عُدتُ اِلى بَغداد
عُدتُ لأرسُمَ مَلامِحَ الماضي و أُجَدِّدَ تَفاصيلَ ذاكِرَتي و أروي خَيالي بَل أكتَشِفَ سِرَّ ما جَرى
أتَيتُ أقفِزُ فَوقَ الصَّمتِ يَحمِلُني الشَّوقُ و الحَنينُ الَيكِ يا أُنثى تَملِكُني و تَجمَعني
وصَلتُ و وقَفتُ في ذاتِ المَكانِ و نَظَرتُ حَولي و لَم أعرِف أحَداً ، أغمَضتُ عَينَيَّ لَحظةً ثُمَّ بَدَأتُ أنظُرُ حَولي ثانيَةً أتَسائَلُ مَذهولاً:
أينَ البابُ و أينَ البَيتُ و أينَ الجيران؟
كُلُّ شَيءٍ تَغَيَّرَ و لَم يَبقَ أيُّ شَيءِ كَما كان
فأينَ الشّارِعُ الَّذي اِلتَقينا فيهِ أوَّلَ مَرَّةٍ و أينَ السّاحَةُ الَّتي تَعَوَّدنا اللِقاءَ فيها و أينَ المكتَبَةُ الَّتي كُنّا نَرتادُها و أينَ الكُشكُ الَّذي كُنتُ أُخابِرُكِ مِنهُ و أينَ أنامِلي و أينَ أنامِلُكِ و أينَ النّافِذَةُ الَّتي كانَتْ أُختُكِ تُغلِقُها في وَجهي و أينَ المَكانُ الَّذي اِفتَرَقنا مِنهُ قَبلَ سَفَري
ما بالُكِ يا (بَغداد)
كيفَ أصبَحتِ هكذا لا أعرِفُكِ و لا تَعرِفينَني
أنتِ مَدينَةُ السَّلامِ و مَدينَةُ المَنصورِ و الرَّشيدِ ما كانَ و لَن يَكونَ في الدُّنيا مَن بِجَمالِكِ فأينَ أنتِ؟ و كيفَ اختَفَيتِ هكذا خَلفَ هذهِ الكُتَلِ الصَّمّاء؟ أينَ البَغدادِيّونَ ؟ أَ نَكَرتِ لَهُم يا بَغداد؟ لِماذا لا أرى أحداً مِنهُم اِلاّ الحَراميَّةَ الأربَعين؟
و أنا الانسانُ و الوجَعُ و حُبِّي لِلُمى أما عَرفتيني؟
أنا القادِمُ مِن غُربَتي الى غُربَتي فيكِ أنتِ
تَاللهِ لا أنا أنا و لا أنتِ أنتِ
تَاللهِ لا أنا أنا و لا أنتِ أنتِ