن أنذره .
ويا رب دار لم تخفني منيعة **** طلعت عليها بالردى أنا والفجرُ
أي رب دار لم تخفني ، طلعت عليها مع الهلاك أنا والفجر .
وحي رددت الخيل حتى ملكته **** هزيما وردتني البراقع والخمرُ
أي رجع عن الحي بعد أن استوى عليه ، ولم يسبِ النساء ولا هتك خدورهن .
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها **** فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعرُ
أي رب فتاة لقيتها بعد النصر آتية إلي تسحب أذيالها تبخترا لما هي عليه من النعمة ، فأحسنت لقاءها ولم أكن جافيا صعبا .
وهبت لها ما حازه الجيش كله **** ورحت ولم يكشف لأبياتها سترُ
أي أن هذه الفتاة جاءته متكلة على شهامته ، تسأله أن يرد أموال الحي التي غنمها ، فوهبها كل ما حازه الجيش ، وفارقها وهي مكرمة مصونة .
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى **** ولا بات يثنيني عن الكرم الفقرُ
أي لم يجعلني الغنى طاغيا ظالما مسرفا في المعاصي ، ولم يمنعني الفقر عن الكرم .
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره **** إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفرُ
أي وما هي حاجتي بالمال إذا لم أصن عرضي ؟
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى **** ولا فرسي مهر ولا ربه غمرُ
أي أسرت ولا سلاح معي في الحرب ، وفرسي مجرب في الحروب ، لا مهر حديث العهد بخوض المعامع
منقوله للفائده