صعاليك
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
صعلوك اسم يطلق على جماعة من العرب في عصر ما قبل الإسلام عاشوا واطلقوا حركتهم في الجزيرة العربية ويعودون لقبائل مختلفة، كانوا لا يعترفون بسلطة القبيلة وواجباتها، فطردوا من قبائلهم. ومعظم أفراد هذه الجماعة، من الشعراء المجيدين وقصائدهم تعدّ من عيون الشعر العربي.
تاريخهم
حدد الدكتور شوقي ضيف في كتابه العصر الجاهلي معنى الصعلوك لغة بأنه الفقير الذي لايملك المال الذي يساعده على العيش وتحمل أعباء الحياة, مؤكداً أن هذه اللفظة تجاوزت دلالاتها اللغوية وأخذت معاني أخرى كقطاع الطرق الذين يقومون بعمليات السلب والنهب.
امتهن الصعاليك غزو القبائل بقصد الاخذ من الاغنياء وإعطاء المنبوذين أو الفقراء، ولم يعترفوا بالمعاهدات أو الاتفاقيات بين قبائلهم والقبائل الأخرى ما أدى إلى طردهم من قبل قبائلهم، وبالتالي عاشوا حياة ثورية تحارب الفقر والاضطهاد وتسعى للتحرر في شكله المتمرد.
واصطبغت أدبيات الصعاليك برؤيتهم عن الحياة فجاءت معظم قصائدهم تحكي عن شجاعتهم وقدرتهم وتحديهم للمجتمع. وشعرهم يمتاز بقوة العاطفة وسعة الخيال وفيه من الحكمة الشيء الكثير. ومن مميزات شعرهم الخلو من المقدمات الطللية فكانوا أول من كسر بنية القصيدة الجاهلية كما خلا شعرهم من المدح والطول فانتهجوا شعرا جديدا.
أقسام الصعاليك
ويمكن تقسيم الصعاليك إلى فئات ثلاث:
- فئة الخلعاء الشذاذ وهم الذين خلعتهم قبائلهم بسبب أعمالهم التي لاتتوافق مع أعراف القبائل التي ينتمون إليها مثل حاجز الأزدي وقيس الحدادية والبراض بن قيس الكناني.
- وفئة أبناء الحبشيات السود ممن نبذهم آباءهم ولم يلحقوهم بأنسابهم مثل السليك بن السلكة، وتأبط شراً والشنفري
- وفئة احترفت الصعلكة احترافاً وحولتها إلى ما يفوق الفروسية من خلال الأعمال الإيجابية التي كانوا يقومون بها مثل عروة بن الورد.
أشعارهم وصفاتهم
وما يلفت النظر في أشعار هؤلاء الصعاليك ترديد صيحات الفقر والجوع والحرمان .. كما كانوا ناقمين وثائرين على الأغنياء والأشحاء وامتازوا بالشجاعة والصبر وقوة البأس والمضاء وسرعة العدو وقد ضرب بهم المثل في شدة العدو حتى قيل »أعدى من السليك « و »أعدى من الشنفري«.
كانت غاراتهم تتركز في المناطق الخصبة وترصد قوافل التجارة وقوافل الحجاج القاصدة مكة المكرمة وكثيراً ما تغنوا بكرمهم وبرهم بأقاربهم لأن ما يحصلون عليه كان يوزع على الأهل والأقارب المحتاجين كما اتسمت لغتهم الشعرية بالترفع والسمو والشعور بالكرامة في الحياة وهذا ما نجده عند أبي خراش الهذلي القائل:
وإني لأثوي الجوع حتى يملني ***فيذهب لم يدنس ثيابي ولاجرمي
وأغتبق الماء القراح فأنتهي*** إذا الزاد أمسى للمز لج ذا طعم
أرد شجاع البطن قد تعلمينه*** وأوثر غيري من عيالك بالطعم
مخافة أن أحيا برغم وذلة*** وللموت خير من حياة على رغم
فهو الصابر على الجوح و يكفيه الماء الصافي بينما يصاب كل من حوله من أشحاء النفوس بتخمة الطعام وإذا ما وجد الطعام فضل إطعامه لغيره ويعني هنا أولاده دون أن يمسه وكل ما يعمله من أجل ألا يوصم بالعار والمذلة.
