بعد حصارهم في الفلوجة، أصبح مقاتلو داعش اقل حرية في الحركة وهدفا سهلا لطيران الجيش وخاصة في جنوب شرق الفلوجة، لهذا سعوا الى فتح جبهة واسعة في الزيدان والنعيمية والعناز ومنطقة جسر الشكر باتجاه بغداد، وهذه المنطقة شبيهة إلى حد كبير بمفرق الطرق بين بغداد والأنبار وصلاح الدين وشمال بابل، فهي مناطق زراعية واسعة ذات طبيعية جغرافية تصعب حركة العجلات فيها، بالاضافة الى التعاطف الشعبي الكبير مع المقاتلين بسبب اخطاء لواء المثنى تجاه اهالي تلك المناطق.
ومنذ بداية معارك الانبار، توافد المئات من مقاتلي داعش الى حزام بغداد الشمالي والغربي والجنوبي، ويتبادر السؤال إلى أذهان بعض المراقبين: أين ذهب مقاتلو داعش؟
سلسلة من العمليات الإرهابية التي ضربت حزام بغداد تشير إلى أن مقاتلي داعش العائدين الى العراق، وجدوا ملاذا حصينا في حزام بغداد.
فبعد سلسلة التقدم التي حققها مقاتلو داعش في معارك البوبالي والبوعبيد والزوية والخالدية، أقدم التنظيم على “ضرب الخاصرة المصابة” والمتهيجة طائفيا في حزام بغداد وذلك انطلاقا من النقطة الأكثر هشاشة أمنيا في بغداد وهي حزام بغداد!
وهذا ينذر بالمزيد من الاضطراب وزعزعة الأمن في بغداد المركز ومناطق التاجي والطارمية وأبي غريب في الأيام المقبلة. وانتقال المعارك الى حزام بغداد غاية بالنسبة لداعش ولها أهمية توازي او تزيد على مناطق الأنبار، وايضاً لإعادة بناء وترتيب صفوف مقاتليها.
بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من معركة بهرز فتح مقاتلو داعش جبهات متعددة في الصينية وقرة تبة والزيدان والكرمة وذراع دجلة، فالأمر لا يتعلق ببهرز فقط بل بالتكتيك الذي يحمل حقيقة “قادمون يا حزام بغداد”، واني أؤكد أن الهجوم على كل تلك المناطق جاء من خلال خلايا موجودة بالفعل داخلها مع مجموعة من العائدين من جبهة سوريا وربما القليل من النصرة من مناطق مجاورة.
إن ضعف الجهد الاستخباري الذي يشكل تهديدا رئيسيا للأمن في حزام بغداد، خلق أرضية ملائمة لزعزعة الأمن في بغداد وقطع طريق محافظات الشمال وطريق محافظات الوسط والجنوب. وأظن أن داعش يخطط لهجوم آخر في جنوب بغداد، الذي أصبح بالفعل معقلا لمئات من مقاتليه، وإنه من الطبيعي أن يلجأ الى حزام بغداد لأن المكان يوفر نفس الظروف تقريبا التي كانت توفرها مناطق شمال وشرق سوريا!
ومن حيث وجود أعداد كبيرة من المتعاطفين ووجود نفس العقيدة الدينية والعشائرية لحزام بغداد خاصة في مدينة هور رجب وعرب جبور والطارمية والتاجي والمحمودية ًواليوسفية وأبي غريب وذراع دجلة والمدائن وإضافة إلى شعورهم المشترك بالتهميش والمظلومية!
وايضا القوات الامنية لا تفرض سيطرتها على تلك المناطق والأراضي شاسعة جدا ويصعب مراقبتها بشكل مستمر.
فحزام بغداد عبارة عن محافظة مفتوحة ومكان يوجد فيه كل شيء.وإذا كان داعش يبحث عن انصار جدد، فإن حزام بغداد يوجد فيه البسطاء من الشباب الذين يتم شحنهم دينيا لخوض معارك الهوية مع الجيش!
اهتمام داعش ينصب اليوم على تنفيذ هجوم تكتيكي ضد القوات الحكومية والصحوات في كل تلك المناطق لغرض الاستنزاف وتشتيت تركيز القصف المدفعي وطيران الجيش، والضغط على الحالة المعنوية للجندي..