عند تناول بذورها أو تناول الزيت النباتي المستخلص منها فإن عباد الشمس أو «زهرة الشمس»، الصفراء اللون والكبيرة الحجم، تقدم لنا طعاما طبيعيا غنيا بالعناصر الغذائية الصحية. وبذور زهرة الشمس حاضرة اليوم مع تنامي التوجه الصحي الغذائي نحو توزيع وجبات الطعام اليومي إلى ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين «سناك» خفيفتين، في ما بين تلك الوجبات الرئيسية، مما يجعل من المفيد تناول كمية قليلة، بحجم ما يملأ الكف، من تلك البذور العامرة بالفيتامينات والمعادن والفوائد الصحية.
وزيت زهرة الشمس حاضر أيضا مع تنامي التوجيه الصحي الغذائي نحو اختيار أنواع نباتية غير مشبعة من الدهون وتقليل الاعتماد على الشحوم الحيوانية التي يتسبب الإكثار من تناولها بالضرر على صحة شرايين القلب والدماغ وبقية الجسم. والعرض الصحافي الطبي لأمثلة من نوعية بذور زهرة الشمس، هو مراجعة تطبيقية كذلك للكثير من المعلومات الطبية حول العديد من الفيتامينات والمعادن والدهون والعناصر الغذائية.
* قيمة غذائية عالية
* الفوائد الصحية المحتملة لتناول بذور زهرة الشمس، منبعها نتائج تحليل محتواها من المعادن والفيتامينات، وأيضا تلك النوعية الصحية للدهون والبروتينات والسكريات المتوفرة فيها. ووفق ما تشير إليه إصدارات وزارة الزراعة بالولايات المتحدة، فإن التحليل الكيميائي لكمية 100 غرام من « لبّ» البذور المقشرة لزهرة الشمس يحتوي على حوالي 570 كالورى (سعر حراري).
وهذا المحتوى العالي جدا من الطاقة في تلك الكمية، التي تملأ حوالي ثلاثة أرباع الكوب، سببه احتواؤها على حوالي 47 غراما من الزيوت النباتية الطبيعية و18 غراما من السكريات، و22 غراما من البروتينات.
وبتناول أحدنا، في وجبة خفيفة، لكمية بحجم ربع كوب من «لب» تلك البذور المقشرة، أي بوزن حوالي 36 غراما أو ما يملأ حجم الكف، فإن كمية الطاقة التي سينالها هي حوالي 200 كالورى (سعر حراري). وتكون كمية الدهون فيها حوالي 15 غراما. وكمية البروتينات 7 غرامات، وكمية السكريات 6 غرامات، منها 4 غرامات ألياف نباتية مفيدة.
وبتحليل أنواع الدهون تلك نجد أن كمية الدهون العديدة غير المشبعة هي حوالي 10.5 غرام، والدهون الأحادية غير المشبعة هي حوالي 3.5 غرام، والدهون المشبعة حوالي 1 غرام.
وتمد تلك الكمية من «لب» بذور زهرة الشمس، الجسم بحاجته اليومية من فيتامين إي E بنسبة 91%. ومن فيتامين بي-1 B1 بنسبة 60%. ومن فيتامين بي-5 B5 بنسبة 45%. ومن الفسفور والمنغنيز والمغنيسيوم والنحاس والسيلينيوم بنسبة 35%. ومن مادة «تريبتوفان» بنسبة 32%. ومن فيتامين «فولييت» بنسبة 25%. ومن الزنك والحديد وفيتامين بي-6 B6 بنسبة 20% لكل منهم. إضافة إلى 100 مللي غرام من مواد فايتوستيرول.
وما يطرح فائدة تناول لب بذور زهرة الشمس، كـ«وجبة خفيفة» أو إضافة للسلطة والخبز، على صحة القلب هو خمسة عناصر غذائية متوفرة بغزارة في تلك البذور. وهي: الكمية العالية من فيتامين إي E الطبيعي، والزيوت النباتية الطبيعية والطازجة من النوعية «غير المشبعة»، والألياف النباتية، ومعدن المغنيسيوم، ومواد فايتوستيرول. وهي مواد تعمل على «معادلة وإلغاء وتخفيف» التأثيرات الصحية الضارة لعناصر أخرى قد نتناولها في أغذيتنا الأخرى.