والحقيقة أن الصعلكة أخذت شكلاً إيجابياً رغم أنها قامت على السلب والنهب، لأن المقصد من هذا الفعل كان يرمي إلى إطعام الفقراء من أموال الأغنياء وكأنهم يؤكدون أن للفقير حقا في مال الغني.
ميزة أخرى غلبت على هؤلاء الصعاليك وهي عدم تعرضهم في غاراتهم وغزواتهم للأسياد الشرفاء وإنما للأغنياء الأشحاء وهذا المبدأ تمثله سيد الصعاليك عروة بن الورد. كما عرف عن هؤلاء الصعاليك اعتزازهم بأنفسهم وهذا الاعتزاز نابع من مدى قناعتهم بالفعل الذي يقومون به يقول الشنفري:
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى *** وفيها لمن خاف القلى متعزل
حتى أنه يفضل أن يستف التراب على أن يتفضل عليه إنسان لأنه يملك نفساً حرة أبية تأبى الضيم:
أديم مطال الجوع حتى أميته *** وأضرب عنه الذكر صفحاً فأذهل
وأستف ترب الأرض كي لايرى له *** علي من الطول امرؤ متطول
كما أنهم أضفوا على أنفسهم صفة الكرم إلى حد الافراط حتى أن تأبط شراً لم يبق على شيء لغده:
يقول أهلكت مالاً لو قنعت به *** من ثوب صدق ومن بز وإعلاق
عاذلتي إن بعض اللوم معنفة *** وهل متاع إن أبقيته باق
ونأتي إلى سيد الصعاليك عروة بن الورد العبسي إذ كان أبوه من شجعان قبيلته وأشرافهم كما كان له دور البارز في حرب داحس و الغبراء. أما أمه فكانت من نهد من قضاعة وهي عشيرة وضيعة وهذا ما جعل شاعرنا يشعر بالعار وقد عبر عنه بقوله:
وما بي من عار إخال علمته *** سوى أن أخوالي إذا نسبوا نهد
ويبدو أن هذا العار الذي كان يحسه هو الذي دفعه إلى دروب الصعلكة والثورة على الأغنياء. وشاعرنا لم يخلع من قبيلته كغيره من الشعراء الصعاليك وإنما ظل يحتل مكانة كبيرة فيها، وقد اتصفت صعلكته بكل جوانب المروءة والإخاء والتعاون والتضامن الاجتماعي، إذ كان يغير على القوافل ليس بقصد السلب والنهب وإنما كان يغزو لإعانة الفقراء والمرضى والمحتاجين والمستضعفين من قبيلته وهؤلاء كانوا دوماً يصرخون بأعلى أصواتهم: "أغثنا يا أبا الصعاليك".
ولأنه لم يكن يغير إلا على الأغنياء الذين عرفوا بالشح والبخل وعدم مد يد المعونة إلى أحد وخاصة المحتاج لذلك اكتسبت صعلكته نبلاً أخلاقياً أكبر من الفروسية حتى أن عبد الملك بن مروان كان يقول: »من زعم أن حاتماً أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد« وعروة هو القائل:
أفرق جسمي في جسوم كثيرة *** وأحسو قراح الماء والماء بارد
وهو الذي لايستطيع القعود عن الغزوات لأن عليه حقوقاً وواجبات يجب أن يؤديها إلى المحتاجين من قبيلته ونسائها المعوزات لهذا فهو يكره الصعلوك الخامل بل يحب الصعلوك المشرق الوجه وفيه يقول:
ولله صعلوك صحيفة وجهه *** كضوء شهاب القابس المتنور
مطلاً على أعدائه يزجرونه*** بساحتهم زجر المنيح المشهر
وإن بعدوا لايأمنون اقترابه*** تشوف أهل الغائب المتنظر
فذلك إن يلق المنية يلقها*** حميداً وإن يستغن يوماً فأجدر
وهكذا نجد أن عروة بن الورد كان صعلوكاً شريفاً وشجاعاً ومقداماً وقد استطاع أن يجعل من الصعلكة ما رفعها إلى درجة المروءة والسيادة لأن الغرض منها كان نداءً يدعو للتضامن والتكافل الاجتماعي الذي يراد منه في النهاية الخير للجميع وخاصة الناس المعوزين من الأهل والأقارب بل هي تأكيد بأن للفقراء حق في مال الأغنياء
من أشهر الصعاليك
- شضاض الضبي التميمي ويضرب فيه المثل في ذلك وقالت العرب: ألص من شضاض
- أبو خراش الهذلي، واسمه خويلد بن مرة. أشهر صعاليك هذيل شاعرٌ فحلٌ مخضرم أدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه. قضى طرفاً كبيرا من حياته قبل الإسلام ثائراً بدم إخوته بني لُبنى. توفي في خلافة عمر من لدغة حية.
