انشقاق القاعدة
- بانوراما الشرق الاوسط
د.موفق محادين
قبل التعليق على خلفية احتدام الصراع الدموي في سورية بين جبهة النصرة والجبهة الاسلامية ودولة العراق والشام الاسلامية (داعش) ماذا عن كل منهما من حيث التشكيلة والايديولوجيا والعلاقات التي تربطهما مع اطراف وقوى اقليمية ودولية:
أولًا، داعش : وقد تشكلت في العراق 2004 من أوساط كانت مقربة من ابي مصعب الزرقاوي، وتعاقب على قيادتها أبو حمزة المهاجر (مصري الجنسية) وأبو عمر البغدادي حتى مقتله عام 2010 وأبو بكر البغدادي (أبو بكر الحسيني القريشي).. وتنتسب ايديولوجيًا الى فكر القاعدة، بل إن قيادة القاعدة في سورية ممثلة بجبهة النصرة كانت مرسلة من البغدادي الى سورية (الجولاني وأبو عبد العزيز القطري “وقد لا يكون قطريا، وقد قتل”) بالاضافة لعدد من الأردنيين ( أبو خديجة و أبو أنس).
وفي حين تركزت داعش في الرقة ومناطق في إدلب وحلب، فإن جبهة النصرة تركزت في مناطق من درعا والغوطة.
ثانيًا، تحالف جبهة النصرة والجبهة الاسلامية، التي شكلت حديثا وتضم عدة فصائل أبرزها أحرار الشام (حاشا) ولواء أو جيش الاسلام، والاولى سابقة لاعلان الجيش الحر، ويقودها حسان عبود وآخرون من أصول إخوانية سورية (أبو خالد وأبو مصعب وأبوالعباس).. أما لواء أو جيش الاسلام فيقوده زهران علوش (من عائلة وهابية) موالية تاريخيا للرياض.. ومن الفصائل الأخرى: صقور الشام بقيادة أحمد الشيخ عيسى وهو اخواني سوري، ولواء التوحيد (إخواني) الذي قتل قائده مؤخرا وهو عبد القادر صالح، وثوار سورية بقيادة جمال معروف (من جبل الزاوية شمال سورية).
هذه خلفية عامة عن القوى المذكورة، أما بالنسبة للملاحظات ذات الصلة باحتدام الصراع الدموي بينها فأبرزها:-
1.مقابل بيعة الحكم التي تميز داعش فإن ما يسمى (بيعة الجهاد) هي ما يميز( النصرة ).
2.إن ظلال العواصم والقوى الاقليمية والدولية ليست بعيدة عن الصراع المذكور بما فيها التجاذبات المعروفة بين محورين خليجيين وأبعادهما الدولية وخاصة الامريكان والفرنسيين والأتراك.
3.على الرغم مما يبدو من تباينات سياسية بين القوى المتصارعة المذكورة، إلا انها جميعا تتقاطع في أفكار خليط من الخوارج والوهابية والقطبية (سيد قطب) وتلامذته (الظواهري وعبد الله عزام ومروان جديد وغيرهم) وغالبيتهم من أصول إخوانية متطرفة.
4.وحسب بعض الدراسات، فلا يمكن النظر ببراءة للعمليات “السوبر مانية” لاقتحام السجون العراقية والليبية والافراج عن المئات من هؤلاء الذين يقودون العمليات العسكرية في العراق وسورية.. وكذلك لقيام دول أخرى بالافراج عن (سلفيين جهاديين محكومين) للغاية نفسها ما يشي ببصمات اقليمية ودولية معروفة.
5.وبعيدا عن أسئلة من نمط من هي الفرقة الناجية الموعودة بالجنة بينهم، وأي من قتلاهم يذهب الى النار، فإن السؤال الملح، هو هل انشقت القاعدة ولمَ انفجر الصراع بين هذه القوى في هذه المرحلة بالذات.
بالاضافة للتخلص من الاحراج الدولي وقوائم المطلوبين على لائحة الارهاب العالمي، فإن اختيار اسم جديد مثل الجبهة الاسلامية المتحالفة مع جبهة النصرة التي تضم اسماء وقوى مطلوبة لهذه اللائحة، ليس بعيدا عن ضبط هذه الجماعات على ايقاع الاستحقاقات الاقليمية والدولية ومشروعات التسويات المرتبطة بها سواءً عبر جنيف 2 و 3 أو غيره..
وقد يكون هذا التحالف بروفة لأشكال أخرى يمكن تسويقها دوليا في ساحات ومناطق برسم الالتهاب، ولاسيما في ما يخص (الحزام الاخضر) المسلح حول روسيا والصين، حيث يتقرر شكل العالم الجديد في تلك المنطقة من (قلب العالم).
وفي كل ذلك فإن السؤال الأهم، هل انشقت القاعدة بين داعش وجبهة النصرة على خلفية التباين حول بيعة الخلافة (السلطة) وبيعة (الجهاد) وجذور ذلك في الخلاف التاريخي بين مرحلة التبشير والتحضير (التجربة المكية) ومرحلة المدينة، وما هو موقع هذا الخلاف في الحسابات الاقليمية والدولية ذات الصلة.