* فيتامين إي
* وحينما نتناول فيتامين إي E الطبيعي، أي غير الدوائي الصناعي، فإنه ينتشر في أرجاء الجسم ليعمل كمادة «مضادة للأكسدة». ومضادات الأكسدة بالأصل تقوم بتعطيل نشاط نوعية من المواد الضارة، المسماة «الجذور الحرة». ومعلوم أن الجذور الحرة تنتج عن عمليات إنتاج خلايا الجسم للطاقة، ولها تفاعلات سلبية مع الجزيئات والتراكيب المحتوية على الدهون والكولسترول، كجدران الخلايا وخلايا الدماغ. ولذا فإن فيتامين إي E يعمل من جانب كعنصر مضاد للالتهابات والتغيرات الخلوية التي تحفز حصولها الجذور الحرة، وهذا ما يخفف من أعراض الربو والتهابات المفاصل ونشوء الحالات السرطانية في الأمعاء وشيخوخة الجلد والإصابة بالسكري وغيرها. كما تعمل مضادات الأكسدة من جانب آخر على الوقاية وعلى تخفيف حدة أمراض الشرايين القلبية والدماغية. والآلية الأهم لفيتامين إي E في هذا الأمر هي منع الجذور الحرة من إتمام عملية أكسدة الكولسترول المترسب داخل جدران الشرايين. ومعلوم أن عملية الأكسدة هذه هي العامل الذي يثبت التراكم المرضي للكولسترول في جدران الشرايين القلبية والدماغية، مما يؤدي إلى ارتفاع احتمالات حصول تضيقات مهمة في مجاري الشرايين، وبالتالي ارتفاع احتمالات الإصابة بالذبحة الصدرية ونوبة الجلطة القلبية والسكتة الدماغية. وكمية ربع كوب من بذور زهرة الشمس تقدم للجسم 91% من الحاجة اليومية لهذا الفيتامين المهم.
وكانت المحاولات الطبية لاستثمار هذه الفائدة القلبية قد فشلت حينما تم التوجه نحو الحبوب الدوائية العالية المحتوى من فيتامين إي E الصناعي. وتبين أن تناول تلك الكميات العالية من فيتامين إي الدوائي ضارة بالقلب. وفي المقابل لا تزال تتوالى نتائج الدراسات التي أثبتت جدوى تناول المنتجات النباتية الطبيعية، والمحتوية على كميات معتدلة من فيتامين إي E الطبيعي، في تقليل الإصابات بأمراض شرايين القلب.
* المغنيسيوم والقلب
* وتعتبر بذور زهرة الشمس مصدر غني بمعدن المغنيسيوم. ووفق نتائج العديد من الدراسات الطبية، فإن هذا المعدن مفيد في تقليل تهيج نوبات الربو، وفي خفض مقدار ضغط الدم، وتقليل تكرار الإصابة بنوبات الصداع النصفي(الشقيقة)، والأهم تقليل نسبة الإصابات بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. إضافة إلى الدور الصحي لمعدن المغنيسيوم في تحسين بنية العظم وقدرات إنتاج الجسم للطاقة. ولا ننسى أن ثلثي المغنيسيوم الموجود في الجسم هو بالفعل في أنسجة العظم.
وبشكل أدق في الحديث، يعمل معدن المغنيسيوم ضمن ما يعرف بعملية «توازن المواجهة» في ما بينه وبين الكالسيوم. وهو التوازن الذي يضبط وينظم نشاط الخلايا العصبية والخلايا العضلية. ومعلوم أن دخول معدن الكالسيوم إلى الخلايا العصبية ينشطها بدرجة قد تصل إلى حد التوتر. وما يقوم المغنيسيوم به هو «حصر» حرية دخول الكالسيوم إلى داخل تلك الخلايا، ومن ثم تخفيف تأثيره الضار عليها. وبالتالي تهدأ الأعصاب التي تغذي عضلات الشرايين والعضلات المغلفة للشعب الهوائية في الرئة، وتسترخي عضلات الجسم أيا كان موقعها. ويشار طبيا إلى أن نقص المغنيسيوم في الجسم، عند قلة تناوله من الغذاء، يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ونوبات الشد العضلي في عضلات الأطراف وعضلات القلب والشرايين والشعب الهوائية. وما يقدمه لنا تناول ربع كوب من لب بذور زهرة الشمس هو حوالي 35% من حاجة أجسامنا اليومية لهذا المعدن «النفيس» صحيا.