- عروة بن الورد، أشهرهم على الإطلاق وكان سيداً لهم يلجأون له وقت الحاجة. مات عام 596م.
- السليك بن السلكة، من بني مقاعس من سعد بن زيد مناة من تميم، توفي نحو 605م؟
- تأبط شراً: قدرت وفاته بين عامي 530م و535م.
- البراض بن قيس الكناني، وهو من الفتاك وقالت العرب: أفتك من البراض. وهو قاتل عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ما أجج حرب الفجار بين كنانة و قيس عيلان .[1] وهو القائل:
نقمت على المرء الكلابي فخره
وكنت قديما لا أقر فخارا
علوت بحد السيف مفرق رأسه
فأسمع أهل الواديين خوارا
- الأُحَيمِر السَعدي: من بني تميم. شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصاً فاتكاً مارداً، من أهل بادية الشام. وهو صاحب البيت السائر على كل لسان:
عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذْ عَوى *** وَصَـوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطـيرُ.
- الشنفري الأزدي، وهو ثابت بن أوس الأزدي، توفي نحو 525م أي قبل الهجرة.
- مالك بن الريب المازني التميمي: وهو أول من رثى نفسه في الإسلام وكان من أشهرهم وله في خراسان راوايات كثيرة وتوفي في مرو.
- الحارث بن ظالم المري، توفي نحو 600م.
- عُبَيد بن أَيوب العَنبَري: من بني العنبر بن عمرو بن تميم، من شعراء العصر الأموي، كان لصاً حاذقاً، أباح السلطان دمه، وبرئ منه قومه، فهرب في مجاهل الأرض، واستصحب الوحوش ومن سائر شعره البيت:
لَقَد خِفتُ حَتَّى لَو تَمُرُّ حَمامَةٌ *** لَـقُلتُ عَدُوٌّ أَو طَليعَةُ مَعشَرِ
- حاجز بن عوف الأزدي، توفي قبيل الإسلام بفترة قصيرة.
- الأطيلس الأعسر البقمي: وكان من العدائين.
- أبو منازل السعدي، وهو فرعان بن الأعرف من بني تميم، قيل توفي في خلافة عمر بن الخطاب.
- الخطيم بن نويرة العبشمي: من عكل من الرباب من تميم. شاعر أموي، من سكان البادية، وأحد لصوصها، أدرك جريراً والفرزدق ولم يلقهما، وهو من أهل الدهماء وحركته فيما بين اليمامة وهجر.
- القتال الكلابي: من بني عامر بن صعصعة، توفي نحو 66 هـ.
- فضالة بن شريك الأسدي، توفي عام 64 هـ.
- صخر الغي، من هذيل، توفي في صدر الإسلام.
- الأعلم الهذلي، وهو حبيب بن عبد الله الهذلي، وهو أخو الشاعر الصعلوك صخر الغي، وقد عاش حتى عصر صدر الإسلام.
- مسعود بن خرشة، من بني حرقوص بن مازن، من تميم. شاعر بدوي إسلامي، أحد صعاليك بني تميم
- أبو الطمحان القيني.
- أبو النشناش النهشلي الدارمي التميمي، وهو شاعر مجيد ومن شعره:
ولم أرَ مثلَ الفقرِ ضاجعَهُ الفتى *** ولا كسواد الليلِ أخفقَ طالبُهْ
قصتهم
الشعراء الصعاليك
نظام الصعاليك ... هو نظام قديم ... كان سائدا و متعارف عليه ..عند كافة القبائل العربية ...
