>
من المعلوم أنّ المجتمع يقوم بشكل أساس على ثلاث ركائز أساسيّة هي:



1- التفاعل بين الحالتين الأنثوية والذكرية، بما فيهما من خصائص نفسية جسدية، وانّ سعادة المجتمع واستقراره النفسي، ونموّه الاجتماعي والمادي وتطوّره الانتاجي، واستقامة سلوكه يرتبط إلى حدّ بعيد بالتفاعل السويّ المتبادل بين الحالتين النفسيّتين، الحالة الأنثوية والحالة الذكرية.



2- رابطة الفكر والثقافة المشتركة.



3- تبادل المنافع بين أفراد المجتمع بمختلف عناصره من ذكور وأناث.



وتأسيساً على الركيزتين، الأولى والثالثة، نشأت الوظيفة الاجتماعية لكل فرد من أفراد المجتمع، ذكوراً وأناثاً، بما يناسب قدراته الجسدية والعقلية وميوله النفسية.

ومن هذه المنطلقات تتحرّك المرأة للمشاركة في بناء الأسرة والمجتمع، وانّ أوسع مجالات هذه المشاركة لهي الأُسرة.

وقد توصّلت الدراسات النفسية إلى ما بيّنه القرآن الكريم، من أنّ الأُسرة هي قاعدة بناء المجتمع ومؤسّسة من أهم مؤسّساته والأساس الذي تُبنى عليه الحياة الاجتماعية؛


لذا وضّح القرآن ذلك ووضع قواعد العلاقة الزوجية وبيّن الحقوق والواجبات لكلّ من الرجل والمرأة؛ ليمكنهما من العمل، وبناء الحياة الاجتماعية السعيدة.




قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/ 21).



(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (الأعراف/ 189).




(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ...) (النساء/ 34).




(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة/ 228).




(وَعاشِروهُنَّ بالمعْرُوف) (النساء/ 19).




(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) (الطلاق/ 7).




(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2).


وكما تحدّث القرآن في الأُسس والروابط الإنسانية والقانونية في الأُسرة، تحدّثت السنّة النبوية عن ذلك،

نذكر منها ما روي عن الرسول الكريم (ص): "كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيّته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده،

وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيِّده، وهو مسؤول عنه، ألا كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته".






ومن المفيد أن نشير هنا إلى أنّ البناء الذي تمارسه المرأة في المجتمع تارة يكون عملاً مباشراً، وأخرى من خلال علاقتها النفسية والأخلاقية بالزوج والأبناء.


فالزوجة التي توفِّر أجواء الراحة وحُسن المعاشرة للزوج وتحقِّق له الود والمحبة والاستقرار النفسي كما ينبغي للعلاقة بينهما،، فإن مثل تلك الأجواء النفسية تؤثِّر على شخصية الزوج وعلاقته الاجتماعية بالآخرين وفي قدرته على الانتاج والعطاء،


ذلك لأنّ الوضع النفسي للإنسان يؤثِّر في مجمل نشاطه وعلاقاته بالآخرين. أمّا حينما تكون الحياة الزوجية مليئة بالمشاكل والقلق والتوتر، فإن ذلك ينعكس على شخصية الزوج وفي عمله وانتاجه وعلاقاته بالآخرين.

وكما تنعكس الأجواء النفسية في الأُسرة على الزوج، تنعكس كذلك على الأبناء. فإنّ الطفل الذي ينشأ في جوّ الكراهية والتوتر والمشاكل وسوء المعاملة، من الصعب أن يكون شخصية سويّة في سلوكه وعلاقاته مع الآخرين؛

وفي توجيه طاقاته الفكرية والجسدية، فكثيراً ما يتحول الطفل بسبب ظروف التربية السيِّئة إلى إنسان عدواني شاذّ أو كسول غير منتج أو متسكِّع محدِث للمشاكل والجرائم. في حين تساهم التربية السليمة في تكوين الشخصية السليمة،


فتؤثِّر تلك التربية في مستقبل الطفل العلمي والاجتماعي والاقتصادي. لذا كان دور المرأة فعّالاً في البناء الاجتماعي من خلال التربية وإعداد العناصر الصالحة للمجتمع، وكذلك من خلال توفير الأجواء السليمة للزوج.


فالقرآن الكريم والسنة المطهّرة حدّدا في هذه النصوص الأُسس والقواعد القانونية والنفسية والتربوية والتنظيمية والادارية للأُسرة، ومن خلال ذلك تساهم المرأة في بناء المجتمع.




فبناء الأُسرة يقوم على أسس:



1- الحبّ والودّ والرحمة والاحترام بين الزوجين.



2- للمرأة من الحقوق مثل ما عليها من الواجبات.



3- للرجل القوامة ودور القيادة والإشراف الاداري على البيت.



4- التعاون على شؤون الحياة الزوجية.



5- الاعتدال في النفقة والحفاظ على اقتصاد الأُسرة.


6- الشعور بالمسؤولية، شعور الزوج بمسؤوليته تجاه زوجته وأفراد أسرته، وشعور الزوجة بالمسؤولية تجاه زوجها وأبنائها وأسرتها.

فهي مسؤولة عن رعاية البيت والأبناء، والمشاركة في تربيتهم تربية صالحة، والتعامل معهم بالحبّ والعطف والرعاية.






المصدر