البطيخ محصول صيفي تنجح زراعته خلال فصل الصيف مثل بقية محاصيل العائلة القرعية، وخلال فصل الصيف ومع الارتفاع في درجات الحرارة يعطي البطيخ مجموع خضري قوي، وتتم عملية تلقيح الأزهار بنجاح وتعقد الثمار بصورة جيدة، والسبب في نجاح عملية التلقيح والعقد هو أنه في أشهر الصيف تتفتح الأزهار في الصباح الباكر حيث تكون درجات الحرارة مناسبة جدا لإتمام عملية التلقيح وتكون حبوب اللقاح والمياسم بكامل حيويتها في هذا الوقت من اليوم،
أما عند الظهيرة وارتفاع درجات الحرارة والتي قد تصل في بعض الأحيان إلي 45م -50م فهذا يؤدي إلي موت كثير من حبوب اللقاح والمياسم ويسبب فشل في إتمام عملية التلقيح والعقد، يأتي بعد عملية عقد الثمار تطور ونمو الثمرة حتي تصل إلي الحجم المناسب والمميز من الداخل باللون الأحمر أو الوردي وارتفاع نسبة السكر، وتلك العمليات يناسبها درجات الحرارة المرتفعة أثناء فترات النهار فالحرارة المرتفعة تسرع من نمو الثمار كما أن الحرارة المرتفعة تزيد من تلونها من الداخل باللون الأحمر كما تزاد الحلاوة....
وهذه هي البيئة المثلي لنمو نباتات البطيخ وهذا ما تعارف عليه واعتاده زراع البطيخ منذ أزمان بعيدة..
ومع تطور الزراعة المستمر واستحداث تكنولوجيات حديثة واستخدام أساليب جديدة من الزراعة أمكن توفير المنتج الزراعي ليس فقط بكميات كبيرة ولكن في مواعيد لم يكن يتوفر فيها من قبل، ويأتي البطيخ ضمن تلك المحاصيل.
فمنذ القدم والمعروف أن البطيخ في مصر يزرع في فبراير ويظهر في الأسواق خلال شهر يونيو ويوليو وأغسطس. وهكذا كل عام إلا أنه وفي العقد الأخير من القرن العشرين. بدأ استخدام تكنولوجيا زراعة البطيخ تحت الأنفاق البلاستيكية.
ومن ثم بدأ هناك تغير في مواعيد الزراعة، فأصبح البطيخ يزرع في عروة أخري خلال شهري نوفمبر وديسمبر تحت الأنفاق البلاستيكية التي توفر درجة الحرارة المناسبة في هذا الوقت من العام حيث يبدأ ظهور البطيخ بالأسواق خلال شهري أبريل ومايو وبأسعار مرتفعة نتيجة تكاليف الإنتاج المرتفعة خصوصا الأسلاك والبلاستيك المخصصة لعمل الأنفاق وأصبح هناك مشكلة ألا وهي ارتفاع تكاليف إنتاج البطيخ تحت الأنفاق البلاستيك وارتفاع أسعار البطيخ في السوق نتيجة العامل السابق، وكان لتوافر سلالات من البطيخ تتحمل درجات الحرارة المنخفضة في الشتاء عاملا محفزا للبدء في حل تلك المشكلة من خلال برامج تربية تستخدم فيها تلك السلالات مع السلالات الأخري المحلية.
الهدف من هذه الدراسة؟
الهدف من الدراسة هو الوصول إلي أصناف من البطيخ تنجح زراعتها في الحقل المكشوف أثناء الشتاء دون التغطية بالبلاستيك وتعطي محصولا جيدا.
وقد روعي في هذا البحث دراسة الصفات المتعلقة بحجم النمو الخضري ومعدل نموه أثناء فصل الشتاء والصفات المحصولية الهامة وفيما يتعلق بالنمو الخضري درست صفات طول الساق الرئيسي للنبات ومساحة الورقة الناضجة ومعدل نمو الساق الرئيسي أثناء الشتاء ومعدل نمو وتطور مساحة الورقة الناضجة وبالنسبة للصفات المحصولية تم دراسة صفات عدد الثمار لكل نبات ومتوسط وزن الثمرة والمحصول الكلي لكل نبات.
