انطلق صاروخ روسي من طراز "سويوز" من إقليم غويانا الفرنسي حاملا على متنه أول قمر اصطناعي تابع لبرنامج الاتحاد الأوروبي الجديد لمراقبة الكرة الأرضية، والذي تبلغ تكلفته مليارات من اليورو.
وبدأ القمر الصناعي "سنتينيل 1-ايه" مهمته لعمل مسح تخطيطي لسطح كوكب الأرض باستخدام الرادار.
ومن المنتظر أن يلحق بذلك القمر أسطول آخر من الأقمار الاصطناعية، التي تحمل أيضا اسم "سنتينيل"، خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويصف الاتحاد الأوروبي هذا البرنامج، الذي يطلق عليه اسم "كوبيرنيكاس"، بأنه يمثل أكبر جهد على الإطلاق لتحديد مواصفات الأرض.
وسيقدم البرنامج، عندما يبدأ عمله بشكل كامل، ما يقارب ثمانية تيرابايت من البيانات يوميا توضح بالتفصيل حالة سطح كوكب الأرض ومحيطاته وغلافه الجوي.
وحتى الآن، خصصت الدول الأوروبية ميزانية تقدر بـ 10.3 مليارات دولار أمريكي لهذا المشروع الذي ينظر إليه على أنه برنامج مستمر؛ حيث سيجري استبدال كل قمر "سنتينيل" بقمر آخر حينما تقترب مهمة الأول من نهايتها، وذلك حرصا على استمرار تدفق هذا النوع من البيانات حتى القرن المقبل.
وقال جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية: "بمجرد إطلاق جميع أقمار سنتينيل الاصطناعية، سيصبح برنامج كوبيرنيكاس أكثر برامج مراقبة كوكب الأرض فاعلية وشمولا في العالم."
وأضاف: "من شأن هذا البرنامج أن يتيح لأوروبا أن ترسخ من وضعها في مقدمة الأبحاث والابتكارات في هذا القطاع المتطور، أي الفضاء، واستحدثت العديد من الوظائف الجديدة التي تتطلب مهارات متقدمة، ومن المتوقع أن تظهر العديد من الوظائف الأخرى في المستقبل."
وأطلق صاروخ سويوز الذي يحمل هذا القمر من منصة إطلاق الصواريخ "سيناماري" بساحل غويانا في التاسعة ودقيقتين مساء بتوقيت غرينتش.
واستغرق الصاروخ 23 دقيقة ليصل إلى ارتفاع 699 كيلومترا، ووصلت إشارة تأكيد بعد ذلك بفترة وجيزة على حدوث انفصال لقمر "سنتينيل 1-ايه" بشكل كامل عن الصاروخ، ليتولى استكمال مهمة متابعته فريق من المراقبين من مركز عمليات وكالة الفضاء الأوروبية "إيسا" بمدينة دارمشتات الألمانية.
وشهدت الساعات الأولى إرسال الأوامر إلى القمر الصناعي ليقوم بفتح أجنحته الشمسية واللوحات التابعة لجهاز الرادار الملحق به، حيث كانت مطوية لتلائم وضع القمر الصناعي داخل صاروخ سويوز.
ومن المتوقع أن يبدأ القمر عمله بشكل رسمي خلال ما يقرب من ثلاثة أشهر، على الرغم من أنه يمكن أن يشرع في تصوير الأرض بحلول الأسبوع المقبل لبدء عملية ضبط الأدوات المثبتة على متن القمر.
وهناك استخدامات عديدة للرادار، بدءا من رصد طرق الملاحة للكشف عن التلوث أو أماكن الجبال الجليدية، وحتى تخطيط المسطحات الأرضية لتتبع عمليات إزالة الأشجار ومعدل إنتاجية محصول الأرز.
إلا أن قمر سنتينيل 1-ايه سيكون له استخدام رئيسي أيضا في التعامل مع الكوارث، حيث يتميز الرادار بشكل خاص بالتحقق من مستوى مياه الفيضانات، وبالتالي ستجري الاستفادة أيضا من هذا النوع من الصور في متابعة الهزات الأرضية الضخمة وتقييم الأضرار التي ألحقتها بالبنى التحتية في المدن.
كما سيعمل القمر الجديد أيضا على تجربة نظام جديد لنقل البيانات يعتمد على أشعة الليزر، وسيكون مكونا رئيسيا لنظام كوبيرنيكاس، إذ أن هذه التقنية الجديدة التي طورها مهندسون ألمان لن تعالج أحجام كبيرة من البيانات فحسب، بل إنها ستعمل على الإسراع في عملية إرسال المعلومات إلى الأرض.
وقال جان جاك دوردين، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية "إيسا": "ستعمل أشعة الليزر على تقليص فترة الحصول على البيانات إلى دقائق بعد أن كانت تستغرق ساعات كاملة. وفي حالة الكوارث الطبيعية، فإن توفير الوقت سينقذ الأرواح".
ومن المنتظر أن يجري إطلاق خمسة أقمار اصطناعية أخرى تحمل مهام مختلفة بحلول عام 2019.
وسيجري إطلاق القمر الاصطناعي "سنتينيل 1-بي" خلال العام المقبل، بينما سيُطْلَق القمران "سنتينيل 1-سي" و "1-دي" للقيام بمهام المراقبة بدلا من "سنتتينيل 1 ايه" و "سنتينيل 1بي"، حال وجود احتمال لفشلهما في أداء مهمتهما.
لذا فإنه وبهذه الطريقة، سيكون بإمكان برنامج كوبيرنيكاس وأقماره الاصطناعية جمع البيانات على المدى الطويل.
وعلى الرغم من أن تلك البيانات ستكون مفيدة للغاية للدراسات المناخية، فإن الاتحاد الأوروبي يأمل في أن تثبت فاعليتها كأداة قوية يمكن أن تساعد في وضع السياسات المجتمعية وتنفيذها، لتغطي العديد من المجالات كإدارة المخزونات السمكية وتنظيم جودة الهواء ومراقبة الممارسات السيئة في عملية التخلص من النفايات.
وبرنامج كوبيرنيكاس هو ثاني أكبر البرامج الفضائية التي يطلقها الاتحاد الأوروبي بعد نظام غاليليو للملاحة الفضائية، وشاركت وكالة "إيسا" في عملية تحديد متطلبات الأقمار الجديدة والتعاقد مع الشركات المتخصصة لتنفيذها.
المصدر BBC