إن المعارف الكونية هي علوم مأخوذة من الأكوان. وهي تنتقل بانتقال معلوماتها في أحوالها. والإنسان يطلب معرفة كون من الأكوان ويتخذ دليلا على مطلوبه, فإذا حصل له ذلك المطلوب لاح له وجه الحق فيه, وان تعلق بوجه آخر ترك مقصده الأول وانتقل مع العلم يطلب ما يعطيه وهكذا انتقالات العلوم النجومية ,وهي مشهودة معلومة الأعيان والأحوال على صورها التي تكون عليها إلى ما لا يتناهى على اختلاف أمكنتها وأزمنتها, فيكشف لك عن أعيانها وأحوالها شيئا بعد شيء
أما الأمر بالنسبة إلى الله واحد كما قال تعالى (وما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر) والكثرة في نفس المعدودات, وهذا الأمر قد غاب عنه الكثيرين في أحوال مختلفة , وكل واحد صور له صورة واختلف مع غيره ، وقامت الفتن والمصائب, حتى يكشف لنا الحجاب وندرك أن النظرة واحدة في صورتها في ذلك الكون, وهي حالة الوجود عاينت نفسها على ما تكون عليه أبدا. والأمور معلومة في مراتبها وبتعداد صورها, ومراتبها لا حد لها تقف عنده ، وهو إدراك الحق تعالى للعالم ولجميع الممكنات في حال عدمها ووجودها, وعليها تنوعت الأحوال, وفي مدارها إدراك الزمان.
والمعرفة في الكون على أمرين أحدهما هو الوهب أو الموهبة والأمر الآخر النظر والاستدلال وهي المعرفة المكتسبة . والحجة البالغة لله على خلقه والذي يرجع إلى قوله (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) وهذا استدراك للمعرفة وللتوصل إلى العلم.
ومن يلاحظ في الكتاب المبين يرى خلق آدم في حضرة العليم, وقد جاءت الآيات في حقه من باب العلم. (وعلم آدم الأسماء كلها ) ثم (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم ) والممكن قابل للهداية والضلالة من حيث حقيقته فهو موضع الانقسام وعليه يرد التقسيم . لذلك يقول تعالى : ( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) .
لهذا صدر عن حركات السموات والأرض أعيان منها النجوم الثوابت و فيها الكواكب السيارة وطبيعة العناصر من ذلك, وما يترتب من حركات وانتقالات


والنجوم الثوابت يتشكل منها صورة في السماء تسمى بيوتاً للكواكب السيارة وهي صورة البروج في مواقع النجوم .
واعتقدت أكثر الحضارات القديمة بأن كل كوكب في برجه يسمى ربه وله أرواح خاصة به , وله التصريف في عالم الملكوت, وهم أرباب البيوت وأصبح ذلك عند الصابئة أرباب الهياكل .
وبعضهم حاول استنزال الأملاك بالأسماء والبخورات وما أشبه ذلك, وقد ورد ذكر ذلك في صفحات الموقع . وأن الله جعل لها شعاعاتها وتأثيراتها واقسم بها على عالم الكون والفساد
ومن التأثيرات ما جاء تأثير القمر على الأرض من قبض وبسط في عالم المحيطات , وهذا يؤثر على عالم الأجناس أيضا . وقد شبهوا القمر في حركته السريعة ضمن البروج بقلب الإنسان لتقلبه السريع من حال إلى حال. فالقمر يمكث في البرج يومان وثلث حتى يكمل دورته في اثني عشر برجا , وله منازل لها تقويمها عند البشر كسعد الذابح مما يدل على البرد الشديد أو البرد القارص يتقيدون بها وتراه مقهورا تحت سلطان الشمس ويسمى المحاق في منزلة النطح ، ويسيطر على هذه المنزلة حرف الألف فكان بعضهم لا يقوم بأي عمل ، وينعزل إلى الاستغفار والنوم .
ومن يتابع علوم الحضارات القديمة يرى بأن أكثر الملوك تضع فوق عروشها رمزا لكوكب الشمس للاستدلال على الرفعة والقوة والقهر .وأمام عرشه أسدان لقوة برجها ، ويبررون ذلك بأنها قطب الأفلاك وسلطانها ولها التصريف في عالم الأرواح النارية ولها في كل حضرة دخول واستشراف وقوة ووبال ، ودخولها إلى برج الحمل يكون شرفها ، وقوتها في برج الأسد ، ووبالها في برج العقرب وهذا التثليث موجود في سائر الكواكب ، وكل برج له ثلاثة طوالع أي أن الشمس تمكث حين دخولها إلى البرج ثلاثين درجة ، تقابل معها طوالع من الكواكب ، ففي برج الأسد مثلاً في الثلث الأول زحل والثاني المشتري والثالث المريخ ، وكل طالع له مدلوله وللكواكب شهود الخطوط ولا يتعدون الحدود
فتقدس من ركب الأفلاك وزينها بالكواكب وأمد العالم السفلي بما شاء من تلك الكواكب والنجوم بحسب قواها وما ينسب إليها ، وهو القادر على الإيجاد والإعدام فسبحانه