ما هي الخطوات البحثية التي اشتملت عليها هذه الدراسة ونتائجها؟
بدأت الدراسة في موسم صيف 1999 بإجراء التهجين بين صنف البطيخ المحلي جيزة 21 وسلالة البطيخ 261- PIPP8 وهي سلالة تتحمل درجات الحرارة المنخفضة حتي 18 م تم إحضارها من طرف العالم Provident من جامعة كورنيل بالولايات الأمريكية وهذه السلالة ضمن مجموعة من سلالات البطيخ المتحملة للبرودة والتي تم تجميعها من دولة زمبابوي بأفريقيا.
وتم في صيف 1999 الحصول علي الجيل الأول الناتج من تلقيح جيزة 21مع سلالة 261- PIPP8 وفي موسم صيف 2000 تم زراعة الجيل الأول مع الأبوين للحصول علي بذور نباتات الجيل الثاني والتلقيحات الرجعية لكلا الأبوين.
وفي موسم شتاء 2000 وبالتحديد في الأول من أكتوبر. تم زراعة الآباء والجيل الأول والثاني والهجن الرجعية لدراسة السلوك الوراثي للصفات سالفة الذكر تحت ظروف الزراعة الشتوية في الحقل المفتوح. وكانت النتائج المتحصل عليها في نهاية الموسم الذي أمتد من أول أكتوبر 2000 إلي آخر فبراير 1..2 كالتالي:
أ- بالنسبة لصفات النمو الخضري:
أعطي الصنف جيزة 21 المحلي الذي يعتبر حساس للبرودة طول ساق رئيسي حوالي 118 سم بمعدل نمو يومي في المتوسط حوالي 1,5سم ويلاحظ أن معدل النمو هذا كان خلال شهري أكتوبر ونوفمبر حتي النصف من ديسمبر حيث توقف النمو تماما خلال النصف الثاني من ديسمبر.
في حين أعطت السلالة 261- PIPP8 المتحملة للبرودة طول ساق حوالي 138,9 سم في المتوسط بمعدل نمو يومي في المتوسط حوالي 1,7 سم كل يوم حيث توقف النمو تماما خلال شهر فبراير.
أما الهجين الناتج من تلقيح الجيزة 21 مع السلالة 261- PIPP8 فقد أعطي طول ساق حوالي 171,6 سم في المتوسط بمعدل نمو يومي في المتوسط حوالي 2,2 سم كل يوم وتوقف النمو تماما خلال شهر فبراير.
أما بالنسبة لنمو الأوراق فقد أعطي الصنف المحلي الحساس للبرودة مساحة ورقة خلال فصل الشتاء حوالي 90,04 سم2 في المتوسط بمعدل نمو يومي خلال تلك الفترة من السنة حوالي 1,14 سم2 كل يوم في المتوسط في حين أعطت السلالة 261- PIPP8المتحملة للبرودة مساحة ورقة 140,20 سم2 بمعدل نمو يومي حوالي 2,2 سم2 كل يوم في المتوسط.
أما الهجين الناتج منهما أعطي مساحة ورقة حوالي 121,42 سم2 بمعدل نمو 2,9 سم2 كل يوم، ولكن يلاحظ هنا أن معدل النمو اليومي للهجين توقف خلال النصف الأول من يناير بعدما كان يسير بمعدل أعلي من الأبوين خلال الأشهر الأولي من الزراعة، وقد يرجع هذا إلي عامل وراثي قادم من الأب الحساس للبرودة- جيزة 21.
