بسم الله الرحمن الرحيم
عمر قلبك فهو منزلك ... 2
قال الامام الصادق - عليه السلام -
(( ان قوة المؤمن في قلبه ))
لكي نعمر قلبنا . ونبنيه بالايمان والنور , عن طريق العمل , ودرجات البناء تعتمد على درجات العمل , وما يبذل في سبيل العمل ,
هكذا الرتب الانسانيه فانها تعطى تبعآ للعمل المبذول قال الله تعالى : { ولكل درجات مما عملوا } . ولكي نعمر القلب فلا بد من العمل بعد العلم , والعمل يحتاج الى آلات ووسائل وبعض هذه الوسائل معنويه واعتقادي , فقد ورد في التواريخ ان انيشيروان لما وصل الى دكة الحكم امر بسجن جميع وزراءه بمن فيهم الحكيم المشهور ( بو ذر جمهر ) فنقلوا الى سجون انفراديه مظلمه وبعد مده ارسل الملك شخصآ من قبله ليتجسس على السجناء ويرى كيفية حالهم في تلك السجون المظلمه بعدما كانوا وزراء وقادة البلاد , ولما رجع الجاسوس قال للملك : رايتهم كلهم في حاله يرثى لها من كثرة ما اصابهم من الضعف والذله والبكاء والحزن المسيطر عليهم باستثناء ( بو ذر جمهر ) حيث رايته كحالته السابقه وكانه جالس على كرسي الرئاسه لم يتغير من حاله شيء , ولما سالته عن سبب ذلك قال لي : اني استعمل بعض الادويه التي تبقي على صحتي ونشاطي فقلت : وما ذلك الدواء ؟ قال ( بوذر جمهر ) :
انه مركب من عدة اشياء :
اولها التوكل على الله ,
وثانيها العلم بان كل حال يزول لا محال ,
وثالثها الصبر ,
فاني افكر في هذه الامور الثلاثه كل يوم وأستلهم منها نشاطي وصحتي .
فهذه آلات العمل والنجاح في الحياه ولكل واحده منها مقدمات لابد من تحصيلها والتحلي بها .
اذا اراد الانسان ان يبدأ بعمارة القلب فعليه ان يجعل أساس البناء التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى والذي لا يمكن ان نعرفه الا عن طريق روايات المعصومين - صلوات الله عليهم - .
عن بريد العجلي قال : سمعت ابا جعفر - عليه السلام - يقول : (( بنا عبد الله , وبنا عرف , وبنا وحد تبارك وتعالى ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى )) اي ان محمد - صل الله عليه واله - باب الله الاعظم عليك ان تعرفه جيدآ فمعرفته حياة القلب , ومن لا ياخذ التوحيد منهم - صلوات الله عليهم - فانه يكون عرضه للشك والشرك والكفر .
فعلى سبيل المثال يتصور البعض ان الابتلاء الالهي هو سوء من الرب تبارك وتعالى او لا فائده فيه مع ان الابتلاء هو من لطائف التأديب الالهي , وبعباره اخرى ان البلاء لطف من الله لتأديب الانسان وجعله على المنهج القويم , ولاصور لك هذا الكلام بمثال أكثر وضوحآ , حينما يؤخذ الطفل الى المدرسه لاجل تعليمه يتصور الطفل في بادىء الامر ان الام والاب لا يهتمان به مع ان الاب او الام لا يريدان الا الخير , فهما لايريدان الا تعليمه القراءه والكتابه ولذا تركوه في المدرسه , وهكذا الابتلاء الالهي هذا اولآ ,
وثانيآ : ان الابتلاء الالهي في الغالب يكون من يد الانسان , وبعباره اخرى الابتلاء : هو النتيجة المترتبه على مقدمات الانسان ورغم ذلك فان الله سبحانه وتعالى جعل حتى هذا البلاء لطفآ وان لم يعرفه الانسان , قال سبحانه : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } .وقال سبحانه : { وما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير } .وقال تبارك وتعالى : { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه واولئك هم المهتدون } .
اذا عرفت طريق عمارة القلب فاعمل ولكن ينبغي ان تلتزم بمجموعه من الشروط حتى تنجح بعملك وهذه الشروط هي :
اولآ : الخضوع والتسليم للائمه - صلوات الله عليهم - وبصوره كامله لانهم من يعرفونا رسوم وآداب عمارة القلب .
ثانيآ : ان نصدق بهم - صلوات الله عليهم - فالعمل دون التصديق لا يثمر .
ثالثآ : ان نتعرف عليهم من قرب لا من بعد حتى تكون الصوره واضحه .
رابعآ : ان يكون همك الحصول على العلم التوحيدي الخالص , الوارد عن المعصومين صلوات الله عليهم فاذا لم يتحول الى هم لا نهتم به .
خامسآ : الجديه في الامور , والابتعاد عن الصغائر , والطموح الى المعالي قال سبحانه : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .
والحمد لله رب العالمين