والشعراء الصعاليك
هم
فئة من الشعراء .. .ظهروا في العصر الجاهلي قبل الاسلام .. كانوا لا
يتورعون عن القيام بأي فعل .. من شأنه أن يساعدهم ويبقيهم أحياء ..و كلمة
صعلوك كما هو معروف .. هي كلمة .. كانت تطلق علي اي فرد ... من أفراد
القبيلة ... يقوم بأفعال منكرة ..لا تتفق مع السلوك المتوقع و المتعارف
عليه.. لدي افراد القبيلة ..
و بسبب العار الذي يلحقه بها انظمام مثل
هذا الفرد بين باقي القبائل .. كانت القبيلة تطرد هذا الشخص .. ولا تعترف
به ويصبح (( صعلوكا )).. بسبب ما قد قام به .. من أفعال منكرة لا تقرها
وتقبلها .. وبسب هذه العقوبة .. و ضمن هذا الوضع الجديد ... يصبح الشخص هنا
... منبوذا من المجتمع والناس والقبيلة ككل ... لذلك كانت تضيق علي هذه
الفئة من الناس ((الصعاليك )) سبل العيش الكريم .. بسبب عدم تقبل الناس
للتعامل معهم ... فكانوا يتجهون الي خارج المدينة ..ليكونوا ضمن عدة افراد
مجتمعين . فتجدهم يقطعون الطريق و يغيرون علي القوافل يسلبونها وربما
يقتلون ويفعلون أفعال أكبر من ذلك ...
علي اية حال ... لعله من المناسب الان ..ان نتعرض الي اهم الصفات التي تميز بها الشعراء الصعاليك ..
صفاة الصعاليك
الصعاليك
ايها الاخوة والاخوات ... هم ايضا احد مكونات المجتمع .. رغم عدم أعتراف
ونكران الأخير (( المجتمع ))لهم ..الا انهم بالضرورة يشكلون .. فئة وشريحة
من شرائح المجتمع القائم في ذلك الوقت ... لذلك لا يمكن ان ننزع الطابع
الانساني عنهم بالمطلق .. فقد كان بعض هؤلاء الشعراء يتبنون فلسفة أو قضية
أنسانية معينة ... تستطيع ان تلامسها عندما تقرأ اشعارهم التي قالوها ..
علي سبيل المثال .. الشاعر تأبط شرا .. فلسفته وطموحه في الحياة هو الصداقة
بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معني .. أما الشاعر عروة بن الورد فالقضية
الانسانية التي تبناها هي أطعام الفقراء والمساكين ..لذلك كان يسرق ويسلب
حتي يطعمهم .. وقد أطلق عليه لقب أبو المساكين أو ابو الفقراء
اما اهم مايتميز به الصعاليك كحالة عامة يا اخوان ... فأنهم كانوا عدائين ماهرين لا يشق لهم غبار !!!
فبسبب
فقر و حاجة الصعاليك ... وعدم توفر قدر من المال الكافي لديهم ... يكفل
لهم شراء فرس أو دابة يركبونها في غاراتهم ... فقد اعتمد أغلبهم ... على
خفة حركته وشدة بأسه وتحمله الشديد .. و العدو لمسافات بعيدة وطويلة في طلب
الرزق... يساعدهم في ذلك .. سرعتهم في الهروب من تعقب المتعقبين واللحاق
بهم ...
كان من بينهم من ضرب به المثل في زمانه ... في سرعة الركض و شدة
العدو.. ورويت وقيلت عنه الأقاصيص في ذلك ... من أجل هذا عرفوا وسموا
بـ((العدائين))
وقد صار العدو والركض من أهم صفاتهم ومميزاتهم ... التي امتازوا بها عن غيرهم ... حتى
قيل
إن الخيل لم تكن تلحق بهم وتدركهم... ونعتوا بأنهم كانوا أشد الناس عدواً
... وانهم لايجارون ركضا و عدواً ... بل انه لايمكن اللحاق بهم ابدا ...
!!!
أما عن أبرز اسماء هذه الفئة من الشعراء والذين يعرفون
بالشعراء (( الصعاليك )) فهم: الشنفري ...وتأبط شراً ... و السليك بن
السلكة ... وعروة بن الورد ... وعمرو بن براق ... ونفيل بن براقة ...
