TODAY- 13 September, 2011
بغداد تنعى شيخ نحاتيها الكبير محمد غني حكمت
نعت الاوساط الثقافية والفنية العراقية شيخ النحاتين العراقيين الفنان الكبير محمد غني حكمت الذي وافاه الاجل مساء يوم الاحد في احدى المستشفيات الاردنية
عمان عن عمر ناهز الثمانين عاما بعد نحو يومين على إصابته بجلطة وعجز في الكليتين لم تمهله طويلا، حيث سينقل جثمانه الى مقبرة الكرخ لدفنه فيها، فيما أعلنت أمانة بغداد أنها ستقيم مجلس عزاء على روحه في شارع ابو نواس قرب تمثال شهريار وشهرزاد.
ويعد النحات حكمت من أبرز نحاتي العراق والوطن العربي بل ومن أغرز النحاتين نتاجات،وقد نالت منحوتاته اهتماما عالميا بعد ان توزعت اعداد منها في العديد من البلدان لاسيما للتميز الكبير الذي أبدعه والذي اظهر التأثّر الواضح بالفنّ السومري، وبالآثار البابلية، وبالتراث الآشوري، وبالحقبة العباسية. وهو الذي عبّر عن نفسه، في مقدمة كتابه الصادر عام 1994 بالقول (من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري، أو بابلي، أو آشوري، أو عباسي، كان يحب بلده).
ولد محمدغني حكمت في محلة الانباريين بغداد عام 1929، وتخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1953، حصل على دبلوم النحت من أكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1959، حصل على دبلوم الميداليات من مدرسة الزكا في روما ايضا عام 1957، حصل على الاختصاص في صب البرونزفلورنسا عام 1961.
وساهم في اغلب المعارض الوطنية داخل العراق وخارجه وحصل على جائزة احسن نحات من مؤسسة كولبنكيان عام 1964، له مجموعة من التماثيل والنصب والجداريات في ساحات ومباني العاصمة بغداد منها تمثال شهرزاد وشهريار، علي بابا والأربعين حرامي، حمورابي، جدارية مدينة الطب ونصب السندباد البحري في مدخل فندق الرشيد والمتنبي وبساط الريح والخليفة أبو جعفر المنصور والجنية والصياد، إضافة إلى أعمال أخرى لا تحصى، منها 14 لوحة جدارية في إحدى كنائس بغداد تمثل درب الآلام للسيد المسيح، كما أنجز حكمت في ثمانينات القرن الماضي إحدى بوابات منظمة اليونيسيف في باريس وثلاث بوابات خشبية لكنيسة «تيستا دي ليبرا» في روما ليكون بذلك أول نحات عربي مسلم ينحت أبواب كنائس في العالم، فضلا عن إنجازه جدارية الثورة العربية الكبرى في عمان وأعمال مختلفة في البحرين تتضمن خمسة أبواب لمسجد قديم وتماثيل كبيرة ونوافير، كما ساعد حكمت في عمل نُصب الحرية الذي كان من تصميم أستاذه النحات العراقي المعروف جواد سليم الذي وافاه الأجل في سن الثانية والأربعين قبل اكتمال هذا العمل الذي يرمز إلى مسيرة الشعب العراقي من زمن الاحتلال البريطاني إلى العهد الملكي ثم الجمهوري، وتم إنجاز نصب الحرية خلال عامين في فلورنسا في إيطاليا وهو بطول 50 مترا ويضم 25 شخصية بالإضافة إلى الثور والحصان، ويعد أحد أكبر الأنصاب في العالم، ونُقل إلى بغداد عام 1961 في طائرة خاصة انذاك.ومن اقواله :
* معروف أن كل مواضيعي لاعلاقة لها بالسياسة وكلها تؤرخ العراق وتجعل كل عراقي فخوراً بانتسابه لهذا البلد وفخوراً بأنه إبن حضارة وادي الرافدين واعتبر هذا هدفاً يستحق العناء ويدفع العراقي للاعتزاز بهويته وتاريخه، وعندي الكثير من المواضيع أتمنى أن أعود وأنفذها بمادة الحجر العراقي والبرونز العراقي.
* لم امارس طوال حياتي العمل السياسي وبقيت مستقلاً بكل المراحل التي مرت على العراق، لكنني أتأسف لما يحدث من تهديم و تخريب للاعمال الفنية خاصة التماثيل في الشارع، وهذه العملية ليست حضارية وإنها لم تتم بأيدٍ عراقية لأن المعروف عن العراقي أنه يحب الفن والنحت والفنون التشكيلية والمسرح والشعر والادب، ولايعتقد أن عراقيا يسمح لنفسه بهدم تمثال، وما حصل مؤلم و مؤسف والمؤكد أن هناك أطرافاً ليست عراقية تشجع على هذا العمل، لأنه ليس هناك عراقي فكر طوال عمره بهدم تمثال ولي في تجربتي الشخصية دليل، فقد كان الناس يفرحون عندما أنجز واحداً من أعمالي النحتية الكبيرة.
* إن المدرسة العراقية في الفن كانت وما زالت مميزة بالنسبة إلى العالم العربي، ففي المعارض و المهرجانات و اللقاءات التي كانت تقام سواء في بغداد أو العواصم العالمية كان التشكيل الفني العراقي مميزاً، سواء في النحت أو الرسم أو السيراميك، واليوم نلاحظ أن المعارض التي يقيمها الفنانون العراقيون في العراق، أو في خارجه لها ميزة واضحة في الانفراد، سواء في التقنية أو الموضوع أو الشكل أو الالوان، وقد ظهر عندنا رسامون شباب جدد، يقال باللهجة العراقية عنهم " يبيضون الوجه " وقد كنت محظوظاً أن اكتشف و أعرف البعض من هؤلاء الفنانين الذين أصبحوا عالميين معروفين في الأوساط الفنية وهذا ما يسرني و يسر كل العراق.
* كتابي الاخير يتحدث عن أعمالي الخاصه بالابواب التي قمت بنحتها في جميع أنحاء العالم ومن أبرزها باب اليونسكو في باريس ومجموعها 70 بابا منتشرة في كل أنحاء العالم وهي متميزة ومطلوبة اليوم في كل جامعات العالم وخاصة كليات الهندسة نظراً لارتباط العمارة بالابواب.
يذكر ان الفنان قدم آخر اربعة اعمال نحتية له الى امانة بغداد سيتم نصبها في مواقع متميزة في العاصمة بغداد الاول نصب (بغداد) وهو عبارة عن فتاة جميلة تجلس على كرسي بالزي العربي القديم بارتفاع (3) امتار تعتلي قاعدة بارتفاع (10.5) عشرة امتار ونصف المتر ليصل ارتفاع العمل بالكامل لـ (13.5) ثلاثة عشر متراً ونصف المتر ويقع في ساحة الاندلس، كما أقام اوائل العام الحالي معرضا في غاليري بنك القاهرة ـ عمان تحت مسمى (فنان من الجيل الجميل) وضم المعرض اكثر من 40 عملا من البرونز، مختلفة الأحجام والمواضيع.