ب- بالنسبة للصفات المحصولية:
وجد في تلك الدراسة أن الصنف المحلي الحساس للبرودة أعطي متوسط عدد ثمار علي النبات 1,2 بمتوسط وزن ثمرة حوالي 295,8 جرام ومحصول كلي للنبات بمتوسط حوالي 329 جرام. وهذه أرقام تظهر مدي حساسية الصنف جيزة 21 للبرودة أثناء فصل الشتاء ووجد أن السلالة المتحملة للبرودة 261-PIPP8أعطت متوسط عدد من الثمار علي النبات 1,8 بمتوسط وزن ثمرة حوالي 1934,00 جرام ومحصول كلي للنبات بمتوسط 3,46 كيلو جرام وأعطت نباتات الجيل الأول متوسط عدد ثمار علي النبات حوالي 2,2 بمتوسط وزن ثمرة 1744,4 جرام ومحصول كلي للنبات حوالي 3,87 كيلو جرام.
أعطت نباتات الجيل الثاني متوسط عدد ثمار علي النبات حوالي 2,2 بمتوسط وزن ثمرة حوالي 1290,5 جرام ومحصول كلي للنبات حوالي 2,81 كيلو جرام.
ماذا تعني هذه النتائج؟
من خلال النتائج السابقة يظهر مدي حساسية الصنف المحلي جيزة 21 للبرودة خلال الشتاء كما يلاحظ أن السلالة 261- PIPP8 أظهرت تحملا للبرودة تمثل في متوسط عدد الثمار علي النبات ومتوسط وزن الثمرة والمحصول الكلي للنبات، وكذلك الحال بالنسبة لنباتات الجيل الأول والثاني.
وكان معامل التوريث بمعناه الواسع منخفض جدا لصفة متوسط عدد الثمار علي النبات في حين أنه تجاوز 90% لصفتي متوسط وزن الثمرة والمحصول الكلي للنبات، ومن خلال تلك النتائج نقول أن الانتخاب لإنتاج سلالات تعطي متوسط وزن ثمرة ومحصول جيد تحت ظروف الزراعة الشتوية في الحقل المفتوح يكون فعالا وناجحا في الجيل الثاني والثالث علي الأكثر، كما أن إتباع برنامج تربية بواسطة التلقيح الرجعي لنقل صفة تحمل البرودة للصنف جيزة 21 يكون ناجحا في غضون عدد قليل من الأجيال الرجعية.
بناء علي هذه النتائج ما هي التوصيات الفنية المقترحة لنجاح زراعة صنف بطيخ أثناء الشتاء؟
مما يجب الإشارة إليه في هذه الدراسة أن نجاح زراعة أي سلالة أو صنف بطيخ في الحقل المكشوف أثناء الشتاء يعتمد اعتمادا كليا علي نجاح عملية عقد الثمار وتطور نمو الثمرة خلال فترات البرودة، ونجاح بعض السلالات في أعطاء محصول ثمري أثناء الشتاء ربما يكون دليلا علي وجود عوامل وراثية تجعل تلك السلالات قادرة علي عقد ثمارها وتطورها أثناء أشهر البرودة، وأيضا وجود عوامل وراثية تجعل تلك السلالات قادرة علي النمو الخضري بصورة جيدة في ظروف البرودة أثناء الشتاء ويطلق علي تلك العوامل (عوامل تحمل البرودة).
وعموما فإن استغلال تلك العوامل الوراثية سواء من خلال برامج التربية التقليدية "انتخاب أو تهجين رجعي" أو من خلال الهندسة الوراثية عن طريق تحديد تلك العوامل ونقلها إلي السلالات الحساسة للبرودة، ربما يساعد في الحصول علي أصناف بطيخ لها القدرة علي النمو الخضري والإزهار والإثمار والحصول علي محصول ثمري جيد أثناء فترات الشتاء في الحقل المفتوح دون التغطية بالبلاستيك وبالتالي تقليل تكاليف الإنتاج بدرجة كبيرة.
الدكتور/ محمد محمد محمد عبد السلام
باحث أول بقسم تربية الخضر
معهد بحوث البساتين