TODAY - 13 September, 2011
سائقون يعكسون مزاجهم بعبارات على مركباتهم
سيارات العراق تستخدم عبارات لدرء الحسد وجلب الرزق
من الظواهر اللافتة في العراق اليوم انتشار العبارات الدينية والأمثال والحكم خاصة داخل وخارج السيارات لجلب الرزق وطرد أعين الحاسدين. وبات لهذه الظاهرة مكاتب تتفنن في عرض بضاعتها، مضيفين لها رتوشا ورسوما تغري الزبائن.
لا يتواني السائق ابو حميد عن خط عبارة "الحسود لا يسود" على سيارته في أول يوم اشتراها فيه، حيث توجه مباشرة إلى خطاط، يتقن كتابة النص بشكل بارز.
وابو حميد السائق منذ عشرين عاما، اعتاد اختيار كلمات يخطها على سيارته تمثل رأيه في الحياة وفلسفته اتجاه الأحداث .
وإعتقاد ابو حميد بالحسد يعود الا انه توانى ذات يوم عن رسم (عين)، تمنع الحسد في مؤخرة السيارة، فكانت النتيجة ان السيارة اصيبت بضرر كبير بعدم اصطدامها بمركبة طويلة. ويؤمن أبو حميد ان عين الحسد وراء ذلك.
ويحرص الكثير من سائقي المركبات في العراق على وضع نصوص على شكل جمل قصيرة، تعكس حالتهم النفسية واعتقاداتهم ووجهات نظرهم في شؤون الحياة.
ونادرا ما تجد سائقا في العراق لا يضع على سياراته تلك العبارات او يجهز مركبته من الداخل بأنواع من الكماليات والصور التي تعكس مزاجه وذوقه.
ويبلغ الهوس على اشده حين تقع عيناك على عبارة من مثل "عاشق هيفاء وهبي" أو "حبيب نجوى كرم".
ويفوق عدد سيارات التاكسي في بغداد والمحافظات الطاقة الاستيعابية، بعدما وجد الكثير في سيارة التاكسي مصدر رزق يبعد عنهم شبح البطالة.
ويقول ضابط المرور أكرم سليم أنْ لا ضوابط في العراق، تؤهل المواطن لان يكون سائقا ماهرا وصاحب ذوق في قيادة السيارة.
وهناك الكثير من سواق التاكسي مصابون بقصر النظر، أو أمراض أخرى، لكن غياب الفحوصات وانعدام القوانين يجعل من سياقة التاكسي أمرا متاحا للجميع.
ويقول السائق رحيم الكلابي انه يعشق المطربة هيفاء، ويعبر عن حبه لها بتلك العبارة إضافة الى الأقراص المدمجة لأغانيها حيث يحرص رحيم على إسماعها للراكبين.
وتبرز من بعيد عبارة ( الغرباء دوما على رحيل ) على باص سعدون فياض ، السائق على خط بغداد – كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد).
وبحسب فياض فانه يحرص على ان تكون هذه العبارة أمام عينيه، لأنه عاش قصة حب ارتبط فيها بفتاة سورية حين كان في دمشق لعدة سنوات، لكن الأمر انتهى الى غير ما يريد، فقد وقف اهلها على الضد من ارتباطها به لانه " غريب " على حد قول أهلها.
وشهد العراق بعد عام 2003 دخول آلاف السيارات بطريقة عشوائية أضرت بالاقتصاد العراقي من دون التأكد من إنها مطابقة للمواصفات المطلوبة.
وأسست الشركة العامة لتجارة السيارات عام 1964 لتنضم إليها شركات استيراد السيارات العائدة للقطاع الخاص آنذاك والتي كانت تمارس اعمالها منذ سنه 1930.
وفي كراج العلاوي، تصادفك في جولتك عشرات العبارات التي تشير الى مواقف معينة أو فلسفة حياتية أو اعتقاد ديني، أو حالة مزاجية او عبارات إعجاب من مثل ( أموت وأنت السبب، معبودتي،سوني ,تسواهن, سابيني سبي، يا ناسيني، اللهم أحفظ العراق، اللهم أحفظ المركبة ومن فيها، المهاجر) .
