TODAY - 11 September, 2011
حسن شعبان: انها مهنة لا تحظى بالاحترام حتى داخل المحاكم ومحترفوها في ضائقة مالية
محامو العراق اسقطوا حكومة لنوري السعيد لكنهم يتعرضون «لانتهاكات منظمة» حتى الساعة
بغداد – العالم
بعد اسبوع حافل بالاعتصامات والاضرابات التي نفذتها نقابة المحامين العراقيين، يؤكد محام وخبير قانوني بارز ان المحامين العراقيين يتعرضون لانتهاكات مستمرة من المؤسسات القضائية والدوائر الحكومية على حد سواء بما يؤشر غياب وتراجع مكانة "القضاء الواقف" والمدافعين عن العدالة واحقاق الحق، عازيا ذلك الى تراجع مكانة القانون في عراق ما بعد 2003.
وفيما اكد ان شريحة المحامين تأتي بالمرتبة الثانية بعد الصحافة من حيث الاستهداف، لدورهم السياسي والاجتماعي، طالب مؤسسات الدولة بتوفير الحماية المادية والمعنوية للمحامين بما يعيد لهم هيبتهم ويكفل لهم حياة حرة وكريمة.
وكانت عدد من محافظات العراق شهدت الاسبوع الماضي اعتصامات وتظاهرات، نظمها اعضاء في نقابة المحامين، لمطالبة مجلس القضاء الاعلى بتحسين التعامل معهم، احتجاجا على قطع الكهرباء عن غرف المحامين، فيما اتهم الاخير النقابة بتسييس مطالبها لكن وعد بتلبيتها.
وفي مقابلة مع "العالم" امس الاحد ذكر حسن شعبان، الخبير القانوني والمحامي البارز، بالدور التاريخي لنقابة المحاميين في التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها العرق الحديث ويقول "لعبت نقابة المحامين منذ تاسيسها دورا مهما في الحياة العامة لا سيما السياسية، فقد تمكنت من اسقاط احدى حكومات نوري السعيد واستطاعت مقاومة النزعات التسلطية وهو ما منحها مكانة مميزة لدى الحكومات المتعاقبة مقرونة بالاحترام لا سيما وان اغلب من تولى رئاسة النقابة كانوا من الشخصيات القانونية المرموقة". وتأسست نقابة المحامين العراقيين بموجب القانون رقم 91 الصادر سنة 1933، وكان نجيب السويدي أول نقيب للمحامين، وهي تضم اليوم في عضويتها آلاف المحامين في عموم العراق.
ويرى شعبان ان "دور نقابة المحامين تقلص كثيرا بعد 2003، بسبب عدم وجود علاقة ايجابية بين النقابة والمؤسسات القضائية والحكومية".
ويضيف المحامي المخضرم، الذي مارس عمل المحاماة اكثر من اربعة عقود، ان "المؤسسات الحكومية لا تفهم طبيعة عمل ودور المحاماة ورجال القانون، فنلاحظ الاجواء السلبية التي تحيط عمل المحامي داخل الدوائر الرسمية، بعكس العهود السابقة حيث كان المحامي يتمتع باحترام وحضور قوي".
ويشير الى ان "القضاة الجدد قليلو الخبرة ولا يعرفون دور المحامي واهميته ويعاملونه معاملة المراجع العادي في المحاكم، واحيانا يطالبون بطرده واخراجه، واحيانا يجبرونه على الانتظار لساعات على ابواب القاضي".
ويذكر القانوني العراقي بـ"وضع المحامين في المحكمة الخاصة بمسؤولي النظام السابق، وتعرضهم لضغوط وممارسات تنم عن عدم فهم لطبيعة الوظيفة التي يقوم بها المحامي، لان المحامي الناجح هو من يدافع عن موكله مهما كانت حقيقة ذلك الموكل، لكن البعض لا يفهم ذلك".
وعن موجة الاضرابات الاخيرة التي دعت اليها نقابة المحامين، يقول حسن شعبان ان "مطالب النقابة محقة ومشروعة وقانونية، ومن حق المحامين التمتع بامتيازات ومزايا تحفظ كرامته ومكانته"، ويتساءل "هل من الصحيح ان يجبر المحامي على السير 3 كيلو مترات للوصول الى المحكمة وتقطع الكهرباء عن غرف جلوسه في المحاكم".
وكان محامو النجف طالبوا، خلال اعتصام نظموه الاربعاء الماضي، بإقالة رئيس محكمة استئناف المحافظة وتحسين التعامل معهم، في حين هددوا بتنظيم تظاهرات في عموم العراق في حال عدم استجابة مجلس القضاء الأعلى.
بدوره قلل مجلس القضاء الأعلى، الخميس، من أهمية تهديد محامي النجف بتنظيم تظاهرات، مشيرا إلى وجود توظيف سياسي للموضوع بهدف النيل من "لحمة القاضي والمحامي".
ويقول شعبان "انا شخصيا اتحاشى مراجعة مراكز الشرطة وبعض دوائر الدولة، لاننا حينها سنواجه بمعاملة ثقيلة لا تحتمل".
ويلفت المحامي البارز والناشط الحقوقي الى ان "نظام صدام اصدر مرسوما من ديوان الرئاسة الزم جميع دوائر الدولة بمعاملة المحامي باحترام واعطاءه مكانة مميزة، واعتبر الاعتداء عليه اعتداء على موظف الدولة".
ويعترف حسن شعبان "بوجود علاقة سلبية بين القضاة والمحامين اثرت على دور القانون ومكانة القضاء في البلاد".
ويتابع "تراجع دور القانون في العراق بعد 2003 اثر بشكل كبير على دور المحاماة، وما يواجهه المحامون في الوقت الحالي من قلة احترام وانتهاك منظم ليس بمعزل عن وضع البلاد العام".
وينوه شعبان الى ان "مهنة المحاماة تحظى باحترام كبير في الولايات المتحدة يفوق مكانة القضاء نفسه، كما ان المحامي لديه صلاحيات كاتب العدل فهم يلعبون دورا مهما في الحياة العامة والسياسية".
وعن اتهامات التسييس التي وجهها مجلس القضاء الاعلى لاعتصامات النقابة، يؤكد الخبير القانوني "التسييس ممكن، وهناك دور سلبي لبعض اعضاء النقابة، لكن هذا ليس الصورة الكاملة، فهناك انتهاكات وهناك ضغوطات، وهناك تجاهل متعمد".
ويوضح "من حق المحاميين كاشخاص العمل بالجانب السياسي، اما كنقابة فقانون المحاماة لا يسمح لها ان تكون تابع لجهة سياسية معينة".
وبشأن الاوضاع اليومية التي يعيشها شريحة المحامين ودور الدولة في ذلك، يقول المحامي المخضرم حسن شعبان "المحامي يعاني من ازمة مالية خانقة، فقد تراجعت الدعاوى بشكل ملحوظ بعد 2003، والمحامي يحصل على مرتب تقاعدي لا يتجاوز الـ 150 الف دينار"، ويتابع متسائلا "الدولة تمنح الكثير من المزايا والامتيازات للعديد من شرائح المجتمع لماذا لا تلتفت لمثل هذه الشريحة المهمة؟".
ويلفت الى ان "موارد دائرة تقاعد المحامين في النقابة لا تفي باعطاء مرتبات اعلى لاعضائها، لانها تعتمد على بدلات الاشتراك والطوابع، ومردوداتها شحيحة".