والقتال الكلابي ... والاعلم الهذلي اخو صخر الغي الهذلي ... والمنتشر بن
وهب الباهلي ... وأوفى بن مطر المازني .. وفضالة بن شريك .. وغيرهم
علي اي حال ... اليوم سوف يكون حديثنا منصبا علي أحد هؤلاء الشعراء المتميزين .. وهو السليك بن السلكة ...
السليك بن السلكة
وليلة جابان كـررت عليهـم **** على ساحة فيها الاياب حبيب
عشـية كدت بالحرامي ناقـة **** بحـيهلا يــدعـــو بها فـتجـيـب
فضاربت اولى الخيل حتى كانما **** اميل عليها ايدع وصبيب
ملاحظة
... الأبيات السابقة .. يصف فيها سليك أحد هجماته وغاراته ..التي أعتمدت
علي أسلوب الكر المفضل لديه عندما يغير علي القوافل ويسلبها
اولا
... لابد ان نعرف ان ((السلكة)) الأنثى من أولاد الحجل .. وهو طائر بحجم
الدجاجة او اصغر قليلا يمتاز بالسرعة وخفة الحركة ... والذكر منه يسمي سلك
.. لهذا سمي سليك بن السلكة
سليك هو شاعر من الفتاك اللصوص ... من صعاليك العرب العدائين الذين كانوا لا يلحقون ولا تعلق بهم الخيل إذا ما عدو ..
ولقد نسيت في اي كتاب قرأت
ان
عمـرو بن معد يكرب الزبيـدي ...رضي الله عنه ... وهو فارس اليمن .. ومن
فرسان الجاهليةالمعدودين وبطل من أبطال الإسلام المعروفين قال : -->
((اني أتي بالضعينة من الشام الى اليمن لااخشى عليها مالم يقابلني حراها او
عبدها
وقصد بالعبدين (( عنترة بن شداد وسليك بن السلكة )) لأن السليك
كان أسود اللون ايضا .. وسواء صدقت هذه المقولة ام لا ... فهي تدل على ما
لسليك من شجاعة وبطش شديدين
أخبار السليك بن السلكة ونسبه
نسبه:
هو
السليك بن عمرو بن يثربي .... وقيل أيضا ان ابوه هو بن عمير بن يثربي ...
وليس عمرو ... أحد بني ((مقاعس)) وهو الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد
مناة بن تميم.
والسلكة ... أمة وهي أمة سوداء ... وكان يغير على
القبائل .. لاسيما القبائل اليمانية وقبائل ربيعة ... وكان من العارفين
باقتفاء الأثر والقصاصين. ومن العالمين بمسالك الطرق وطبيعة الأرض
وفيما يلي سوف نستعرض للأقوال التي ذكرها وقالها عنه بعض الأدباء والمؤرخين ...
يقول الأخفش عن السكري عن ابن حبيب عن ابن الأعرابي
قال: وفرئ لي خبره وشعره على محمد بن الحسن الأحوال عن الأثرم عن أبي عبيدةقال
أخبرني ببعضه اليزيدي عن عمه عن ابن حبيب عن ابن الأعرابي عن المفضل
وقد جمعت رواياتهم فإذا اختلفت نسبت كل مروي إلى روايه.
يستودع بيض النعام ماء في الشتاء ليشربه في الصيف:
كان
السليك بن عمير السعدي إذا كان الشتاء استودع ببيض النعام ماء السماء ثم
دفنه .. فإذا كان الصيف وانقطعت إغارة الخيل وأغار. واحتاج إلى الماء
...جاء إلى مواضع البيض ... فاستخرج البيض منها وشرب ما فيه من ماء ...
وكان أدل من قطاة - يأتي حتى يقف على البيضة .. اي انه يعرف اين دفن هذه
البيضة رغم تغير الظروف المناخية ومرور الزمن عليها ... كان لا يغير على
مضر وإنما بغير على اليمن فإذا لم يمكنه ذلك أغار على ربيعة.
صفاته:
قال المفضل عنه ..
كان السليك من أشد رجال العرب وأنكرهم وأشعرهم ... وكانت العرب تدعوه سليك
المقانب ... وكان أدل الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها وأشدهم عدواً على رجليه لا تعلق به الخيل.