وكتب السائق أحمد محمد علوان على سيارته بخط ابيض بارز (مهاجرة) .
وبحسب علوان فان السبب يعود الى انه من عائلة عانت من التهجير في وطنها.
ولم يكتف علوان بهذه العبارة في التعبير عن حزنه وألمه ، بل اطلق على ابنته اسم "هاجر" تخليدا للمرحلة صعبة في حياته عانى فيها واسرته من التهجير القسري.
وينتمي اغلب السائقين في العراق الى شريحة غير متعلمة أو تلقت تعليما بسيطا ، غير ان هناك الكثير من خريجي الجامعات والمعاهد وجدوا في مهنة " سيارت الأجرة" مصدرا للرزق.
ويقول سائق التاكسي محمد الخفاجي حيث خلت سيارته من اية عبارات ملفتة أو إكسسوارات إضافية ، ان اغلب سائقي الأجرة يجدون في الإكسسوارات الإضافية للسيارة تجميلا لمظهرها .
ومنذ تخرجه من جامعة بغداد مهندسا زراعيا لم يجد الخفاجي عملا ، فامتهن السياقة.
وتبيع محلات اكسسوارات السيارات أيضا أشرطة ولوحات لنصوص مصنوعة بإتقان تلصق مباشرة على السيارات.
وعلق ابو سمير في دكانه الكثير من الخطوط الشفافة والملونة حيث يقول: السائق لا يحتاج الى الخطاط لرسم العبارات على السيارة لان أغلبها اليوم متوفرة بفضل هذه التقنية الجديدة حيث تبلغ قوة لصقها اكبر من لصق اصباغ الخطاطين.
وتقع عيناك على الكثير من شرائط الكلمات الغريبة التي علقها ابو سمير في ركن من دكانه على شكل شرائط متدلية من مثل (دموع الورد، الزهرة الحمراء ، هوى الاحباب ، زنوبة ، الملكة ، نورة ، سيري والله يرعاك, قطر الندى، شبيك عايفني).
وكتب السائق محمد فوزي على زجاج سيارته (الزابيث) لانه مغرم بالملكة الزابيث لهدوئها ورقتها.
وفي أوج سنوات الصراع الطائقي، في 2005 ، كان العصابات المسلحة تصنف هوية الشخصية الطائفية بحسب العبارات المكتوية.
وبحسب سعد القيسي فان الكثير من سواق التاكسي قتلوا من قبل افراد ميلشيات مسلحة حددت هويتهم الدينية على ضوء العبارات المكتوبة على سياراتهم.
وسمى السائق أبو حسين اسم سيارته على اسم طفله الأول حسون ، حيث خط على جسم السيارة عبارة (حسوني سابيني سبي) .
وتنتشر عبارات الدعاء والنصوص الدينية مثل أقوال الأئمة والرسول الكريم وآيات قرآنية ، اضافة الى اسماء الأئمة والصحابة والصالحين على السيارات في العراق.
فقد كتب السائق رائد ابو علي على سيارته (محروسة ام البنين) تيمنا بهذه المرأة الصالحة.
وتعاقب السلطات المرورية في العراق المخالفين من السواق ممن يخطون عبارات غير لائقة او تعيق الرؤية.
لكن اغلب السائقين لا يكترث لذلك حيث يقول ضابط المرور حسين سعيد
ان انتشار الظاهرة وضعف تطبيق القوانين يحول دون ردع الظاهرة.
وفي الطريق بين الدورة و السيدية في بغداد يقع نظرك على عبارة طريقة خطها سائق سيارة حمل على سيارته، وتقول العبارة "لما تدلع تخلى الإسفلت يولع ).
لكن ما يميز سياقة التاكسي في العراق بعد عام 2003 هو دخول سيارات حديثة ، مزودة بالتبريد ووسائل الراحة الأخرى، وبحسب سيف الجزائري
الذي يمتلك سيارة تاكسي حديثة ( كرونة 2010) ، فأن الزبون يشعر براحة نفسية حين يقرا أدعية وعبارات دينية خطها السائق على سيارته.