* فايتوستيرول والكولسترول
* ومواد فايتوستيرول Phytosterols، عبارة عن مركبات «فريدة» لا توجد إلا في النباتات، وتعمل كمضادات طبيعية للكولسترول. ومعلوم أن مادة الكولسترول لا توجد إلا في المنتجات الغذائية الحيوانية المصدر، ولا توجد في أي منتج نباتي ولا في أي زيت نباتي على الإطلاق. وما هو موجود في النباتات ومنتجاتها هو مادة أخرى شبيهة التركيب بالكولسترول ومعاكسة له في عمله، وهي مواد فايتوستيرول. ولذا إذا احتوى غذاؤنا على منتجات نباتية غنية بمواد فايتوستيرول فإنه سيقدم لنا خدمة جليلة، وهي مقاومة وإعاقة امتصاص الأمعاء للكولسترول. وتحوي الإرشادات الطبية للجنة الخبراء في البرنامج القومي الأميركي للتثقيف بالكولسترول، والذي تتبناه رابطة القلب الأميركية كنهج في التعامل الطبي مع مشكلة الكولسترول، يتضمن النصح بتناول كمية 2 غرام في اليوم من هذه المواد الطبيعية المخففة لنسبة الكولسترول بالجسم. وتوجد أنواع من منتجات عصير البرتقال وغيره بالأسواق العالمية، معززة بمواد فايتوستيرول. كما تطرح اليوم في الأوساط العلمية، وبشكل جدي، جدوى هذه المواد في تقليل الإصابات السرطانية.
وكان الباحثون السويديون هم أول من اكتشف جدوى هذه المواد النباتية الطبيعية في خفض الكولسترول، واستخلصوها في البدايات من أشجار الصنوبر.
ثم توالت الاكتشافات لها في المنتجات النباتية الأخرى. ووفق ما أشار إليه الباحثون من الولايات المتحدة ضمن عدد نوفمبر 2005 من المجلة الأميركية للزراعة وكيمياء الأطعمة فإن أغنى مصادر مواد فايتوستيرول هي بذور السمسم Sesame seeds ثم الفستق الحلبي pistachios ثم بذور زهرة الشمس ثم بذور القرع pumpkin seeds ثم اللوز ثم المكسرات البرازيلية Brazil nuts. وإذا ما اجتمع في المنتج النباتي مواد فايتوستيرول وألياف نباتية ودهون غير مشبعة، فإن هذه ثلاثة عوامل ثابتة الفائدة في تخفيف نسبة الكولسترول بالجسم دون أدنى شك طبي. وهذا بالضبط ما هو موجود في بذور زهرة الشمس.
* ربع كوب من بذور زهرة الشمس.. كميات عالية من المعادن والفيتامينات
* قد يستغرب البعض ما تذكره المصادر العلمية حول الكميات العالية من الفيتامينات والمعادن المتوفرة في بذور زهرة الشمس، ولكنها هي الحقيقة. وعند تحليل المحتوى العناصر الغذائية في كمية ربع كوب من «لبّ» بذور زهرة الشمس، أي الفيتامينات والمعادن، ومقارنتها مع نسبة الحاجة اليومية منها للإنسان المتوسط العمر، ما بين 25 و50 سنة، نجد أنها تحتوي على مجموعة مهمة من المعادن والفيتامينات.
وسنذكر الكمية بالمليغرام، أو بالغرام، وبين قوسين ما تعنيه تلك الكمية بالنسبة لحاجة الجسم اليومية من ذلك العنصر:
* كمية 19 مليغرام من فيتامين إي E 91%)).
* كمية 0.85 مليغرام من فيتامين بي-1 B1، أو ما يعرف بفيتامين ثيامين (60%).
* كمية 3 مليغرامات من فيتامين بي-5 B5، أو ما يعرف بـ «حمض بانتوثينيك»، (45%).
* كمية 250 مليغراما من الفسفور (35%).
* كمية 0.75 مليغرام من معدن المنغنيز (35%).
* كمية 130 مليغراما من معدن المغنيسيوم (35%).
* كمية 0.60 مليغرام من معدن النحاس (35%).
* كمية 22 مليغراما من معدن السيلينيوم (35%).
* كمية 0.1 غرام من مادة «تريبتوفان»، وهي حمض أميني بروتيني، (32%).
* كمية 85 مليغراما من فيتامين بي-9 B9، أو ما يعرف بفيتامين «فولييت»، (25%).
* كمية 5.5 مليغرام من معدن الزنك (20%).
* كمية 0.25 مليغرام من فيتامين بي- 6 (B6 (%20.
* كمية 2.5 ملي رام من الحديد (20%).
* كمية 1.5 مليغرام من فيتامين بي-3 B3، أو ما يعرف بفيتامين «نياسين»، (10%).
* كمية 38 مليغراما من الكالسيوم، وكمية 250 مليغراما من البوتاسيوم، وكمية 0.1 مليغرام من فيتامين بي-2 B2، المحققة لنسبة 3% من الحاجة اليومية لكل من تلك المعادن والفيتامينات.
* كمية أقل من 1 مليغرام من معدن الصوديوم، أي أقل بكثير من 1% من الحد الأعلى المسموح تناوله يوميا من ذلك المعدن المفيد تقليل تناوله.
منقول