وكان يقول: ((اللهم إنك تهيئ ما شئت لما شئت إذا شئت. اللهم إني لو كنت
ضعيفاً كنت عبداً ولو كنت امرأة كنت أمة. اللهم إني أعوذ بك من الخيبة فأما الهيبة فلا
هيبة.))
وهذا دليل واضح علي أنه لا يعرف معني للخوف .. أذ انه حتي بدعائه لم يطلب
من الله أزالة عامل الخوف والهيبة من نفسه وقال (( أما الهيبة ... فلا هيبة
... ))
قال أبو عبيدة:
بلغني أن السليك بن السلكة ...
رأته طلائع جيش لبكر بن وائل ... وكانوا جازوا منحدرين سرا ... ليغيروا على
بني تميم ... ولا يعلم بهم أحد فقالوا ... : إن علم السليك بنا أنذر قومه
وأفسد علينا ...
فبعثوا إليه فارسين على جوادين ... لكي يشاغلونه أو
يقبضون عليه ...فلما هايجاه وأقتربا من مكانه ... خرج يمحص كأنه ظبي ...
وطارداه سحابة يومه .. وأختفي عن الانظار .. ولم يبقي سوا تتبع أثره علي
الأرض
ثم قالا: إذا جاء الليل تعب وأعيا ... ثم سقط أو قصر وتثاقل عن
العدو فنأخذه ... فلما أصبحا وجدا أثره قد عثر بأصل شجرة ((فنزعها ))فندرت
قوسه فانحطمت فوجدا قصدة منها قد ارتزت بالأرض
فقالا : .. ما له أخزاه الله ... ما أشده ! وهما بالرجوع ... ثم قالا :.. لعل هذا كان من أول الليل
ثم فتر فتبعاه فإذا أثره متفاج قد بال فرغا في الأرض وخدها فقالا :.. ما له قاتله
الله
ما أشد متنه ! والله لا نتبعه أبداً فانصرفا... ونمى سليكا بهذه الأخبار
إلى قومه ... وأنذرهم بها فكذبوه لبعد الغاية ... فأنشأ يقول
.. أنظروا ياأخوان الي هذه الأبيات الجميلة .. التي يحاور السليك بها قومه .. بعد تكذيبهم له ...
يقول ...
لعمرك ما ساعيت من سعى عاجـز00000ولا أنا بالـواني ففيـم أكذب
ثكلتـكما إن لـم أكـن قـد رأيــتـها000كراديس يهديها إلى الحي موكب
كراديس فيها الحوف_زان وقـومه00000 فوارس همام متى يدع يركبوا
تفاقـدتـم هـل أنـكرن مـغـيرة000000مع الصبح يهديهـن أشـقر مغـرب
يعني الحوفزان بن شريك الشيباني
تفاقدتم: يدعو عليهم بالتفاقد. قال وجاء الجيش واحتطمهم
لماذا لقب بـ(( سليك المقانب))... ؟
المقانب هي الذئاب الضارية المتوحشة.. وقد أردف هذا اللقب بأسم السليك .. نظرا لسلوكه المعتمد علي القسوة والضراوة ..
قال
في ذلك فرار الأسدي - وكان قد وجد قوماً يتحدثون إلى امرأته من بني عمها
... فعقرها بالسيف فطلبه بنو عمها فهرب ولم يقدروا عليه - فقال في ذلك:
لزوار ليلى منكم آل برثن 000على الهول أمضي من سليك المقانب
يزورونها ولا أزور نساءهما00000 لهـفى لأولاد الإمــاء الحــــواطــــب
(( فكيهة))امراة تجير سليك !!!
وهي واحدة من ثلاث نسوة يسمون بالوافيات .... ما رأيكم لو نتكلم قليلا عن الوافيات قبل ان نستكمل الحديث عن السليك ..
حسنا ...
الوافيات في الجاهلية ثلاث خماعة بنت عوف الشيباني ... وفكيهة من بني قيس بن ثعلبه
وأم جميل من دوس ... وهم رهط أبي هريرة من أهل السراة.
