بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على صاحب السكينة
السلام على المدفون بالمدينة
السلام على المنصور المؤيد
السلام على ابي القاسم محمد بن عبد الله
ورحمته وبركاته ومغفرته ورضوانه
السلام عليكم احبتي ورحمة الله وبركاته ..
كيفية بناء سد ذي القرنين و مکانه
كيف تم بناء سد ذي القرنين؟
القرآن الكريم يشير إلى سفرة أخرى من أسفار ذي القرنين حيث يقول: "ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا". أي بعد هذه الحادثة استفاد من الوسائل المهمة التي كانت تحت تصرفه ومضى في سفره حتى وصل إلى موضع بين جبلين: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا".
إشارة إلى أنه وصل إلى منطقة جبلية، وهناك وجد أناساً (غير المجموعتين اللتين عثر عليهما في الشرق والغرب) كانوا على مستوى دانٍ من المدينة، لأن الكلام أحد أوضح علائم التمدن لدى البشر.
في هذه الأثناء اغتنم هؤلاء القوم مجيء ذي القرنين، لأنهم كانوا في عذاب شديد من قبل أعدائهم يأجوج ومأجوج، لذا فقد طلبوا العون منه قائلين: "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا".
قد يكون كلامهم هذا تم عن طريق تبادل العلامات والإشارات، لأنهم لا يفهمون لغة ذي القرنين، أو أنهم تحدثوا معه بعبارات ناقصة لا يمكن الإعتداد بها.
يمكن أن نستفيد أن تلك المجموعة من الناس كانت ذات وضع جيد من حيث الإمكانات الإقتصادية، إلا أنهم كانوا ضعفاء في المجال الصناعي والفكري والتخطيطي، لذا فقد تقبلوا بتكاليف بناء هذا السد المهم، بشرط أن يتكفل ذو القرنين ببنائه وهندسته.
أما ذو القرنين فقال: "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ".
وعندما تهيأت قطع الحديد أعطى أمراً بوضع بعضها فوق البعض الآخر حتى غطّي بين الجبلين بشكل كامل: " حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ".
الأمر الثالث لذي القرنين هو طلبه منهم أن يجلبوا الحطب وما شابهه، ووضعه على جانبي هذا السد، وأشعل النار فيه ثم أمرهم بالنفخ فيه حتى احمرَّ الحديد من شدة النار: "قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا".
لقد كان يهدف ذو القرنين من ذلك ربط قطع الحديد بعضها ببعض ليضع منها سداً من قطعة واحدة، وعن طريق ذلك، قام ذو القرنين بنفس عمل (اللحام) الذي يقام به اليوم في ربط أجزاء الحديد بعضها ببعض.
أخيراً أصدر لهم الأمر الأخير فقال: اجلبوا لي النحاس المذاب حتى أضعه فوق هذا السد: "قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا".
وبهذا الشكل قام بتغطية هذا السد الحديدي بطبقة النحاس حتى لا ينفذ فيه الهواء ويحفظ من التآكل.
بعض المفسرين قالوا: إن علوم اليوم أثبتت أنه عند إضافة مقدار من النحاس إلى الحديد فإن ذلك سيزيد من مقدار مقاومته، ولأن "ذا القرنين" كان عالماً بهذه الحقيقة فقد أقدم على تنفيذه.
وأخيراً، أصبح هذا السد بقدر من القوة والإحكام بحيث: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا".
لقد كان عمل ذي القرنين عظيماً ومهماً، وكان له وفقاً لمنطق المستكبرين ونهجهم أن يتباهى به أو يمن به، إلا أنه قال بأدب كامل: "قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي" لأن أخلاقه كانت أخلاقاً إلهية.
إنه أراد أن يقول: إذا كنت أملك العلم والمعرفة وأستطيع بواسطتها أن أخطو خطوات مهمة، فإن كل ذلك إنما كان من قبل الخالق جل وعلا، وإذا كنت أملك قابلية الكلام والحديث المؤثر فذلك أيضاً من الخالق جل وعلا.
وإذا كانت مثل هذه الوسائل والأفكار في اختياري فإن ذلك من بركة الله ورحمته الخالق الواسعة.
أراد ذو القرنين أن يقول: إنني لا أملك شيئاً من عندي كي أفتخر به، ولم أعمل عملاً مهماً كي أمُنَّ على عباد الله.
ثم استطرد قائلاً: لا تظنوا أن هذا السد سيكون أبدياً وخالداً: "فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء".
"وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا".
لقد أشار ذو القرنين في كلامه هذا إلى قضية فناء الدنيا وتحطم هيكل نظام الوجود فيها عند البعث.
أين يقع سد ذي القرنين؟
بالرغم من محاولة البعض المطابقة بين سد ذي القرنين وبين جدار الصين الذي لا يزال موجوداً ويبلغ طوله مئات الكيلومترات، إلا أن الواضح أن جدار الصين لا يدخل في بنائه الحديد ولا النحاس، ومضافاً إلى ذلك لا يقع في مضيق جبلي ضيق، بل هو جدار مبني من مواد البناء العادية ويبلغ طول مئات الكيلومترات، ومازال موجوداً حتى الآن.
البعض يرى في سد ذي القرنين أنه سد مأرب في اليمن، ولكن هذا السد برغم وقوعه في مضيق جبلي، إلا أنه أنشئ لمنع السيل ولخزن المياه، ولم يدخل النحاس والحديد في بنائه.
ولكن بالاستناد إلى شهادة العلماء وأهل الخبرة فإن السد – كما أشرنا لذلك قبل قليل – يقع في أرض القوقاز بين بحر الخزر والبحر الأسود، حيث توجد سلسلة جبلية كالجدار تفصل الشمال عن الجنوب، والمضيق الوحيد الذي يقع بين هذه الجبال الصخرية هو مضيق "داريال" المعروف، ويشاهد فيه جدار حديدي أثري حتى الآن، ولهذه الجحات يعتقد الكثيرون أنَّ سد "ذو القرنين" يقع في هذا المضيق، وأنَّ المتبقي من مواصفات آثاره دليل مؤيد لذلك.
الطريف في الأمر أنه يوجد نهر على مقربة من ذلك المكان يسمى "سائرس" أي "كورش" إذ كان اليونان يسمون كورش بـ (سائرس).
الآثار الأرمينية القديمة كانت تطلق على هذا الجدار اسم "بهاك كورائي" والتي تعني "مضيق كورش" أو "معبر كورش" وهذا دليل آخر على أن كورش هو الذي بنى السد.
برعاية الله وحفظه..
لا تنسوني بالدعاء.