وكان
الذي ذكر من وفاء خماعة ... أن مروان بن زنباع بن جذيمة العبسي أغار على
إبل لعمرو بن هند فطلب حتى انتهى إلى ماء لبنى شيبان ... فنظر إلى أعظمها
قبة فولجها ... وهي قبة خماعة فاستجارها ... فنادت في أهل بيتها فجاءوا
وجاء الملك عمرو بن هند
فقال: ادفعوا إلي ..
فقالوا : إن خماعة قد أجارته ...
فقال : قد أجارته ..؟!!
قال: فأني قد آليت أن لا أقلع عنه حتى يضع يده في يدي
فقال أبوها عوف بن محلم : يضع يده في يدي وأضع يدي في يدك تبر يمينك ...؟
قال: نعم
ففعل ... فزعمت بكر بن وائل أن الملك قال يومئذ: لا حر بوادى عوف ... وتأويل ذلك .. هو (( أن العزيز به والذليل سواء ))
وكان الذي شهر ذكر وفاء أم جميل
أن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي قتل أبا أزيهر الزهراني من أزد
شنوءة وكان صهر أبي سفيان بن حرب فلما بلغ ذلك قومه بالسراة وثبوا على ((ضرار بن
الخطاب ابن مرداس الفهري)) ليقتلوه ... فسعى حتى دخل بيت أم جميل وعاذ بها فضربه رجل
منهم ... فوقع ذباب السيف على الباب ... وقامت في وجوههم فذبتهم عنه ونادت قومها فمنعوه
لها
ولما
قام عمر بن الخطاب ... ظنت أنه أخوه فأتته بالمدينة ... فلما انتسبت عرف
القصة فقال: إني لست بأخيه إلا في الإسلام ... وقد عرفنا منتك عليه فأعطاها
على أنها إبنة سبيل.
نرجع مرة اخري لأكمال حديثنا عن الشاعر سليك ...
وكان
الذي ذكر من وفاء فكيهة ... أن السليك ابن السلكة غزا بكر ابن وائل فلم
يجد غفلة ... فكان ينتظر بها فرأوا أثر قدم لم يعرفوها فقالوا : .. والله
إن هذا لأثر رجل يرد الماء ... ما نعرفه فاقعدوا له وأمهلوه حتى يروى ...
فإذا روى فشدوا ...
ففعلوا فورد عندما قام قائم الظهيرة ... حتى امتلأ وجعل يصب الماء على رأسه
ووجهه ... ففاعوا به فأثقله بطنه فعدى حتى ولج قبة فكيهة فاستجارها فأدخلته تحت درعها
وجاءوا يطـلونه فذبت عنه حتى انتزعوا خمارها ... ونادت إخوتها وولدها فجاءوا عشرة
فمنعوه ... قال: وسمعت سنبلاً يقول: إن سليكاً كان يقول: ((كأنى أجد سبد شعرها على ظهري ))
حين أدخلتني تحت درعها ... وقال سليك:
لعـمر أبيـك والأنباء تـنمى00لنعم الجار أخت بني عوارا
من الخفرات لم تفضح أباها00ولم ترفع لأسـرتها شنارا
كما ان السليك كان له قصيدة ... ذكر فيها أنه التقى بالغول وصارجاراً للغيلان ... وقد وصف حاله معها ... حيث قال:
وأدهم قد جبت جلبابه كما 00احـتابت الكاعـب الخيعلا
إلى أنسحدا الصبح اثناءه 00000ومـزق جـلبابه الأليلا
عـلى شــيـم نار تـنورتـها0000فـبت لها مـدبراً مـقـبلا
فأصبحت والغول لي جارة0000فيا جارتا أنت ما أهـولا
وطالبتُـها بعضـها فالتـوت 000بوجـه تهـول فاسـتهـولا
وهي قصيدة ذكرها (( ابن قتيبة)) ... وقد اكتفيت منها بالأبيات المتقدمة.
وفاته
بقي ان تعرف ان قاتل السليك بن السلكة يسمى (( أسد بن مدرك الخثعمي))
وقيل ((يزيد بن رويم الذهلي الشيباني)) توفي قبل قرابة الخمسة عشر عاما ... من بدأ الرسالة المحمدية .. سنة 605 م
وبوفاته انطوت هذه الصفحة